حث الله تعالى على الخوف والخشية منه في ايات كثيرة مثل :قوله تعالى: {وَخَافُونِ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . "ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية، والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغنى" . إن من أعظم المهمات التي بعث لأجلها النبي تزكية النفوس وتطهيرها، كما قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2]. وقد جعل الله تعالى فلاح العبد منوطًا بتزكية نفسه، فقال سبحانه وتعالى بعد أحد عشر قسمًا متواليًا: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:9، 10]. ومما لا شك فيه أن من أهم الوسائل لتزكية النفوس هو تربيتها على الخوف من الله عز وجل. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} منزلة الخوف، وهي من أجلِّ منازل الطريق، وأنفعها للقلب، وهي فرض على كل أحد". ولما احتضر سفيان الثوري - رحمه الله - بكى بكاءً شديدًا. فقيل له: عليك بالرجاء؛ فإن عفو الله أعظم من ذنوبك. فقال: أو على ذنوبي أبكي؟! لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا. وهذا من اعجب ما قاله المؤمنون اذ بعلم انه مقبل على القبر وسؤال الملكين، ولا يدري أيثبت أم لا؟. ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم حين جلس شفير قبر فبكى ثم قال: "أي إخواني لمثل هذا فأعدوا". فاذا أعمل المسلم فكره في أهوال الحشر، والميزان، والصراط، وانصراف الناس إما إلى جنة وإما إلى نار استولى الخوف على قلبه فحجزه عن الكثير من المحرمات. فكل من خاف شيئًا فر منه، لكن من خاف الله فر إليه: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50]. والصيام يقوم بهذا الدور الخطير وهو تذكير المسلم بضرورة الخوف من الله وخشيته حتى ينجو من غضبه وعقابه .