المداومة على الطاعات لها فضلٌ عظيم وخصائصُ جليلة، فهي من صفات المؤمنين: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ (المعارج 23) كما أنّها وصية الله عز وجل للأنبياء صلوات ربِّنا وسلامه عليهم حيث جاء في القرآن قولُ عيسى عليه السلام ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ (مريم 31) وقد أمَر الله سيِّد البشر بذلك، فقال له ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ (الحجر 99) أي: حتى يأتيك الموت، كما ثبت في صحيح البخاري عن عِمران بن حُصين رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صَلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جَنْب. وهي أحب الأعمال إلى الله تعالى»، وعن عائشة أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وكان يُحجِّره بالليل فيصلِّي فيه، ويَبسُطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يَثوبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلُّون بصلاته حتى كَثُروا، فأقبل فقال: يا أيها الناس، خُذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يَملُّ حتى تملُّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل. (أخرجاه في الصحيحين). ومن ثمرات المداومة على الطاعة زيادة الإيمان فكل عمل صالح يَزيد الإيمانَ بحسَبِه، إن كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلاً أو كثيرًا. وكل طاعة تجرُّ إلى غيرها. عن عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصِّدق فإن الصدق يَهدي إلى البر، وإن البرَّ يَهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يَصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا». (متفق عليه) ويقول شدَّاد: إذا رأيتَ الرجل في طاعة الله فاعلَم أنَّ عنده أخَواتِها، وإذا رأيتَ الرجل في معصية الله فاعلم أن عنده أخواتِها. ومن ثمرات المداومة على الطاعة البُعد عن الغفلة فقد ذمَّ الله الغفلة وأهلَها، ونهى عن الاتِّصاف بها، فقال تعالى ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾ (الأعراف 205) وعن عبد الله بن عمرٍو وأبي هريرة أنهما سَمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لينتهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجمُعات، أو ليَختمَنَّ الله على قلوبهم ولَيَكونُنَّ مِن الغافلين». (رواه مسلم) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام بعشر آيات لم يُكتَب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقَنطرين». (رواه أبو داود).