يشهد الجميع في تونس على التدهور البيئي الكبير الذي تعيش على وقعه مختلف الجهات خلال السنوات التي اعقبت الثورة محملين المسؤولية للمواطنين وللمؤسسات وللسلطات الرسمية لعدم تطبيقها للقانون الرادع للمخالفات. تونس الشروق: خلال شهر ماي الماضي اطلق اهالي قصر اولاد دباب في تطاوين صيحة فزع لوضع حد لتراكم الفضلات وتشكل مصبّات عشوائية في الأودية طيلة الاربعة اشهر الماضية وذلك بعد امتناع اعوان النظافة عن العمل الامر الذي يهدد المنطقة بكارثة بيئية وانتشار الأوبئة والامراض. حدث هذا بعد ايام قليلة من الانتخابات البلدية التي تنافست فيها قائمات حزبيّة في اطار برامج كانت نظافة البيئة والمحيط من اوكد أولوياتها ! تدهور بيئي ذات الصيحة أطلقها اهالي القيروان مؤخرا بعد ان تراكمت الاوساخ على مدى اربعة ايام دون ان يتم رفعها من قبل اعوان النظافة. وحين اتصل المتساكنين بالمصالح البلدية يطلبون تدخلا عاجلا كانت الاجابة كالتالي «التركتور ما ينجمش باعتبار تراكم الفضلات ونحتاج الى «تراكس» لرفعها». وفي انتظار الآلة الرافعة الثقيلة سيضطر الاهالي الى الانتظار مطوّلا وسط تراكم اضافي للفضلات وفقا لما قالته الناشطة الحقوقية منيار المجبري. وتؤكد منيار ان البيئة لم تعد موضوعا ذا اولوية في تونس والمسؤولية يتحملها المواطن والدولة سويا فانتشار المصبات العشوائية داخل المدن وخارجها هو نتيجة سلوك بيئي غير سليم من قبل المواطن وهو ايضا نتيجة لعمل غير نزيه لعمّال النظافة. واشارت الى ان تراكم الفضلات جعل اهالي بعض القرى يتصرفون في طريقة التخلص منها امّا بالحرق وهذا مضر بالبيئة باعتبار الانبعاثات في الهواء او ردمها وسط حفر عميقة وهذا ايضا مضر بالبيئة. يحدث كل هذا وسط غياب كلي للسلطات البلدية واوضحت منيارة ان بانتهاء الانتخابات البلدية اختفت الاحزاب بل ان hجابات الاحزاب هي ذاتها حين تلفت نظرهم الى التدهور البيئي الا وهي «نحن الْيَوْمَ في مرحلة تغيير» طبعا في انتظار تشكل المجالس البلدية ومباشرتها لمهامها. كما لفتت منيارة النظر الى ازمة نقص مياه اشرب والذي يكون في الغالب سببا لمزيد من لتدهور البيئي قائلا «هناك نقص كبير في التزوّد بمياه الشرب في الكثير من مناطق القيروان وهناك ارتفاع في نسبة تملح بعض مناطق التزوّد بالمياه وهي نقاط مشتركة اي تزود بمياه الشرب ومياه الري على غرار النقطة المتواجدة في منطقة الكرمة بالشبيكة وهناك وجد الاهالي في اقتناء مياه الشرب من احدى السيّارات حلّا لتفادي العطش وتوفير مياه صالحة للشرب. غياب الاستراتيجية خرق القوانين التي تحمي البيئة في اكثر من منطقة دافعا للاحتجاج والاعتصام وقطع الطريق للمطالبة باحترام شروط نقل المواد الخطرة ولإجبار مصانع على احترام المعايير البيئية لحماية المتساكنين الا ان مجمل هذه الاحتجاجات لا تلاقي اي تفاعلات تذكر من قبل سلطات الجهوية والمركزية. الامر الذي جعل متابعين للشان البيئي يصفون المرحلة الحالية بانها الأسوأ بالنسبة للبيئة في تونس وذلك بسبب حالة التسيب العامة في عدم احترام الشروط البيئية لدى المؤسسات والمصانع وايضا لدى المواطنين حتى وان كان الوضع خطيرا. وفي هذا الاطار يقول رابح بن عثمان، ناشط حقوقي في الحوض المنجمي، إن الوضع البيئي خاصة في منطقة الحوض المنجمي تدهور بل واصبح كارثيا نتيجة غياب سياسة بيئية واضحة وتواصل نشاط لمجمع الكيمياوي وشركة فسفاط قفصة دون التفكير في الكلفة البيئية وهو ما اصبح له تداعيات خطيرة على المائدة المائية. واضاف ان هذه الشركات العملاقة تفتقر الى استراتيجية واضحة لحماية المحيط الييئي ودون ايجاد حل للكوارث البيئية الامر الذي تسبب في انتشار الامراض الخطيرة من ذلك الأورام الدماغية ففي الرديف لوحدها هناك حوالي 20 مصابا بالورم الديماغي. كما انه هناك مناطق تشهد على الاضرار البيئية التي لحقت المنطقة جراء نشاط الفسفاط منها منطقة تبديت وهي منطقة فلاحيّة كانت تزود الرديف بالمواد الفلاحيّة البيولوجية وكانت تسمى بام العيون في التسعينات لكنها اليوم تعاني من العطش وكذلك واحة القطار وأخيرا ما حصل من تسرب في المظيلة وإصابة الكثيرين بحالات اختناق. واضاف «نحن امام شركات لا تحترم البيئة ولا تحترم لا المعايير الدولية ولا الوطنية ففي ما يتعلق بتفجير المناجم السطحية لا يتم احترام ماهو مسموح به فتضرر منازل ومنشات من ذلك ان المعهد الثانوي في الرديف اصبحت بعض قاعات غير صالحة للتدريس». وابرز انه رغم تردّي الوضع البيئي الا ان الجهة ليس فيها وعي بيئي ولا يتم طرح المسائل البيئية بقوة ومن المنتظر ولادة تنسيقيّة بيئية في الجهة للاجتماع في شكل تنظيمي للدفاع عن الحقوق البيئية في الجهة على غرار تجارب صفاقس وقابس والمنستير فهل يكون المجتمع المدني الامل الجديد للتصدي للتدهور البيئي ؟