مثّل رمضان 1956 محطة هامة في مسيرة الفنانة الكبيرة نعمة.. رمضان 1956 كان نقطة البداية لعطاء إبداعي غنائي تونسي أصيل لابنة أزمور انطلاقا من صالة الفتح بالعاصمة التي كانت الفضاء الرحب لاحتضان الأصوات الفنية الشابة والطموحة في تلك الفترة لتأسيس وتأثيث مسيرة مفعمة بالعطاء الابداعي المضمّخ بأريج الصدق والصفاء الوجداني. هي الفنانة نعمة التي انطلقت (اسمها الأصلي حليمة) في تحسس خامات صوتها من خلال الأغنية التراثية الشهيرة (صالحة) ثم (مكحول أنظاره) وغيرها من الأغاني الشعبية التي أدخلتها فيما بعد إلى أرشيف الأغنية التونسية وهي لم تتجاوز 11 سنة من عمرها في نهج الباشا كان الاستقرار ثم الزواج وهي في السادسة عشرة من عمرها وفي الأثناء كانت تغني في الأفراح العائلية وفي سرعة كبر اسمها.. وغنت لأول مرة في حفلة خيرية لفائدة جمعية المكفوفين.. وفي هذه الحفلة وقفت حليمة إلى جانب علية التي كانت تعتبر المطربة الأولى في فرقة «العصر» بقيادة الفنان حسن الغربي.. وشدت حليمة في المعهد الرشيدي وأصبحت من مطربات فرقة الرشيدية ولقبها الفنان الراحل صالح المهدي ب«نعمة» ولحن لها مجموعة من الأغاني العاطفية من ضمنها «يا ناس مكسح قلبو» و«الدنيا هانية» و«الليلة آه ياليل» كما غنت من ألحان خميس ترنان «ما أحلاها كلمة في فمي».. كانت الاذاعة تنقل كل نصف شهر حفلات الرشيدية. ومن الاذاعة كان الانتشار.. ومع الانتشار كانت الشهرة التي جعلتها تدخل الحفلات العمومية من الباب الكبير كفنانة مطلوبة من الجماهير.. هذا الانتشار السريع.. وهذه الشهرة المجنحة مهدت لها الطريق لتكون المطربة الأولى في القاعات والصالات الغنائية في سهرات رمضان انطلاقا من رمضان 1956 ليكون أول ظهور لها في إحدى السهرات الرمضانية في صالة الفتح مع فرقة نجوم المنار بقيادة الملحن رضا القلعي الذي كانت تغني له في تلك الفترة من ألحانه «حبيبي يا غالي» و«آش علينا».. وكانت سهرات صالة الفتح في 1956 تجمع بين الرقص الشرقي والشعبي والفكاهة مع حمادي الجزيري والهادي السملالي وصلحلح ومحمد المورالي.