في حضرة القطب التيجاني بمدينة فاس (9) في مدينة فاس كانت وصية خليله سيدي علي حرازم تلازمه، وكان يدرك أن أسرارا لا يعلمها وأسبابا يجهلها هي التي جعلته يلحّ عليه في زيارة سيدي أحمد التيجاني حال وصوله الى المغرب وقبل مباشرة مهمته في السفارة ونقل رسالة باي تونس الى سلطان المغرب. وكانت كرامات الشيخ علي حرازم حاضرة في ذهنه حين أعلمه ذات مرة بتغيّب أستاذه الشيخ وحين أشار عليه بزيارة القطب أولا حين يزور المغرب ولم تكن حكاية السفارة والزيارة مطروحة أصلا؟ والأكيد أن هذه التساؤلات التي كانت تعتمل في فكر سيدي ابراهيم وعقله كانت توفر له جزءا من الإجابة حول سبب إلحاح خليله علي حرازم عليه بزيارة سيدي أحمد التيجاني قبل إنجاز مهمته ولقاء سلطان المغرب، لكنها بكل تأكيد أيضا زادت في فضوله وتشوّقه للقاء القطب عساه يكشف خفايا وأسرار «قدرات الرجل» ويظفر بالإجابات الشافية عن أسئلة الحيرة التي كانت تلازمه منذ تعرّف الى الشيخ علي وأشار عليه بالتحول من الطريقة الشاذلية الى الطريقة التيجانية. وقف شيخنا أمام بيت القطب بحاضرة فاس، قرع الباب واستأذن في الدخول للقاء صاحب البيت، سألته الخادم بكل ثقة في الإجابة: هل أنت ابراهيم الرياحي التونسي فقال لها نعم. وأمام ذهوله كيف عرفت بهوية الطارق وبخبر مجيئه الى المغرب؟ سارعت بإبلاغه ب«أن الشيخ أخبر بمجيئك وأذن بإدخالك من غير استئذان»، عندما دخل كان الشيخ التيجاني في الخلوة وكان بالداخل بعض المشائخ ممّن فازوا بصحبة الشيخ. شرب كأس لبن الى أن خرج الشيخ من خلوته وأقبل عليه ليخبره بوفاة شيخه صالح الكواش وأنه كان في جنازته بطريق الكرامة إذ أن الشيخ التيجاني كان في فاس بالمغرب والشيخ الكواش في تونس. وهذه كرامة أخرى ستروي ضمأ الشيخ إبراهيم الرياحي وتؤجج فضوله لإدراك أسرار القطب وعظمة الكرامات التي بلغها بالإيمان وبطاعة اللّه وبالتبحّر في العلوم والإغراق في الدعاء وذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. بعد أن ارتوى سيدي ابراهيم الرياحي من نبع البركات التيجانية تحول للقاء السلطان سليمان وتقديم طلب الغوث الذي أرسله حمودة باشا. قصة هذا اللقاء نعرضها في العدد القادم. فإلى حلقة أخرى