شنُوّا صار؟ علاش تقرّر فرض ترخيص مسبق لكلّ طبيب قبل الظهور الإعلامي؟    مصالح الحماية المدنية تقوم ب 427 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل: شركة إعلامية ترفض تغطية أيّ نشاط يخصّ مشاهير السوشيال والتيك توك    عام 2026: شوف رسائل التهاني بين التوانسة    السنغال تتصدر المجموعة الرابعة بكأس الأمم الأفريقية رغم طرد كوليبالي    عاجل : مباريات المنتخبات العربية في كان 2025...وقتاش و فين؟    علاش العالم الكل ما يحتفلش برأس السنة نهار 1 جانفي؟    يهمّ التوانسة: المتحوّر ''K'' لا علاقة له بفيروس كورونا    البنك المركزي يقرر التخفيض في نسبة الفائدة المديرية إلى 7 بالمائة    ياسمين الحمامات: استعدادات مكثفة لتأمين عطلة رأس السنة وتوقعات باستقبال 12 ألف زائر    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مباريات اليوم الاربعاء    عاجل : كل ماتحب تعرفوا على ماتش تونس ضد مالي في ثمن نهائي كان 2025    توقيت استثنائي لعمل الهياكل التجارية للبريد التونسي اليوم الاربعاء 31 ديسمبر 2025    عاجل/ فاجعة في الهند..وهذه حصيلة الجرحى..    بلغاريا تستعد لاعتماد اليورو بعد 20 عاما على انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي    لماذا تعلق الأغاني في أذهاننا؟ العلم يفسّر 'دودة الأذن'    سرقة القرن في ألمانيا.. 30 مليون يورو تختفي من خزائن بنك..ما القصة؟!..    زيلينسكي مستعد للقاء بوتين "بأي شكل".. ويريد نشر قوات أمريكية ببلاده    وزارة الفلاحة تحذر المسافرين من نقل النباتات أو المنتجات النباتية في الأمتعة... التفاصيل    طقس اليوم: أمطار رعدية ورياح قوية    نهاية حقبة الرسائل الورقية.. الدنمارك أول دولة أوروبية توقف البريد العام    تركيا تستعين بألمانيا في التحقيق بتحطّم طائرة رئيس الأركان الليبي    مجلس الوزراء السعودي: نأمل أن تستجيب الإمارات لطلب اليمن خروج قواتها من البلاد خلال 24 ساعة    الترفيع في السعر المرجعي لزيت الزيتون البكر الممتاز    "كان" المغرب 2025.. برنامج مواجهات ثمن النهائي    مهرجان المسرح الكوني للطفل بباب سويقة...إقبال كبير للجمهور في الدورة 19    أخبار المال والأعمال    أولا وأخيرا .. بو كبّوس و بو برطلّة    عاجل/ تأييد الحكم بالسجن ضد عبير موسي في هذه القضية..    المعهد الوطني للرصد الجوي: خريف 2025 أكثر دفئًا من المعدّل لكنه أقل حرارة مقارنة بالفصول السابقة    الليلة: أمطار مع رياح قوية بهذه الجهات    جدل رياضي: الاتحاد المنستيري يفضح اعتداء بعد مباراة مثيرة    سلسلة عروض جديدة لمسرحيات "جاكراندا" و"الهاربات" و"كيما اليوم" مطلع العام الجديد    مختصّة في طبّ الشيخوخة: عزلة كبار السنّ خطر رئيسي يرفع نسب الاكتئاب والوفيات المبكرة لديهم    قابس: نسبة إشغال الوحدات السياحية بطماطة وتوجان وتمزرط تتخطّى ال90 بالمائة بمناسبة العطلة المدرسية ورأس السنة الادارية    وليد الركراكي: "من الآن فصاعدا كل المباريات ستكون بمثابة نهائي"    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على افتتاح حديقة سيدي بويحيى برادس    عمادة الأطباء تشدد على ضرورة الحصول الأطباء على ترخيص مسبق قبل أي ظهور إعلامي    زغوان: حجز580 كلغ من العسل وأكثر من 700 كلغ من المرطبات    زياد دبّار: قطاع الصحافة في تونس منكوب اقتصاديّا و80 بالمائة من المؤسسات مهدّدة بالغلق    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    هل تحارب الفوترة الإلكترونية الاقتصاد الموازي أم تعمّق أزمة المؤسسات؟    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    عاجل/ في أول تصريح لها: والدة الطفلة التي دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير تكشف..    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    عاجل/ التشكيلة المنتظرة للمنتخب في مباراته ضد تنزانيا..    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    عاجل/ خلال لقائه وزير الفلاحة ومدير ديوان الزيت: رئيس الدولة يدعو للتصدي لهؤلاء..    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم تحتفل تونس بالذكرى 46 للجلاء: أشغال قاعدة بنزرت الجويّة أطلقت الشرارة الأولى
نشر في الشروق يوم 15 - 10 - 2009

إن استقلال بلادنا وسلامة ترابنا ومناعة وطننا وتقدم شعبنا هي مسؤولية كل التونسيين وحب الوطن والذود عنه والرفع من شأنه واجب مقدس على كل مواطن.
(من بيان السابع من نوفمبر 1987)
في تاريخ الشعب التونسي، على مر القرون والأعوام، فترات نضالية رائعة، وملاحم بطولية لا نظير لها، وأطوار عجيبة دلت على ذكاء أبناء هذه البلاد وزعمائها ومقاوميها وأحزابها وهياكلها، ومن هذه الفترات، مراحل الكفاح التحريري ضد الاحتلال الفرنسي من سنة 1881 الى سنة 1956، وأطوار معركة الجلاء التي دامت سنوات من يوم الاستقلال الى إجلاء آخر جندي فرنسي عن تراب الوطن يوم 15 أكتوبر 1963.
في هذا اليوم الأغر ينبغي التأكيد ان جلاء القوات الفرنسية عن أرضنا كان من أسمى الأهداف التي رسمتها الحكومة التونسية عند نيل الاستقلال في 20 مارس 1956، فقد صرح أكثر من مرة، في العام نفسه (أي سنة 1956)، أنه لا يمكن أن يكون الاستقلال حقيقيا ما دامت قوات اجنبية لا زالت تحتل مراكز ومواقع في البلاد، كما أن الاتفاق الذي تم بين حكومة الاستقلال وفرنسا في شأن الجلاء توجد به فقرة هامة تتعهد فيها فرنسا بأنها لن تبقي جنديا واحدا في تونس، لذلك كان هذا الموضوع الشغل الشاغل لبورقيبة الذي يؤمن بسياسة المراحل يذكر به الطرف المقابل حتى يوفي بإلتزاماته وتعهداته حتى جاءت الفرصة التي اعتبرتها تونس سانحة لتبدأ فعلا معركة الجلاء، وذلك يوم 8 فيفري 1958 الذي شنت فيه طائرات الجيش الفرنسي المرابطة قرب الحدود التونسية الجزائرية هجوما جويا عنيفا على قرية ساقية سيدي يوسف باستعمالها احدى عشرة طائرة «ب 26» وست طائرات «كورسار» وثماني طائرات «مسترال» رمت بقذائفها وقنابلها على أبناء الشعبين التونسي والجزائري الموجودين في صبيحة ذلك اليوم، بسوق أسبوعية مخلفة تسعة وسبعين قتيلا من أبناء وبنات تونس والجزائر منهم عشرون طفلا واحدى عشرة امرأة، ومائة وثلاثون جريحا، الى جانب الدمار الذي ألحقته تلك الطائرات المقاتلة بمدرسة القرية، ومركز الجمارك وبمركز الشرطة وبدكاكين المواطنين العزل، وكذلك بسيارات الصليب الاحمر الدولي التي جاءت تقدم الدعم والعون الانساني على الشريط الحدودي لأبناء الشعب الجزائري الشقيق وبذلك اختلط الدم التونسي الجزائري في أروع ملحمة بين الشعبين الشقيقين وتفاصيل تلك الملحمة مدونة بكتابي الجديد «ملحمة النضال التونسي الجزائري من خلال الغارة الفرنسية على ساقية سيدي يوسف».
جلاء
واغتنمت تونس تلك الفرصة لتطلع الرأي العالمي بهول الكارثة وبفظاعة ما ارتكبته الجيوش الفرنسية في حق بلادنا وذلك بفضل المبعوثين الديبلوماسيين الذين أوفدتهم تونس لاقناع الرأي العام الدولي بالقضية التونسية والتعريف بها والدفاع عنها وكسب الأنصار لها وفي طليعتهم المناضل الكبير السفير المرحوم الرشيد ادريس. أما داخل البلاد فقد خرجت المظاهرات عارمة حاشدة منادية «الجلاء! الكفاح! السلاح!» وقدمت تونس شكوى لمجلس الامن، وقطعت تونس العلاقات الديبلوماسية مع فرنسا، وغادر سفيرنا بباريس عائدا الى تونس، وأذنت الجهات التونسية للجيوش الفرنسية بالبقاء داخل ثكناتنا، ومن ذلك التاريخ بدأ الصراع قويا مرة وهادئا أخرى من كسب معركة الجلاء، فقد حدثت في الجنوب الشرقي معركة رمادة يوم 23 ماي 1958 عندما حاول الجيش الفرنسي اختراق السدود معززين بقوات الجيش التونسي المرابطة بشرقي رمادة.
وبالفعل فقد أصبحت عقارب ساعة الجلاء تدور بسرعة، وبدأ جلاء القوات الفرنسية عن التراب الوطني يتقدم شيئا فشيئا، بدءا برمادة في 3 جويلية 1958. ثم صفاقس يوم 6 جويلية 1958، تلته مغادرة الجيوش الفرنسية من ثكنة قفصة يوم 21 جويلية 1958، فقابس ومدنين يومي 30 أوت 1958 وغيرها من المدن التونسية الأخرى.
ففي أوائل شهر جويلية من سنة 1961 بلغ الى علم الحكومة التونسية ان الجيش الفرنسي المرابط في بنزرت ومناطقها المجاورة، بدأ أشغالا جديدة، ذات صبغة استراتيجية، في قاعدة بنزرت، منها ما له صلة بمسالك انطلاق الطائرات بالمطارات العسكرية، ومن خلال ذلك تبين ان فرنسا وأركان جيوشها ببلادنا تتصرف في القاعدة وكأنها (مالكة) بينما هي (حائزة ومتصرفة)، فاغتاظت الحكومة وجماهير الشعب، واعترضت الحكومة على ذلك التصرف وبادرت بمفاتحة الحكومة الفرنسية وإحاطتها علما بمجريات الأمور، ومطالبة الجيوش الفرنسية احترام سيادة تونس وأصدر مجلس الأمة لائحة تاريخية تعارض ما تقوم به القوى الفرنسية من عمل عدواني صارخ على أرضنا، وخرجت جموع أبناء الشعب في مظاهرات صاخبة يوم 6 جويلية ببنزرت ويوم 7 من نفس الشهر، وأقام المواطنون المتطوعون عدة خنادق حول القاعدة الجوية بسيدي أحمد ثم احتشدت الجماهير بالعاصمة يوم 14 جويلية 1961، فما زاد ذلك الجيش الفرنسي المتواجد ببنزرت الا تعنتا، وذلك بتعزيز جنود المظلات والطائرات والبوارج الحربية وحاملاتها إيذانا بالاعتداء على شعبنا، وهو ما تأكد من يوم 19 جويلية الى 22 جويلية في معارك القتال بين القوات الفرنسية والجيش الوطني والحرس والمتطوعين ببنزرت، وقامت القوات التونسية بتحطيم مسلك الطائرات بالقاعدة الجوية واحتلت القوات التونسية عدة مواقع انطلقت منها لمهاجمة القوات الفرنسية وقد أمطرت الطائرات الفرنسية مدينة بنزرت بوابل من القذائف (بما فيها النابالم) بصفة عشوائية، ولكن الوطنيين ظلوا صامدين وحاصروا القواعد الفرنسية ومنعوا جنودها من التحرك خارجها، كما خاض جيشنا الوطني والمجاهدون المتطوعون معارك ضد القوات الفرنسية حرب الشوارع بصمود وتضحية وسقط عشرات من الشهداء في ساحات الشرف دفاعا عن حرمة الوطن أذكر من بينهم الرائد البجاوي والملازم محمد العزيز تاج وغيرهم كثيرون.
مظاهرات عامة
كما انتظمت يوم 19 أوت 1961 مظاهرات بأكثر عدد من المواطنين،في تونس العاصمةوسوسة وصفاقس وقابس ومدنين دعما وتأييدا لمظاهرات بنزرت قدموا على اثرها لائحات غضب وسخط على وجود بقايا الجيش الفرنسي في بلادنا.
ومن ذلك اليوم بدأت عمليات الترتيب للجلاء النهائي، إذ فهمت الحكومة الفرنسية وقياداتها السياسية والعسكرية وأحزابها أن لا مكان لأي جندي فرنسي بالتراب التونسي، حتى حل يوم 15 أكتوبر 1963، يوم مغادرة آخر وحدات الجيش الفرنسي التراب التونسي، عبر بنزرت.
ولا غرابة في هذا العهد السعيد ان يقف الشعب بجميع فئاته خلف الرئيس المصلح زين العابدين بن علي في هذا اليوم الأغر لتترحم على الشهداء وتعاهد ا& والوطن على مواصلة النضال متضامنة مؤمنة برسالة التغيير المبارك لأنها تعلم علم اليقين ان لا صلاح ولا فلاح الا مع زين العابدين بن علي الذي كان وما يزال الوحيد في هذه البلاد على صنع التاريخ الحديث والتأثير في الأحداث داخل الوطن وخارجه وتوجيهها وفق إرادته لما فيه مصلحة تونس التي ما فتئ يقود سفينتها على مدى اثنين وعشرين سنة بفراسة الربان الماهر نحو شاطئ السلامة محققا الأمن والتضامن والتنمية والاستقرار حتى تبقى هذه الأرض المطهرة بدماء الشهداء حرة مستقلة وفية لمبادئها معترفةبالجميل لزعمائها وشهدائها ومناضليها ومحافظة على عهودها والتزاماتها نحو الاصدقاءوالاشقاء في البلدان المغاربية والعربية والاسلامية حريصة على نصرة قضايا العدل والحرية كلفها ذلك ما كلفها. ومناصرتها قولا وفعلا منذ سنة 1948 للقضية الفلسطينية الى يومنا الحاضر وهو ما يعترف به دوما زعماء وقادة الشقيقة فلسطين وهو ما أدّى الى انتهاك ترابها وانتهاكه من طرف سلاح الجو الاسرائيلي في غارة اسرائيلية على حمام الشط تم تنفيذها من طرف اسرائيل صباح يوم 1 أكتوبر 1985 فاختلط الدم التونسي والفلسطيني، وكأنما قدر الدم التونسي أن يختلط بدماء الأحرار في المشرق والمغرب في سبل الحق وهو شرف عظيم تعتز به تونس والتونسيون.
المنصف بن فرج
مؤلف كتاب ملحمة النضال التونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.