أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الشركات الأهلية : الإنطلاق في تكوين لجان جهوية    التشكيلة المنتظرة لكلاسيكو النجم الساحلي و النادي الإفريقي    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    انقطاع التيار الكهربائي بعدد من مناطق سيدي بوزيد والمنستير    كيف سيكون طقس اليوم ؟    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    ''ربع سكان العالم'' يعانون من فقر الدم وتبعاته الخطيرة    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    اليوم..توقف وقتي لخدمات الوكالة الفنية للنقل البري عن بُعد    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمل بنصف الوقت وتأثيراته في حقوق المرأة
تقديم : نعمة النصيري
نشر في الشعب يوم 29 - 09 - 2007

رغم ما تتسم به الظواهر من الدعوة الى المساواة بين المرأة والرجل فهن يقبعن في اسفل السلم الوظيفي وهن مقصيات عن مواقع اتخاذ القرار وتمثيلهن في المنظمات والجمعيات والمناصب السيادية طفيف جدا يعكس نظرة المجتمع الذي تحكمه المعايير الذكورية اضافة الى ما تعانيه المرأة من تبضيع لجسدها عن طريق القنوات الاعلامية واستعمالها كأداة لترويج السلع وجلب الحرفاء.
ان علاقة المرأة بالاسرة علاقة وطيدة وبديهية لا تكاد تستحق اي بيان فالاسرة لا تقوم بدون المرأة كما ان المرأة تولد وتكبر داخل الاسرة فتتغذى من اخلاقها ونواميسها وعاداتها وتقاليدها مع انها ليست دائما مطابقة لطموحات المرأة ومكرسة لحقوقها الانسانية والاجتماعية على اكمل الوجوه وهذا التسلط الاجتماعي القانوني هو الذي ولد النضال ضد الوضع الدوني للمرأة وتحريرها من كل العوائق والعتبات التي تحول دون التصرف بحرية ومنحها المكانة التي تستحقها بوصفها انسانا ومواطنا كامل الحقوق والواجبات لذا يتحدث منظرو حقوق الانسان عن خصوصيات «حقوق الانسان للمرأة».
ولعله من اليسير التفكير في العلاقة بين تحرير المرأة والتوازن الاسري لان الاسرة لا تكون فيها المرأة حرة قوية بعملها وذكائها فاعلة قادرة على تكوين الاجيال الصالحة لا يمكن ان تكون اسرة متوازنة ضرورة. ان الاسرة لا يمكن ان تقوم على قدم واحد ذلك ان تحرير المرأة شرط لتحقيق التوازن الاسري وذلك ايضا لتحريرها من القيود الاجتماعية والحواجز القانونية التي تطمس معالم شخصيتها وتحبس حريتها وتعوق مكانتها، فتحرير المرأة من التهميش هو حقها في الشغل الذي هو مضمون قانونا ومكرس على ارض الواقع وحتى النصوص القديمة التي قد توحي بخلاف ذلك اصبحت تعتبر مهجورة الفصل 831 م ا ع او منسوخة بالتشريعات اللاحقة او الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس ويتحقق للمرأة بفضل شغلها التحرر المادي من التبعية مما يمكنها من اثبات شخصيتها والتعاون مع الزوج تعاونا ايجابيا في مختلف شؤون الاسرة المادية وغير المادية وهو ما دفع الى الاعتقاد بأن مفهوم رئاسة العائلة مفهوم اقتصادي «ومن ينفق يترأس العائلة» وبشغلها تصبح المرأة مواطنا فاعلا في المجتمع وتصبح قادرة على ممارسة المسؤوليات العامة وله انه بصورة طفيفة في واقعنا اذ ونحن في الالفية الثالثة نجد القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة لا ترقى فعلا الى المساواة الفعلية بين المرأة والرجل باعتبارها كائنا انسانيا اصبحت هذه القوانين سيفا مسلطا على حقوق المرأة كانسان وتحميلها تبعات الازمة الاقتصادية ذات النهج الليبرالي وتوجيه وجهة الصراع الطبقي الى صراع جنسوي تتحمل المرأة ازمة الفقر التي تمر بها الشعوب وما قانون 98 لسنة 2006 المؤرخ في 28 جويلية 2006 الانتفاع للعمل بنصف الوقت اذ هو انعكاس حقيقي على حقوق المرأة ومكتسباتها فما هي طبيعة هذا القانون وما هي اثاره على حقوق المرأة.
1 طبيعة قانون العمل بنصف الوقت
فقانون عدد 58 لسنة 2006 مؤرخ في 28 جويلية 2006 يتعلق باحداث نظام خاص للعمل نصف الوقت مع الانتفاع بثلثي الاجر لفائدة الامهات وامر عدد 3230 لسنة 2006 مؤرخ في 12 ديسمبر 2006 يتعلق بضبط اجراءات وصيغ تطبيق النظام الخاص للعمل نصف الوقت مع الانتفاع بثلثي الاجر لقائدة الامهات ويتم العمل بهذا النظام الخاص عن طريق مطلب يقدم من طرف الامهات ويخضع المطلب المقدم للتسلسل الاداري التابعة لها المؤسسة وبمقتضى قرار من الوزير وحسب الفصل الثالث من هذا القانون فالموافقة بالانتفاع بهذا النظام تخضع لاعتبار المصلحة العامة والاعتمادات المالية المتوفرة بمعنى انه ليس حقا مطلقا وخاضعا لاعتبار المصلحة العامة التي يقع تحديدها وفقا لمقاييس سلطة الاشراف التابعة لها الام وتكون الام المنتفعة بهذا النظام الخاص هي التي لها طفل دون السادسة عشرة ولو ان هذا الشرط لا ينطبق على الاطفال المعوقين دون اعتبار للسن وحسب الفصل 5 من الامر عدد 3230 فان اللجنة الفتية بالوزارة تبدي رأيها في المطالب المعروضة عليها بالاعتماد خاصة على عدد الابناء وسنهم.
ويتمثل النظام الخاص للعمل نصف الوقت مع الانتفاع لثلثي الاجر في القيام بعمل اسبوعي تساوي مدته نصف المدة المطلوبة من الاعوان القائمين بنفس الوظائف كامل الوقت لذا عندما يتم الترخيص للأم المنتفعة بهذا النظام الخاص بقرار من الوزير تحت سلطة التسلسل الاداري بعد موافقة اللجنة الفتية ويتضمن عندئذ القرار جدولا في توزيع ساعات العمل الاسبوعية التي يجب ان تؤديها المنتفعة بهذا النظام وحسب الفصل الرابع يمكن ان يرخص للامهات في العمل بهذا النظام لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرتين طيلة المسار المهني بناء على طلب كتابي منهن يوجه حسب التسلسل الاداري وبنفس الشروط.
ولقد نص الفصل 7 من الامر على ان الامهات المنتفعات بهذا النظام يتقاضين ثلثي الاجر من مرتباتهن الاصلية حسب الوضعية الادارية ويحتفظن كذلك بحقوقهن كاملة في التدرج والترقية والعطل والتغطية الاجتماعية الا انه بالرجوع الى الفصل 28 من الوظيفة العمومية فالترقية لا تكون الا إثر مناظرة داخلية او امتحان مهني او مرحلة تكوين يقع تنظيمها من طرف الادارة او بالاختيار حسب الجدارة بقائمة كفاءة باعتبار معدل الاعداد المهنية للثلاث سنوات الاخيرة ومقارنة هذا الفصل بالفصل 7 من الامر يطرح السؤال كيف يمكن للمسؤول الاداري احتساب هذه الكفاءة المهنية والحال ان الامهات الموظفات يعملن بنظام العمل بنصف الوقت.
اما بالنسبة للعطل فان المنتفعات بهذا النظام الخاص لهن نفس العطل المخولة للاعوان العاملين كامل الوقت وحسب قانون الوظيفة القانونية انه لكل موظف مباشر لعمله الحق في استراحة خالصة الاجر مدتها شهر واحد عن كل سنة عمل منجزة الا ان الفصل 8 من الامر لا يخول للامهات المنتفعات بهذه العطلة لخلاص كامل الاجر ويصرف لهن الاجر الموافق لتلك الفترة من العطلة وكذلك بالنسبة للتدرج فالفصل الخامس من هذا القانون ينص على ان للامهات المنتفعات بهذا النظام الاحتفاظ بحقهن في التدرج ايضا ومقارنة هذا النظام بقانون الوظيفة العمومية لا يمكن ان يكون للقانونين نفس النتائج القانونية الا انه في مسألة التغطية الاجتماعية وقع توحيد القانونين فالأمهات المنتفعات بهذا النظام الخاص بثلثي الاجر يتم الحجز من الاجر بعنوان المساهمة في نظام التقاعد والحيطة الاجتماعية على اساس الاجر المخول لهن في اطار العمل كامل الوقت كذلك تتم تصفية جراية التقاعد باعتبار نظام العمل بكامل الوقت فيقع اقتطاع هذه المساهمات من ثلثي الاجر على اساس الاجر الكامل.
وحسب الفصل السادس من القانون والفصل 10 من الامر المنظم له يمكن للأمهات المنتفعات العمل بنصف الوقت طلب الرجوع للعمل بنظام كامل الوقت وذلك في اجل 6 اشهر قبل انتهاء المدة المرخص بها ويوجه المطلب في ذلك حسب التسلسل الاداري كما يمكن ايضا لرئيس الادارة او المنشأة او المؤسسة العمومية دعوة الام المنتفعة بهذا النظام للرجوع للعمل بنظام كامل الوقت في الحالات التي تفرضها ضرورة العمل التي يقع اعتماد مقاييسها حسب رئيس الادارة بما يكتنف كلمة العمل من غموض دون تحديد مدلولها ومضمون ممارستها من طرف المسؤول الاداري ويتم الرجوع للعمل بنظام كامل الوقت بمقتضى قرار من الوزير.
II انعكاسات العمل بنصف الوقت على حقوق المرأة
1 حق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل
لقد نص الفصل السادس من الدستور التونسي على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل على اطلاقه سواء في الحقوق المدنية والسياسية كذلك الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد النساء المصادق عليها من طرف تونس تعتبر خطوة هائلة نحو ارساء مجتمع متكامل ومتوازن ويكون امتدادا للاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اكد مبدأ عدم جواز التمييز انطلاقا من ان جميع الناس يولدون احرارا متساوين في الكرامة والحقوق وما يجعل لهذه الاتفاقية قيمة اكثر هو دعوتها الى سن تشريعات وطنية كمنع التمييز ضد المرأة واتخاذ تدابير خاصة مؤقتة في هذا الشأن عدم التمييز في فرص التوظيف والاجر وضمانات العمل الاجتماعية.
الا ان العلاقة بين القانوني والعقلية السائدة هي علاقة جدلية فالقانون له دور هام في تغيير العقليات كما ان العقليات السائدة تنعكس على القانون اذا فالنظرة الدونية للمرأة واعتبارها عبدة بيتية دورها الاساسي يكمن في تربية الاطفال فأتى هذا القانون بنصف الوقت ليكرس هذه النظرة الدونية للمرأة وعدم المساواة الفعلية بين المرأة والرجل لتخصيص هذا القانون للأمهات فقط من حيث المبدأ ولذا نص الفصل 3 من هذا القانون «تنتفع بهذا الاجراء الام التي لها طفل دون سن السادسة عشرة وبالرجوع الى جريدة الشعب عدد 899 الصادرة بتاريخ 6/1/2007 صرحت وزيرة شؤون المرأة والاسرة والطفولة» يعد هذا النظام من أبرز وأحدث القوانين الريادية التي تم اقرارها لفائدة المرأة التونسية بهدف تمكينها من فرص اكبر للتوفيق بين حياتها الاسرية وحياتها العملية والتأسيس لمجتمع متوازن وسليم.
... فهذه المقاربة بين رجوع المرأة للبيت والمجتمع السليم هي نظرة خاطئة لا تعدو ان تكون الا نظرة تمييزية بين المرأة والرجل في تربية الاسرة وتكوين مجتمع واع بل هي مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل على حد السواء ومسؤولية الدول في توفير الظروف والضمانات الاجتماعية لتكوين نشأة سليمة لمجتمع متوازن والمجتمع الذي يقصي المرأة كانسان فهو مجتمع معوق لا يعطي للرجل مساحة للعناية بالابناء في اطار الشراكة بين الرجل والمرأة فالعائلة تبقى اهم فضاء مغلق ومعزول عن المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل وما هذا القانون الا برهان قاطع على ان النساء مازلن معزولات عن اطار المساواة الفعلية وكأن درجة انسانيتهن لم تكتمل بعد بالرغم من مصادقة الدولة على عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية تخص حقوق الانسان الا انه في الواقع لا تتردد في نصوصها القانونية بعزل النساء خاصة اذا مست هذه المبادئ المجال الخاص للأسرة.
ولتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل ندعو الى النضال من اجل العمل بحصة واحدة مع كامل الاجر مع المرأة والرجل معا.
2 حق المرأة في الشغل
لقد نصت المادة 11 من الاتفاقية الدولية للقضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة على ان الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر والحق في التمتع بنفس فرص العمل متوافقا في هذا المبدأ مع المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وكل هذه القوانين الدولية المصادق عليها من طرف الحكومة التونسية تتولى منهجا واحدا هو تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بوضع وتطبيق سياسة وطنية تلغي كل اشكال التمييز او التفرقة سواء من حيث العرق او الدين او الجنس او اللون الخ...
وتأكيد لمبدأ المساواة في العمل وتكافؤ الفرص فقد نص الفصل الخامس من مجلة الشغل على هذا المبدأ ومقارنة هذه النصوص القانونية بقانون العمل بنصف الوقت.
نلاحظ ان حق الشغل الذي هو حق مطلق اصبح نسبيا بالنسبة للمرأة والعمل ليس حقا لها بل هو امتياز وهو تكريس للنظرة الدونية للمرأة واعتبار ان مكانها الطبيعي هو البيت للقيام بشؤون وتربية الاطفال دون الرجل الذي يعتبر العمل بالنسبة اليه حقا شرعيا ومطلقا الا ان العولمة وانعكاساتها على الطبقة الشغيلة من فقدان مواطن الشغل وتسريح العمال وظهور أنماط هشة من التشغيل كالمناولة والعمل بعقود محددة الوقت وعقود وقتية التي مست بالاساس فئة الشباب والاطفال والنساء فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية ناتجة عن سياسة العولمة وفتح الاسواق الحرة والشركات متعددة الجنسيات وهذا المنحي الاقتصادي المحكوم بآليات السوق تفشت فيه مظاهر البطالة وانعدام المقدرة الشرائية وضرب حق الشغالين في الشغل فجعل المشرع التونسي بهذا القانون الانتفاع بالعمل بنصف الوقت يحمل المرأة ازمة البطالة وتردي الظروف المعيشية وغلاء الاسعار حيث تفشت ظاهرة تأنيث الفقر وبتقليص عدد ساعات عملها لإيهامنا ان بهذا الاجراء يمكن ايجاد حلول لانتداب الموظفين للعمل في المؤسسات العمومية والخروج ولو جزئيا من ازمة البطالة وإغراق المؤسسات العمومية بالعقود الهشة للعمل وادخال المناولة والسمسرة باليد العاملة الى الوظيفة العمومية.
ولو ان المرأة التي دفعت ضريبة هذه العولمة فالفئات المستهدفة اكثر من المناولة وعملة الحضائر هي فئة النساء باعتبار انهن يتقاضين اقل اجر من الرجل فعلى الرغم من تزايد عدد النساء العاملات بالاجر الى حد كبير للغاية خلال السنوات الماضية الا ان النساء مازلن يعتبرن فقيرات لان السمات التي تقترن تقليديا بعمل المرأة مازالت باقية وهي انخفاض الاجور وتدني المركز الاجتماعي وانعدام الضمان في العمل.
ونظرا للدور الانساني والاجتماعي للمرأة في خلق الثروة وتطور المجتمعات يتطلب النضال المشترك بين المرأة والرجل على قاعدة المساواة الفعلية بينهما من اجل بناء مجتمع متوازن متساوي في الحقوق والواجبات.
3 الحق في الأجر
من المكتسبات التي حققتها المرأة العاملة في المساواة مع الرجل العامل المساواة في الاجور وظهر هذا المبدأ لأول مرة في اعلان فيلادلفيا سنة 1994 وقع ادماج هذا الاعلان في دستور المنظمة العالمية للتشغيل وهذا ما نص عليه الميثاق الدولي عدد 100 المتعلق بالمساواة في الاجور سنة 1968 وبالرجوع الى الفصل السابع من المنظم لصيغ وتطبيق قانون العمل بنصف الوقت بنصه «تتقاضى الامهات المنتفعات بهذا النظام ثلثي الاجر الراجع الى وضعيتهن الادارية» والاجر قانونا هو متكون من الاجر الاساسي «وهو الاجر دون المنح والامتيازات» والاجر الخام «هو الاجر الاساسي تضاف اليه المنح وملحقات الاجور والاجر الصافي هو الاجر الباقي بعد خصم الاداءات والمساهمات في الصناديق الاجتماعية والتأمين الجماعي».
وبالرجوع الى الفصل الثامن من الامر المذكور بنصه «ويتم الحجز بعنوان المساهمة في نظام التقاعد والحيطة الاجتماعية على اساس الاجر المخول لهن في اطار نظام العمل كامل الوقت ويتم تصفية التقاعد باعتبار نظام العمل كامل الوقت فالملاحظ ان ثلثي الاجر الذي تتقاضاه المرأة هو ثلثا الاجر الصافي بعدم خصم الاداءات منه بعنوان اجر كامل وخصم المساهمات الاجتماعية والتقاعد على حساب اجر العمل كامل الوقت.
وباعتبار ان هذا النظام الخاص يكرس النظرة الدونية للمرأة واعتبار العمل بالنسبة لها امتيازا وليس حقا ومن تبعات الحق في العمل الحق في الاجر عن العمل المؤدى فبهذا النظام الخاص يقع تحميل المرأة المتمتعة بهذا النظام بأداءات جبائية تفوق عدد ساعات العمل التي تقوم بها باعتبارها تتقاضى ثلثي الاجر بحساب عمل اسبوعين ويقع اقتطاع مساهمات في الاداءات الجبائية على حساب العمل الكامل من اجرها الصافي كذلك يقع تمويل الصناديق الاجتماعية من اقتطاع مساهمات الامهات المنتفعات على اساس عمل كامل الوقت.
فهذا القانون سيؤدي عمليا الى تصفية الاجر من خلال الخصم المضاعف على المرتب مما يزيد في تعميق الوضع الميعشي للعاملات في ظل واقع مترد يتسم بغلاء الاسعار.
4 حق المرأة في توفير الضمانات الاجتماعية من طرف الدولة
فمن اجل الضغط على التكلفة الاجتماعية تعمل الدولة على التقليص من الضمانات الاجتماعية لتتحرر من التزاماتها تجاه العاملات.
لذا عوض وجود حلول وهمية من طرف الدولة تكرّس فيها دونية المرأة وتحميلها هي ازمة البطالة وتتملص الدولة من دورها التعديلي في توفير المرافق الاجتماعية العامة كدور الحضانة ورياض الاطفال والمطاعم لكي تعبد الطريق للتنشئة الاجتماعية والانسانية للعائلة والحفاظ على انسانية المرأة ككائن بشري وتقوم الدولة بدورها الاساسي الاسري لتمكين الوالدين من الجمع بين الالتزامات العائلية وبين مسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة ولا سيما عن طريق تشجيع وتنمية شبكة المرافق لرعاية الاطفال.
5 حق حماية الأمومة
تعالت في الآونة الاخيرة عدة أصوات نقابية ديمقراطية وتقدمية لمطالبة الدولة التونسية بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الأمومة عدد 183 وقد وقع التنصيص على هذا المطلب في لوائح مؤتمر المنستير في ديسمبر 2006 وهي من المطالب النقابية التي تشغل بال النقابيين والنقابيات وتنص الاتفاقية الدولية لحماية الامومة على ان تتمتع الام بإجازة أمومة إلزامية لا يجوز ان تقل عن أثنى عشر اسبوعا من قبل الوضع من خلال تقديم شهادة طبية تبين التاريخ المحتمل للوضع وان تتضمن فترة اجازة إلزامية بعد الوضع.
فالمشرّع التونسي لم يطوّر القوانين ولا يعتبر وظيفة الانجاب وظيفة اجتماعية لكلا الوالدين تحمل تبعاتها بل هي مسؤولية محمولة على عاتق المرأة فقط. فقانون العمل بنصف الوقت لا يمكن الام من حق حماية الامومة بتوفير الضمانات والشروط القانونية لها بل هو يحمّل المرأة ازمة البطالة وتتملص الدولة من دورها الاجتماعي في الاسرة وما اصرار الدولة على عدم المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية الامومة وتكريسها للعقلية الاجتماعية السائدة بدونية المرأة وعدم تورطها في المصادقة على هذه الاتفاقية لانه سيحمل الدولة اعباء مالية لمدة 14 اسبوعا تقريبا تتمتع به المرأة بإجازة أمومة مع خلاص كامل الاجر وضرب حق الطفل في حماية اجتماعية توفرها له الدولة.
6 الحق النقابي
رغم نسبتهن الكبيرة داخل الاتحاد يشكلن 50 من المنخرطين تقريبا ما زال الكثير منهن يجد صعوبة في المشاركة في هذه المنظمة للخصوصية التي تحيط بالمرأة فمازلن مقصيات في تفعيل العمل النقابي والوجود في الهياكل النقابية في الاتحاد وسيعمل قانون العمل بنصف الوقت على مزيد من التضييق على الحق النقابي وابتزازها من خلال هذا النظام الخاص فبالرجوع الى الفصل الرابع من الامر المنظم له ينص تعرض المطالب التي قضيت بموافقة رئيس الادارة على اللجنة الفتية فالمطلب المقدم من طرف الام يجب ان يحظى بموافقة رئيس الادارة باعتبار ان هذا القانون ليس حقا ملزما فهذا التضييق على القانون بمبدأ الموافقة من طرف رئيس الادارة سينجر تبعا له التضييق على العمل النقابي خاصة في اطار العداء للنقابيين وسيعمل هذا القانون على الحد من حقها في الممارسة النقابية الجمعياتية المستقلة كذلك مسألة الرجوع الى العمل بكامل الوقت قبل انتهاء مدته فهو حق خوّله القانون لرئيس في استعماله حسب ضرورة العمل كما ينص القانون على ذلك في غياب تحديد وتوضيح المصطلحات القانونية وحملها على غموضها ولافتقاره للصيغة الالزامية فان رئيس الادارة او المنشأة او المؤسسة العمومية له كامل الحرية في الموافقة على الترخيص وفي التراجع عنه وهذه الصلاحية ستمارس للتضييق على الام في عملها وفي حقها النقابي.
لذا فان متطلبات العمل يفرض على الدولة انتداب ضحايا سياستها وهم المعطلون عن العمل والحال ان الدولة تتخلى عن دورها في الانتداب والتفويت في القطاع العام.
لابد ان يفتح الباب واسعا للمرأة لكي تتعلم وتتثقف وتبلغ ارقى درجات المعرفة شأنها شأن الرجل مع النضال من اجل توفير الحلول الملائمة لكي تجد الوقت لتشتغل وتكسب المعارف فتحقق بذلك استقلاليتها التي تشكل القاعدة الهادفة لفرض حقوقها على مستوى الاسرة والمجتمع.
ان رفع الاضطهاد الاقتصادي عن المرأة وفتح ابواب العلم والثقافة والتصدي لوسائل الاعلام والكتب المدرسية والمنتوجات الثقافية التي تعيد انتاج صورة المرأة الدونية هذه أوضاع المرأة في تونس وهي بعيدة كل البعد عن المساواة التامة بين الجنسين فهذا القانون هو اعتداء على حق النساء في الشغل.
ان المساواة بين الجنسين تحتم علينا توسيع جبهة المقاومة الاجتماعية للتصدي لهذه السياسة الاقتصادية والنضال من اجل ادماج المرأة في الحركة النقابية وتفعيل دورها الحقيقي والطبيعي داخل المنظمة حتى تساهم في سن السياسات اسوة بما في تاريخها المجيد حيث قاومت هذه المشاريع في ثمانينات القرن الماضي جنبا الي جنب أخيها العامل انها مدعوة واياه الى التصدي اليوم لكل من ينال من مكتسباتها والمطالبة بالمساواة التامة بين الجنسين في الحقوق مما يوسع ويعمق مجالات النضال النقابي المشترك نساء ورجالا فالى الامام اناثا وذكورا من اجل غد مشرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.