سورة الأحقاف هي السورة السادسة والأربعون بحسب ترتيب سور المصحف العثماني، وهي السورة الخامسة والستون بحسب ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة الجاثية، وقبل سورة الذاريات، وهي السورة السابعة من الحواميم السبع. وهي سورة مكية، وآياتها خمس وثلاثون آية. سميت «سورة الأحقاف» في جميع المصاحف، وكتب السنة، ووجه تسميتها (الأحقاف) ورود لفظ (الأحقاف) فيها، ولم يرد في غيرها من سور القرآن الكريم. و(الأحقاف) اسم للمكان الذي كانت فيه مساكن عاد قوم هود، هذه السورة المكية تعالج قضية العقيدة...قضية الإيمان بوحدانية الله وربوبيته المطلقة لهذا الوجود ومن فيه وما فيه، والإيمان بالوحي والرسالة، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول سبقته الرسل، أوحي إليه بالقرآن مصدقاً لما بين يديه من الكتاب. والإيمان بالبعث وما وراءه من حساب وجزاء على ما كان في الحياة الدنيا من عمل وكسب ومن إحسان وإساءة. تلك هي مقاصد السورة من حيث الجملة، أما من حيث التفصيل، فقد تضمنت السورة المقاصد التالية: أنها كشأن السور المكية تدعو إلى العقيدة الصحيحة من توحيد الله تعالى إلى تصديق رسالة الرسل عليهم السلام إلى الإيمان باليوم الآخر، وما فيه من ثواب وعقاب. بيان أن استمرار نظام الحياة الدنيا للسماوات والأرض محدد بأجل مسمى، وأن الله خلق السماوات والأرض بالحق. بيان الموقف الاستكباري، الذي وقفه أئمة الكفر والشرك في مكة إبان التنزيل من ضعفاء المؤمنين. أوضحت السورة ضلال الكفار وبهتانهم وخطأهم في عبادة الأوثان والأصنام، التي لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تغني من الحق شيئاً. تضمنت السورة إنذاراً للمصرين على كفرهم من مشركي مكة، بأنهم إذا تمادوا في غيهم، أهلكهم الله كما أهلك كفار أهل القرى من حولهم، فما نصرتهم آلهتهم التي كانوا اتخذوها من دون الله. تضمنت السورة بياناً إقناعيًّا موجهاً من الله سبحانه لمنكري البعث، مصحوباً بإنذار بعذاب النار يوم الدين. عرضت السورة لأولئك النفر من الجن الذين صرفهم الله ووجههم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن الكريم، فأنصتوا إليه عند سماعه، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم من أن يخافوه؛. بينت السورة أن الله الذي خلق السماوات والأرض، ولم يصبه إعياء، أو ضعف، أو تعب، وعرضت صورة من مصرع قوم هود وفي مصارع القرى حول مكة. الثناء على الذين آمنوا بالقرآن، وذكر بعض خصالهم الحميدة، وما يضادها من خصال أهل الكفر، وحسدهم الذي بعثهم على تكذيبه. بيان أن الله أخذ أهل الضلال بكفرهم، وأهلك أمماً أخرى، فجعلهم عظة للمكذبين، وأن جميعهم لم تغنِ عنهم أربابهم المكذوبة، التي كانوا يدعون من دون الله من شيء. خُتمت السورة بتثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر من الله لرسوله أن يصبر على تكذيب قومه، وإيذائهم له كما صبر أصحاب العزائم العالية من الرسل عليهم السلام، ونهاه جل شأنه أن يستعجل لهم العذاب؛ فإنه آتيهم لا محالة، ﴿كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار﴾ (الأحقاف:30).