الخوف من الله تعالى هو ثمرة العمل الصالح، قالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (المؤمنون 60) هو الرّجل يسرق ويزني؟ قال: لا، بل الرّجل يصوم ويتصدّق ويخاف أن لا يقبل منه. ويكون الخوف من الله تعالى تارة لمعرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وأنّه لو أهلك العالمين لم يبال ولم يمنعه مانع، فأخوف النّاس لربّه أعرفهم بنفسه وبربّه قال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (فاطر 28) ومن علم أنّ الله هو العزيز لم يذلّ خلقه، ومن علم أنّ الله جبار فلا يتطاول على حدوده، ومن علم أنّ الله هو القهار لم يقهر عباده...وتارة لكثرة اقتراف العبد للمعاصي، فيكفّ الجوارح عن المعاصي ويقيّدها بالطاعات تلافيا لما فرط واستعدادا للمستقبل. كما يكون الخوف من الله بهما جميعا، لمعرفة الله تعالى ومعرفة صفاته ولكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي.
فضل الخوف من الله
من فضل الخوف من الله أنّه: 1- صفة الأنبياء والمرسلين: قال تعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (مريم 58) ومن حديث أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلّم: أنا أخوفكم لله. (أخرجه البخاري) 2- صفة من صفات الملائكة: قال تعالى {وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (الأنبياء 28)
3- صفة من صفات المؤمنين: قال تعالى {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران 175)
4- طريق الهداية والرّحمة: قال تعالى {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (الأعراف 154)
5- طريق رضا الله: قال تعالى {جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (البينة 8)
6- من خاف الله في الدنيا أمنه الله في الآخرة: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربّ العزّة قال: وعزّتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فإن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة. (أخرجه ابن حبان في صحيحه)
7- يمكننا في الأرض: قال تعالى {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (إبراهيم 14)
8- يجعل الدعاء مستجابا: قال تعالى {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف 56)
9- ينجينا من النّار: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يلج النّار أحد بكى من خشية الله تعالى حتى يعود اللّبن في الضرع.» (أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وابن ماجه) وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عينان لا تمسهما النّار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله.
10- يظلنا الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه اجتَمَعا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا عَلَيهِ وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمال فَقَالَ إِنّي أَخافُ اللَّه ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاه. (رواه البخاري ومسلم)