نشرع بداية من هذا العدد، وعلى امتداد حلقات في تقليب صفحات من مسيرة المقاوم الخالد مصباح الجربوع الذي كان أحد أبرز المقاومين للاحتلال الفرنسي في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية وبالتحديد في ولايتي مدنين وتطاوين وكان ذلك في أواخر الخمسينات من القرن العشرين. ويعود مصباح الجربوع الى (عرش الحواية) بمدنين فهو من مواليد مكان يسمى البنية من منطقة القصيرات (جمع قصر) من معتمدية بني خداش من ولاية مدنين وهي منطقة معروف أهلها بقوة البنية والشجاعة والشهامة. ومصباح الجربوع من مواليد 1914، ومنذ نعومة أظافره كان مولعا بالصيد والقنص والرماية انخرط في العمل النقابي منذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946، وكان من المساهمين في تركيز الحركة النقابية بمدنين وتطاوين لمدة قصيرة، كما انخرط معه أخوه المناضل المرحوم علي الجربوعي الذي كان له دور كبير، شبيه بدور الشهيد مصباح في الحركة التحريرية وما بعدها. التحق مصباح الجربوع بصفوف الحزب الحرّ الدستوري التونسي الذي تأسست فيه شعب دستورية في الجنوب الشرقي أي بالمنطقة العسكرية منها شعاب غمراسن وتطاوين وبن قردان وجرجيس ومدنين وشعب عرش التوازين... وحسي عمر بمدنين. انضم مصباح الجربوع الى صفوف شعبة قصر الجوامع التي تأسست في نفس المدة وأصبح عضوا بارزا فيها ومنفذا لأوامر الحزب التي كانت تصلهم عن طريق المناضل الخالد محمد العروسي والد الوزير السابق الشاذلي العروسي، ولم تكد تندلع ثورة 18 جانفي 1952 حتى كان مصباح من أوائل الحاملين للسلاح لمواجهة الاستعمار، هو ومجموعته الاولى التي كانت تتركب من عبد الله الجليدي وميلود بن محمد البوعبيدي وسعيد فرشينة ومحمود العجيلي وغيرهم وهي مجموعة حافظت على السرية في أعمالها وعملياتها، وبدأت عملياتها بالهجوم على الثكنة العسكرية بمدنين ليلا ورمتها بالرصاص وأدخلت بذلك الهول والفزع في أوساط الجيش الفرنسي، وهي عملية فدائية حرّكت سواكن أبناء الجنوب ودفعتهم الى الثورة. ومن خلال تلك العملية الناجحة، قامت السلطات الفرنسية العسكرية بحملات تطهير ومداهمة للمشتبه بهم في تعاونهم مع «الفلاقة» وما أن وصلت الاخبار الى الجهات الفرنسية من تلك العمليات الفدائية ومنفذيها عن طريق (عملائها) حتى قامت القوات الفرنسية بإيقاف عدد من المقاومين والمجاهدين المشتبه فيهم. يتبع