على بعد 40 كلم شمالي رمادة تمترس المتطوعون وقياداتهم من الجيش والحرس الوطنيين في مركزي بئر عمير وواد دكوك، ومنها تم إرسال مجموعات متفرقة من المتطوعين إلى المناطق المتاخمة لرمادة لتكوين حزام أمني على الطريق الرابطة بين رمادة وتطاوين شمالا ورمادة وبرج البوف (برج الخضراء حاليا) جنوبا في منطقتي كنبوت والبريقة وغيرهما من المناطق الواقعة على مشارف رمادة وقطع الطريق بين مقر قيادة الجيش في الثكنة والوحدة المرابطة ببرج البوف... وتقول في هذا المجال الدكتورة فاطمة جراد اعتمادا على شهادتي غرس الله المحضاوي والصادق بن بلقاسم المهداوي اللذين كانا في الصفوف الأولى للمتطوعين انطلق هذان الشاهدان مع مجموعة من المتطوعين يقودهم مصباح الجربوع من مقر ولاية مدنين إلى ثكنة تطاوين ومنها نقلوا عبر الشاحنات العسكرية إلى واد دكوك مكان مرابطة المتطوعين والقيادتين العسكرية والأمنية، ومنه تحوّلا مشيا على الأقدام إلى رمادة حيث قضوا ليلتهم في واد رمادة على مشارف القرية، وفي الصباح كلف مصباح الجربوع مجموعة من 10 أشخاص بمهمة استطلاعية في منطقتي كنبوت وكنيبيت (تصغير لكنبوت) الواقعتين على بعد حوالي 7 كلم جنوب غربي رمادة وإقامة مركز حراسة متقدم في كنبوت على الطريق الرابطة بين رمادة وبرج البوف. ويبدو أن الجيش الفرنسي المرابط بالثكنة كان أيضا متحسّبا في ظل التصعيد الذي أبدته الحكومة التونسية لمواجهات مع الجانب التونسي فقد ذكر بعض شهود العيان من داخل رمادة أن الجيش قام بحفر الخنادق وتمركز قناصة على أسطح بعض البنايات المقابلة للثكنة وقام عن طريق مضخمات الصوت بدعوة عائلات الجيش إلى الاحتماء داخل الثكنة ومنح الأمان لبقية السكان، وهو ما شكل ناقوس خطر لدى أغلب السكان ومن بينهم المعتمد فعجّلوا بمغادرة القرية نحو ذهبية وواحة العشوش وتطاوين ولم يبق في المدينة إلا قلة من السكان وبعض الموظفين الذين مكثوا في مواقع عملهم. وعلى إثر التصعيد الذي اتخذته الحكومة التونسية بعد قصف الساقية بمزيد تضييق الخناق على الجيش الفرنسي جاء رد فعل القوات الفرنسية يوم الأربعاء 19 فيفري 1958 في حركة تحد للحكومة التونسية واستعراض للقوة بمحاصرة القرية واقتحام مقر معتمدية رمادة ومركز الحرس الوطني رمزي السيادة التونسية وقطع الاتصالات الهاتفية بين رمادة ومقر الولاية بمدنين واعتقلت من فيهما. يتبع