عن أَبِي هريرة عن رسولِ صلى الله عليه وسلم قَال: «إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ». هذا الحديث الشريف يكشف لنا عن بركات شهر الصيام العديدة والعظيمة منها ما ورد في هذا الحديث وما أخبر به المصطفى عليه الصلاة والسلام من أن الشياطين ومردة الجن تغلب وتغلّل في الأصفاد والسلاسل في رمضان كناية على أن الشيطان ليس له سلطان على الصائم الذي يتشبه في هذا الشهر بالملائكة الأبرار المستغرقة في الطاعة والعبادة لمولاها.والحقيقة أن الصراع بين الشيطان والإنسان قد بدأ منذ بدء الخليقة أي مع آدم وقد صوّر لنا القرآن الكريم هذا الصراع المرير في عديد الآيات كقوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ البقرة /36. ومن ذلك اليوم تكونت العداوة بين الإنسان وبين الشيطان وجاء التحذير من الله عز وجل للإنسان من عداوة الشيطان الشرسة بدافع الكبر والحسد : ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين﴾ (ص /82) .هذه هي خطة الشيطان وما رسم له من هدف ولكن رحمة الله بالإنسان كشفت عن تصميم إبليس اللعين الذي عزم على أن يأخذ نصيبا لنفسه من البشر يتولى إضلالهم عن الحق فيميت قلوبهم ويزين لهم الإثم، قال تعالى ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ (فاطر:6) إن أسلوب الشيطان في التأثير على الإنسان يتميز بالمكر والدهاء والإغواء فهو يأتي النفس من نواحيها الضعيفة ويدخل القلب من منافذ متعددة منها:المال حيث يدعوه إلى جمعه حتى ولو بالحرام ويزرع فيه الشح والبخل والكبر فيدعوه إلى ظلم الناس والاعتداء عليهم وغيرها من الطرق والأساليب. ولذا فالمطلوب من الإنسان أن يحمي نفسه من الوقوع في حبائل الشيطان باللجوء الى الله تعالى والتوكل عليه في مغالبة نفسه الأمارة بالسوء وتقوية الإيمان في القلب ومراقبة الله في السرّ والعلن وما شهر رمضان إلا محطة إيمانية أخرى أتاحها الله لنا لمقاومة إبليس ومكائده.