للوقت ثلاثَ خصائصَ تجب معرفتها وإدراكها: اولها سرعة انقضائه: فهو يمرُّ سريعاً كلمح البصر؛ سواءٌ كان زمنَ مسرَّةٍ وفرَحٍ، أم كان زمنَ اكتئابٍ وترَحٍ. ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة فهو قصير كما جاء في قوله تعالى {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (المؤمنون 112... 115) وقال تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ} (يونس 45). وثانيها أنّ ما مضى منه لا يعود ولا يعوَّض: فكلُّ لحظة مرَّتْ، وكلُّ ساعة انقضتْ ليس في الإمكان ردُّها، ومن ثمَّ لا يمكن تعويضُها؛ وهذا ما عبّر عنه الحسن البصريُّ رحمه الله بقوله: ما من يومٍ ينشقُّ فجرُه إلَّا ويقولُ: يا ابنَ آدمَ أنا يومٌ جديدٌ، وعلى عملِك شهيدٌ؛ فاغتنمني فإنِّي لَا أعودُ إلى قيامِ السَّاعةِ. قال تعالى {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون} (المؤمنون 99 و100) عندها يندم ويقول {يا لتني قدمت لحياتي} (الفجر 24). وثالثها أنّه أغلى ما يملك الإنسان: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ. (رواه الحاكم في المستدرك وصحّحه) قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شي من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة. وعن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشركم من طال عمره، وساء عمله. (رواه أحمد والترمذي). فينبغي على العبد أن يعمُر وقتَه فيما يقرِّبه من خالقه، ويعينه على صلاح حاله في معاشه ومعاده، وأن يحذر من تضييع وقته فيما لا ينفعه؛ لا في دنياه، ولا في أُخراه؛ ذلك لأنّه مسؤول عن وقته يوم لقاء ربِّه؛ فقد أخرج التّرمذيّ عن أبي بَرْزَة الأسلميّ رضي الله عنه قَالَ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.