يرحل، لا يرحل؟ السؤال الذي يحير الجميع لم يعد مرتبطا بأزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، بل بمدى الإبقاء على الشاهد رئيسا للحكومة. أغلبية أطراف وثيقة قرطاج 2 راغبة في إقالته ولكن من هم أبرز المستفيدين والمتضررين منها؟. تونس الشروق: «تغيير الشاهد ليس الحل» ما قالته الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش ل»الشروق» أمس الأربعاء مهم جدا. فهو يعني أن هناك مشكلا أو مشاكل، وأن هناك بحثا عن الحل، وأن هناك من يحصر هذا الحل في تغيير الشاهد، وأن هذا الرأي محل خلاف. الرغبة في تغيير الشاهد يقودها اليوم حزبه نداء تونس وتحديدا إدارة الحزب التنفيذية، وهي رغبة قديمة ومتجددة من المدير التنفيذي حافظ قايد السبسي الذي خاب ظنه في رئيس الحكومة منذ تعيينه. فالشاهد رفض رغبة حافظ في تحمل مسؤولية حزبية كان بإمكانها أن تنفع الحزب ومديره التنفيذي، وبعدها أعلن حربا على الفساد استهدفت نداء تونس وبعض قيادييه أكثر من غيرهم من وجهة نظر ندائية قبل أن يبدأ العمل للحساب الخاص استعدادا للمواعيد الانتخابية القادمة... لهذا سيكون حافظ وأتباعه في نداء تونس أكثر المستفيدين من الإقالة لكن هناك من يشاركهم في الإستفادة: رغبة غير معلنة لم يتحدث أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ولا مساعدوه عن إقالة الشاهد بصريح العبارة بل تمحورت تصريحاتهم حول «ضخ دماء جديدة في الحكومة» ولعل الأمين العام لمساعد بوعلي المباركي كان الأكثر تلميحا للإقالة عندما تحدث مؤخرا في تصريح إعلامي عن «فشل الحكومة» وعن الشروط المطلوبة في رئيس الحكومة الجديد. ومهما يكن من أمر فإن اتحاد الشغل يبدو مستفيدا من رحيل الشاهد بعد أن خيب ظنه بتجاوزه الخطوط الحمراء مثل الرغبة في خوصصة بعض المؤسسات العمومية المتعثرة قبل أن يحرج الاتحاد في علاقته بإحدى أقوى النقابات القطاعية وهي الجامعة العامة للتعليم الثانوي. ورغم سكوت النهضة عن الخوض في الإقالة من عدمها فإنها تستفيد من وضع حد لطموحات الشاهد نحو الرئاسية القادمة رغم تصريحه قبل أشهر بترشيحه ولي نعمته «الباجي قايد السبسي» وعدم تفكيره في خوض الانتخابات. دليل على الفشل ينتمي إتحاد الأعراف إلى قائمة المتضررين من سياسة الشاهد وقد سبق لرئيسته السابقة وداد بوشماوي أن هددت بالانسحاب من وثيقة قرطاج في ردة فعل على ما أقرته الحكومة من تدابير مجحفة في حق الأعراف لإنقاذ ميزانية السنة الجارية قبل أن يخفف خليفتها سمير ماجول من حدة التوتر ويتحلى بالرصانة. ومع هذا فاتحاد الأعراف لن يخسر شيئا من رحيل الشاهد بل قد يضع حدا لخسائره. قائمة المستفيدين تتضمن أيضا الاتحاد الوطني الحر الذي عاد إلى وثيقة قرطاج وانضم إلى الترويكا الجديدة (مع النداء والنهضة) آملا في تحوير وزاري لم يعره الشاهد أدنى اهتمام، كما تتضمن أغلب أحزاب المعارضة التي تربط إقالة رئيس الحكومة بفشل منظومة الحكم والأحزاب الحاكمة. في الجهة المقابلة نجد قلة من النواب (أهمهم من كتلة النداء) تدافع بشراسة على بقاء الشاهد حرصا على مصلحة البلاد أكثر من الحرص على مصالحها أو مصالح الشاهد. تعكير الوضع لا ل»أي تغيير ولو كان طفيفا قد يمس بحكومة الوحدة الوطنية أو برئيسها في الفترة الحالية التي تمر بها البلاد» هذا ما أعلنته عضو مجلس نواب الشعب عن كتلة النداء وفاء مخلوف قبل أن تشير مؤخرا في تصريح إعلامي إلى «تبعات هذا التغيير على المستوى الوطني والدولي وعلى صورة البلاد التي يتم فيها إسقاط الحكومات وتغييرها بشكل متواصل...». البلاد متضررة من فترة حكم الشاهد بما أنه لم يجد حلولا للمشاكل الاقتصادية والسياسية التي تتخبط فيها، ومتضررة أكثر من حالة الفراغ المتواصلة منذ فتح باب المفاوضات حول وثيقة قرطاج 2 والاختلاف حول إقالة الشاهد من عدمها. لكن الإقالة قد تزيد الوضع تعكرا والأزمات شدة، لأن المشكلة ليست في الحكومات ولا في رؤسائها ولا في البرامج الحكومية بل في المناخ السياسي حيث تطغى الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية والحزبية على المصلحة العامة. «تغيير الشاهد ليس الحل» ما قالته قراش صحيح إذا كانت تقصد مصلحة البلاد، ولكنه حل جيد لمن له حسابات ضيقة.