أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين القيّم ليظهره على الدين كلّه ولو كره الكافرون وحمل إلى الإنسانية كافة قيما عظيمة ومبادئ جليلة إن تمسكت وعملت بها ارتقت في سلّم الرقي درجات عالية وإن أهملتها تنكّبت طريقها وتراجعت القهقرى فمن هذه القيم قيمة الأمن والسلم فالإسلام دين السلم والأمن فلا رخاء ولا تقدم إلا في ظلّ الأمن. وأمر الله سبحانه وتعالى بالسلم واعتبره أصلا عندما قال في محكم تنزيله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (البقرة208:). بل إن من أسمائه عز وجلّ السلام: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (الحشر:23). وهدى النبي المسلمين إلى أسلوب يحقق السلم الاجتماعي ويكرّس الأمن ويساعد إلى حدّ كبير في نبذ الأحقاد والكراهية والعنف وتمثّل هذا الأسلوب في تحية فريدة عجيبة جامعة للسلم والرحمة والبركة والأنس قال عليه الصلاة والسلام : «أفشوا السلام تسلموا» أحمد. كما أكّد أيضا أن خلق المحبّة والتسامح يمرّ عبر إفشاء السلام حين قال : «لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم.إن شريعة الإسلام تدعو إلى الأمن والسلام. والأمن لا يقوم سلطانه إلا إذا حافظ عليه كل فرد فهو شعار المسلم الذي يجب أن يطبقه في حياته عقيدة وسلوكا وهو من ثمرات الصيام في هذا الشهر العظيم, قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه». فالإيمان ليس كلمة تقال باللسان بل هو صلاح الإنسان في علاقته مع الآخرين هو الذي لا يعتدي عليهم بلسانه وهو الذي يكفّ يده فلا يؤذي بها أحدا من الناس إذ كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. فكل المؤمنين مطالبون أن يكونوا يدا واحدة متراصين متحابين وأن ينزعوا من قلوبهم الحقد والكراهية والبغضاء وأن ينبذوا العنف والفساد والتخريب لأن التخريب جريمة في حقّ الأمّة.قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (القصص:77).