"إعدام ميداني".. مقتل 4 علويين في ريف اللاذقية    مصرع 119 شخصا في فيضانات شرق الكونغو الديمقراطية    وزير الاقتصاد والتخطيط من صفاقس: عازمون على حلحلة المشاريع المعطّلة    القيروان تحتلّ المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج الحبوب المرويّة    الترجي يفوز بكأس الكرة الطائرة    اخبار الاتحاد المنستيري : البنزرتي يواجه اثنين من تلاميذه    في تظاهرة هي الأولى من نوعها في ولاية سوسة: «حروفية الخط العربي»من أجل تربية فنية وتعزيز الهوية    وداعا كافون    الرابطة المحترفة الثانية: (الجولة 24-الدفعة الاولى) النتائج والترتيب..    محرز الغنوشي: بين 13 و 16 ماي...حالة جوّية ممطرة وإنذارية    استعدادات لموسم النقل الصيفي    هزة أرضية تضرب البحر المتوسّط    بعد وفاة صديقه ''كافون'': بلطي يُقرّر تأجيله حفله في بروكسيل    تعيين التونسي الحبيب الشريف عضوا بمجلس إدارة الكنفدرالية العالمية لأنشطة الغوص    المرض الذي عانى منه ''كافون''    تونس: هذه استعدادات وزارة النقل لضمان نجاح الموسم الصيفي    مغني الراب "كافون" في ذمة الله    عاجل : أحمد العبيدي '' كافون'' في ذمة الله    مغني الراب احمد العبيدي المعروف ب"كافون" في ذمة الله    وفاة مغني الراب التونسي "كافون" بعد صراع مع المرض    زازا : ''كافون الإنسان الطيب الى يحب الناس لكل ربي يرحمك خويا ''    القصرين: أكثر من 1400 تلميذ ينتفعون بخدمات قوافل طبية حول صحة الفم والأسنان    المهدية: فتح بحث تحقيقي في شبهة سرقة تجهيزات بمستشفى الطاهر صفر    نداء من الممرضين في تونس لتعزيز حقوقهم وتوسيع آفاقهم المهنية    اختصاصي أمراض القلب: قلة الحركة تمثل خطراً صحياً يعادل التدخين    الكاف: زيارة منتظرة لوزيري السياحة والتجهيز والإسكان    إصلاحات ثورية لتحسين خدمات تصفية الدم: نصوص قانونية و هذه التفاصيل    لهذه الأسباب اتحاد المرأة يرفض ''طلاق عدل الإشهاد''    جنيف: بكين وواشنطن على طاولة الحوار    المهدية: إيقاف 3 أعوان بمستشفى الطاهر صفر بشبهة السرقة    سليانة: الأمطار التى شهدتها الولاية مفيدة للأشجار المثمرة والزراعات الكبرى (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    حج 2025: وزير الشؤون الدينية يُشرف على يوم تدريبي لحجيج صفاقس وسيدي بوزيد    مديرة التفقدية الطبية: هناك نصوص قانونية سيتم إصدارها قريبا لتحسين الخدمات المسداة في مراكز تصفية الدم    نائب سابق بالبرلمان: وفاة مهاجر تونسي آخر في سجن إيطالي    الشكندالي: سياسة التعويل على الذات في تونس فكرة جيدة ولكن...    إنتاج الحبوب يرتفع بأكثر من 58% بفضل الظروف المناخية الملائمة    جريمة مروعة تكشف بعد 8 سنوات: قتلت زوجها ودفنته في المنزل بمساعدة أبنائها..!    وزارة التربية: فتح باب التسجيل بالسنة الأولى من التعليم الاساسي للسنة الدراسية 2026/2025    قرعة افروباسكيت 2025 : المنتخب التونسي ضمن المجموعة الثانية الى جانب مدغشقر ونيجيريا والكاميرون    الرابطة المحترفة الاولى - الرابطة تسلط عقوبة "الويكلو" بمباراتين على اتحاد بن قردان    الترجي الرياضي التونسي بطل الماسترز الدولية للسباحة للمرة الثانية على التوالي    الولايات المتحدة تعرض الوساطة بين الهند وباكستان..#خبر_عاجل    عاجل/ اصدار بطاقات ايداع بالسجن ضد 4 موظفين وأعوان بهذا المستشفى من أجل هذه التهمة..    سيدي بوزيد: اليوم وغدا انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    موعد مباراة أنس جابر في بطولة روما للتنس    تقارير عن محاولة ترحيل مهاجرين إلى ليبيا والسلطات الليبية تنفي أي تفاهمات مع واشنطن    "جيروساليم بوست": ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    الخبير الجبائي أنيس بن سعيد: لا سقف لإدخال العملة الصعبة إلى تونس للمقيمين بالخارج... والتصريح ضروري لتفادي التتبعات    باكستان تغلق مجالها الجوي لمدة 24 ساعة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: الدورة 7 لمهرجان المسرح المدرسي الناطق باللغة الفرنسية بدار الثقافة عقارب.    الاحتياطي من العملة الصعبة يبلغ 22,9 مليار دينار وتراجع بنسبة 3 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    الحكومة الألمانية الجديدة تواجه إرثاً من الصعوبات الاقتصادية    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    ملف الأسبوع: مهلكة عظيمة: لا تتتبعوا عوراتِ المسلمينَ... عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل «الشروق» العربي و الدولي (5):القذافي ... «البدوي المعدم»
نشر في الشروق يوم 22 - 05 - 2018

في كتاب «التواريخ» يخصص هيرودوت، جزءا يتناول ليبيا «، يورد فيه قصة ذات طابع رمزي تقول إن الرياح الجنوبية العاتية الآتية من عمق الصحراء الليبية، جففت جميع الآبار فتشاور أهل البلاد ، ثم زحفوا كتلة واحدة، يشنون الحرب على الرياح الجنوبية، في منابتها، في أغوار الصحراء، وكانت النتيجة أن دفنتهم تلك الرياح تحت رمالها.
الصراع مع الصحراء ورياحها طبع حياة جميع الليبيين منذ فجر التاريخ، وكان هذا الصراع حاسما في صوغ حياتهم وتاريخهم وتراثهم وانعكس الصراع على شخصياتهم، ولم يكن غريبًا أن يطلق القذافي، على نفسه «رسول الصحراء»، وأن يضع شعارًا لحكمه يقول «الخيمة تنتصر على القصر»، محاولا بذلك التعبير عن انتصار القيم البدوية البدائية على قيم المدنية والحضارة والعمران التي تميزت بها مدن الساحل الليبي، والتي كانت تقود المجتمع، وتستأثر بتقديم الطلائع المستنيرة، صاحبة المساهمات العالمية و الأدبية التي عرفتها ليبيا عبر التاريخ ، وهي الدولة التي استطاعت خلال أقل من عقدين من السنين أن تحيل صندوق الرمال الذي يسمى ليبيا إلى بلد ناهض.
ومع الولادة العسيرة للاستقلال، وفي ظروف شديدة الصعوبة والتعقيد، تم تصنيف ليبيا عند استقلالها في 24 ديسمبر 1951 كأفقر دولة في العالم، حتى أنها عجزت عن وضع ميزانية إلا بمساعدات خارجية بلغت خمسة ملايين دولار، بينما لم يكن هناك اطارات و لا عناصر مؤهلة، ولم يكن هناك ليبي واحد يحمل شهادة جامعية في الطب أو الهندسة أو المحاماة، وكانت نسبة الأمية 95 بالمائة ومجموع خريجي الجامعات 15 شخصًا، من مجموع عدد السكان، الذي كان يناهز آنذاك مليون نسمة.
في قلب هذا الصراع مع الصحراء ولد القذافي و عاش ضمن أسرة فقيرة معدمة, وكان والده يشتغل بالرعي ويكثر التنقل بين سرت ومناطق جنوب ليبيا.
وبسبب فقر أسرته, وعدم انتشار التعليم على نطاق واسع - وخاصّة خلال السنوات المبكرة من استقلال البلاد – لم يتمكن الطفل معمّر من الالتحاق بالمدرسة الابتدائية ببلدة « سرت» إلا في عام 1954.
يقول والد معمر القذافي في مقابلةٍ أجرتها معه الكاتبة الإيطالية «ميريلا بيانكو مؤلفة كتاب « القذافي رسول الصحراء «: « أرسلته إلى المدرسة، رغم ما كان ينطوي عليه ذلك من تضحيات ... لقد كنا فقراء جداً»، أما معمر القذافي نفسه فيتطرق الى ذلك بمزيد من التوضيح خلال المقابلة الصحفية التي أجراها معه كل من الدكتور أحمد صدقي الدجاني وإبراهيم الغويل ونشرت في صحف « البلاغ» الليبية و « كل شيء» اللبنانية ( العدد 894) يوم 1/9/1973 ( كان من بين الحاضرين لتلك المقابلة الرائد بشير هوادي والرائد عمر المحيشي عضوا مجلس قيادة الثورة)
ولم تكن هناك في «النجع» مدرسة.. ولكن كان هناك الفقيه يتنقل بين النجوع، فيأتي ويمكث معنا فترة.. وعلى يديه تعلمت القراءة والكتابة والأرقام, وحفظت ما تيسّر من القرآن الكريم.. ولقد تأخر دخولي للمدرسة.. ذهبت إلى سرت أوّل مرة كي أدخل، فوجدت الطلاب يمتحنون في نهاية العام.. لم نكن نعرف متى يبدأ العام الدراسي ومتى ينتهي.. وجئنا للقصر « منطقة قصر بو هادي « في المرّة الثانية, وبعنا العنز ثمّ ذهبت إلى المدرسة.. كان ذلك حوالي «[عام» 1954.. وكانت المدارس تتساهل في القبول لقلة عدد من يدرسون, وأدخلت الصفّ الثاني لمعرفتي بالقرآن».
ويصف القذافي خلال المقابلة نفسها بعض ما كان يعانيه من ازدراءٍ وسخرية داخل المدرسة: « كان حافزي على التعليم كبيراً, خاصة حين جابهني طلاب المدرسة بتعليقات يسخرون فيها من العربي القادم من البادية.. كانوا يقولون: عربي كعكاص..لبَّاس مداس, خليك من القراءة.. وامش ارعى..»
ويبدو أن معاناة التلميذ معمّر لم تكن تقتصر على ما كان يواجه من تعليقات ساخرة من بقية التلاميذ في مدرسة سرت الابتدائية، فقد كان لهذه المعاناة أوجه أخرى كشفت عنها مؤلفة كتاب» القذافي رسول الصحراء» من خلال ما نسبته إلى ابن عم معمر القذافي «مفتاح على السبيع القذافي» في وصف هذه المرحلة حيث يقول في روايته: « تعرفت على القذافي عام 1955 يومها كنا طالبين في مدرسة سرت الابتدائية، كان هو في الخامسة وكنت في السنة الثانية، كنا ثلاثة أو أربعة من البدو ينظر إلينا الباقون على أننا بؤساء, وكنا فقراء لدرجة أننا لم نكن نتناول طعاماً أثناء الاستراحة..»
ومن الواضح أنّ مأساة التلميذ معمر القذافي لم تقتصر على تأخّر التحاقه بالمدرسة الابتدائية، فقد اضطرّ إلى الانقطاع عن الدراسة أكثر من مرّة بسبب ظروف والده أو ظروف عائلته، «وسجل بالصف الثالث فترة قصيرة ليترك الدراسة من جديد مضطراً لمرافقة والدته إلى فزان.»
يحكي قذاف الدم عن عائلةالقذافي، باعتباره ابن عمه وكيف كانت نشأته منذ الصغر، وأن أسرته قد نزحت هروبا من الإيطاليين في بداية القرن الماضي إلى صحراء تشاد الجنوبية، وهو الوقت الذي لم يكن القذافي قد ولد فيه بعد، وكيف استقرت العائلة هناك في صحراء سرت الجنوبية، ثم انتقل إلى الحديث عن الفترة المبكرة من حياة القذافي والتي كان فيها طالبا، حيث انتقل إلى «سبها»؛ لاستكمال دراسته، وتحدث طويلا عن السمات الشخصية للقذافي وكيف كان خجولا، منطويا دائما على نفسه، يحب القراءة، والاستماع إلى المذياع، لاسيما إذاعة صوت العرب المصرية.
ويتحدث قذاف الدم عن القذافي في صباه حيث كان يستمع إلى العديد من حركات التحرر لاسيما المناضل الإفريقي باتريس لومومبا، الذي كان أول رئيس وزراء منتخب للكونغو أثناء الاحتلال البلجيكي لبلاده، والذي جرى إعدامه 1961، ومن هنا قاد القذافي العديد من المظاهرات مع زملائه من الطلاب ضد معسكرات الاحتلال في بلاده؛ حتى أنهم أطلقوا عليه لقب «قائد الاضطرابات».
فإلى حلقة قادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.