الاسرة هي نواة المجتمع وان كانت هذه النواة معتدلة ومتوازنة ومستقرة فإننا نضمن مجتمعا عادلا ومتوازنا ومستقرا والعكس صحيح. ولا احد ينكر ان الاسرة التونسية تعيش ضغوطات عديدة لاسباب تتعلق في جزء منها بأفراد الاسرة ذاتها والجزء الاخر بمحيط الاسرة. فالقوانين لم تنجح في تونس بعدُ في حسن تنظيم حياة الاسرة وتخفيف الضغط عنها سواء من حيث إنجاح قانون نظام العمل بنصف الوقت لدعم الرعاية بالأبناء وذلك سواء بالنسبة للمراة او للرجل وكذلك من خلال عدم تنظيم الزمن المدرسي بما يتماشى وتوقيت الوالدين وذلك لضمان التنشئة السليمة للابناء. في المقابل يتوارث الوالدين في الغالب ثقافة عدم التواصل داخل الاسرة كما يتوارثون اي كانت مستوياتهم التعليمية الثقافات الاجتماعية السائدة من ذلك تكريس عدم المساواة بين الجنسين داخل الفضاء الاسري وكذلك تكريس التمييز العنصرية والجهوية وغيرها من السلوكيات اللاإنسانية داخل الاسرة وبالتالي داخل المجتمع. ويؤكد حقوقيون على اهمية دور الاسرة في التربية على حقوق الانسان وذلك بتنشئة الطفل على مبادئ حقوقيّة ستخلق جيلا واعيا راعيا للحقوق والحريات وبالتالي تحقيق النهضة الاجتماعية المرجوة. اولى هذه الحقوق حرية التعبير وعدم ممارسة السلطة الوالدية بمفهومها التقليدي والتي تكون في الغالب عمودية يغيب عنها الحوار والتواصل. ورمضان فرصة ملائمة لحسن التواصل مع الابناء ومنحهم فرصة التعبير عن الراي في مختلف المجالات حتى في مسائل بسيطة. كما يمثل رمضان فرصة لتدريب الابناء على المساواة في الحقوق والواجبات فالمطبخ ليس حكرا على الإناث كما ان المساعدة في اعداد الطعام وتحضير المائدة وغسل الأواني بعد لإفطار ليس شانا أنثويا بامتياز وانطلاقا من رمضان سيتدرب الاطفال على المساواة ويمارسونها في حياتهم اليومية. كما يتوجب على الوالدين اعتماد خطاب حقوقي داخل الاسرة بمعنى عدم تكريس الخطاب العنيف الذي يكرس الميز العنصري والكراهية واللاعدالة والجهويات وعقدة التفوق او النقص. فلا فرق بين انسان وآخر ولا فرق بين جهة واخرى كما ان للمسنين داخل الاسرة حقوق يتوجب احترامها. بهكذا تنشئة ستنجح الاسر في خلق جيل واعي وجيل متنور به ستتحقق النهضة والتطور الاجتماعي.