من منا لا يتذكر نشاط الأحزاب والجمعيات في فترة الاستعداد للانتخابات لا سيما في رمضان، مساعدات مالية وموائد إفطار وقفاف رمضانية. لكن الواقع يوحي بتبخر "اللهفة" على فعل الخير، فماذا بقي من "التضامن" في تونس اليوم؟ تونس (الشروق) من يقول رمضان، يقول شهر الرحمة والمساعدات والالتفات إلى الطبقات الضعيفة والمحتاجة. وحسب مدير المعهد الوطني للإحصاء تحتسب نسبة الفقر في تونس كل 5 سنوات، ويبلغ عدد الفقراء مليون و694. مساعدات ودولة عرفت المساعدات الاجتماعية في النظام السابق من خلال مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية واتحاد التضامن، كما برز صندوق 26-26 الذي اتهمه البعض بلعب دور سياسي لتلميع النظام السابق، لكن ورغم التشكيك الذي حدث بعد الثورة في طريقة صرف أمواله إلا أن بعض المصادر المطلعة تفيد انه تم بالفعل صرف الكثير من المساعدات وبناء منازل من هذا الصندوق. وأن الدولة كانت تشرف على التضامن وصرف أموال للمحتاجين. وأكّدت مصادر مطلعة من وزارة الشؤون الاجتماعية أن صرف المساعدات بعد الثورة لم يعد يخضع لاتجاهات سياسية أو انتماءات حيث تقوم لجان من مرشدين اجتماعيين باختيار المنتفعين بالمساعدات. ويقوم الاتحاد التونسي للتضامن بالإشراف على صرفها للمستحقين. وكان رئيس الحكومة قد أعلن أنه تم هذا العام الاستعداد اجتماعيا لشهر رمضان وتم توفير «قفّة رمضان» لفائدة 31 ألف عائلة مقابل 13 ألف عائلة رمضان الماضي. كما يتم توفير موائد إفطار في 13 ولاية وملابس العيد في آخر شهر رمضان. وقد تم الترفيع في قيمة قفة رمضان لهذه السنة من 60 دينارا الى 75 دينارا. وتفيد مصادر من وزارة الشؤون الاجتماعية أن المساعدات الاجتماعية توجه للعائلات المعوزة، وتندرج ضمن الدور الاجتماعي للدولة التي تحاول الترفيع فيها من سنة الى أخرى لفائدة هذه الفئة رغم ضعف الامكانيات وهشاشة الوضع الاقتصادي في تونس. والواضح حسب الخبراء أن الهوة واسعة بين نسبة الفقر وعدد الفقراء في الواقع وعدد المنتفعين بالمساعدات التي تظل دون المأمون وهو ما يتطلب تدخل الجمعيات وأطراف أخرى. ويذكر أن بعض المؤسسات البنكية والاقتصادية تساهم جزئيا في بعض المساعدات. تضامن «المحتاجين» يبدو أن الأطراف التي من المفروض أن تكون مسؤولة عن التضامن وتقديم المساعدات أصبحت في وضعية مالية منهكة. ف «صاحب التاج محتاج»، حسب ما وصف الدكتور في علمي الاجتماع وعلم النفس حبيب تريعة. وقال :«لم يعد للمواطن ما يعطيه، فالشعب قد تفقر، إلى درجة اندثار الطبقة الوسطى و المواطن اليوم لم يعد قادرا على العطاء.» واعتبر أنه وبالعين المجردة نلاحظ في الأسواق أن السلع موجودة والجيوب فارغة. وتحدث عن النظام القديم الذي كان له صندوق تضامن، ولكن اعتبر أن جزءا منه فقط كان يقدم للفقراء ورغم ذلك فالبلاد كانت لها روح تضامنية أما ما حدث بعد الثورة فهو أن التضامن أصبح دعاية للأنظمة والعطاء انقطع بعد 2014. وكان هناك من يعطي ويأخذ، لكن هدف الكثيرين كان استقطاب الناس والسعي للتعبئة الحزبية والسياسية، فهو تضامن وهمي وافتراضي. وكان «التضامن» عملة بوجهين لدى البعض إحداهما لفعل الخير والثانية لمصالح سياسية. أما ما حدث بعد ذلك فهو أن الاحزاب أصبحت تعي أن التونسي يمكن أن يأخذ المساعدة ثم يدير ظهره للحزب. ولم تعد المساعدات تعطى إلا للمنتمين للحزب والمقربين. وتبقى المجهودات الفردية للمساعدة هي الأساس. أما فيما يتعلق بمحدودية دور الدولة في المساعدات فيعود إلى تراجع امكانياتها ومواردها. فالدولة التي لم تعد تتحصل على المساعدات والتضامن الدولي بعد «الربيع العربي» تراجع. في المقابل لاحظ أن الجمعيات الخيرية فيها من يحاول فعلا المساعدة والعمل الخيري فمنهم من يقوم بصناعة الحلويات او التجارة او بيع منتجات لتنويع مصادر اموالها، ورغم تراجع امكانياتها فهي تحاول فعل الخير. وأصبح عدد الجمعيات محدودا بعد تصفية المشبوهة وبقي «الصحيح» ولها دور تضامني. ويبقى التضامن في تونس محدودا وبمبادرات فردية في وضع تعاني فيه الدولة ضائقة مالية و«صاحب التاج محتاج». ابراهيم الهادفي (أستاذ الفقه الإسلامي) ديننا دين تضامن يقول الكاتب العام للمجلس الأعلى الإسلامي سابقا الأستاذ ابراهيم الهادفي إن الدين الاسلامي هو دين يحث على التضامن بامتياز. وهو ما يبرز في قوله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. [سورة المائدة: 2]، ويحث الاسلام على التعاون بكل أشكاله. ويقول الرسول الكريم: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم»، فالجار له منزلة كبرى في الاسلام تضعه منزلة أحد أفراد العائلة. وتحدث الرسول عن توصية سيدنا جبريل له حتى ظن أنه سيورثه، "ما زال أخي يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". وعموما من يعمل بتعاليم الاسلام الصحيحة يسعد. وهناك أوجه عديدة للتضامن ولإخراج الأموال عبر الصدقات والزكاة التي لها ثمانية مصارف. ولو عمل المسلمون بما يوجد من روح تضامن في الدين لكانت شعوبا أرقى من الشعوب الأوروبية التي تعيش تضامنا كبيرا ناجم عن الدفاع عن الانسان. وتجوز الصدقة والتضامن والزكاة في المسلم وغير المسلم وحتى في الحيوان، فإذا قام كل بواجبه سنجد التضامن والتكافل الذين لهم أجر عظيم. أرقام ودلالات - 31 عائلة معوزة تحصلت على المساعدات - القسط الثاني من المساعدات الاجتماعية المقدمة من الاتحاد التونسي للتضامن وقدره 10 ملايين و24 ألف دينار، سيتم صرفه قبل عيد الفطر وبداية من 7 جوان 2018 لفائدة حوالي 243 ألفا و300 منتفع.