اختار المقاوم مصباح الجربوع الانحياز الى الزعيم الحبيب بورقيبة في خلافه مع الزعيم صالح بن يوسف ليواصل مصباح الجربوع معارك الجلاء فحمل السلاح من جديد وشارك بصفة فعّالة في كل أطوارها متنقلا بين الحواجز التي أقامها المواطنون المتطوّعون في الطرقات لمنع القوات الفرنسية من التنقل وذلك حتى يثبتوا ويصبروا ونصب في الأثناء كمائن متعددة ومتنوعة للقوات المعادية في وادي الحلوف، وقاد معركة الحشانة سنة 1957. ما قبل معركة رمادة في حديثها عن معركة رمادة الحاسمة والتي استشهد فيها البطل المقاوم مصباح الجربوع الدكتورة فاطمة جراد في بحث تاريخي قيّم أشارت في المقدمة: أن الزعيم الحبيب بورقيبة طرح مسألة الجلاء لأول مرة في الخطاب الذي ألقاه بتطاوين بعد ثلاثة أشهر من حصول البلاد على استقلالها التام وبعد أيام من نجاحه في إخماد آخر معاقل المعارضة اليوسفية في جبال تطاوين أثناء معركتي «أقري» و«غار الجاني» في أواخر شهر ماي 1956 بدعم من سلاح الجو الفرنسي وممّا جاء في خطابه «إن الاستقلال يرمي الى إجلاء القوات الأجنبية عن أرضنا كما كان الاستقلال الداخلي يرمي الى الاستقلال التام وإن أول مسألة سنتناولها بالحديث في باريس هي مسألة جلاء القوات الأجنبية عن أرضنا..». .. وبذلك يبدو أن الاستراتيجية البورقيبية كانت واضحة فيما يتعلق بالجيش الفرنسي المرابط، فقد قرر أن وجود الجيش الفرنسي على التراب التونسي لم يعد له موجب، هو قرار جاء رد وزير الخارجية الفرنسي عنه سريعا إذ صرّح أمام الجمعية الوطنية الفرنسية بأن «الجيش الفرنسي لن يخرج من تونس وأن بقاءه بها ضروري لردّ العدوان على الجزائر ولضمان أمن الفرنسيين بتونس لكن رفض الحكومة الفرنسية لهذا المبدإ لم يثن بورقيبة عن التعبير أكثر من مرة على أن تونس لن تسمح بأن تتخذ فرنسا من أرضها قاعدة انطلاق تساعدها على كسب الحرب الدائرة بينها وبين الجزائر وإزداد تمسك الدولة التونسية بإجلاء الجيش الفرنسي عن التراب التونسي بعد تأكد محدودية هذه السيادة وإصرار القوات الفرنسية المرابطة بالبلاد على تجاهلها واعتداءاتها المتكررة على حرمة التراب التونسي منذ شهر ماي 1957 وما أدت اليه من خسائر مادية وبشرية واختطاف بعض المواطنين في المناطق الحدودية مع الجزائر حيث كانت تنشط جبهة التحرير الوطني الجزائري. يتبع