ونحن في حَضرة الإنقليز يقفز إلى أذهاننا القول الشهير لكاتبهم وأديبهم الكبير "شكسبير": "أكون أولا أكون هذا هو السؤال". وبهذا المنطق يدخل المنتخب سباق المونديال وفي البال فكّ "عُقدة" الدّور الأوّل أوإضافة سطر جديد في دفتر النّكسة وبلغة أدق وأوضح لا مكان لأنصاف الأهداف فإمّا العُبور وتحقيق حلم الجمهور أوالغرق في بحر الأحزان التي لن يُخلّصنا منها "ملوك" الكوميديا التونسية والعربية ولا حتّى مسلسل البريطانيين "مِستر بين" بما فيه من طَرافة وغرابة. وبين الرّهبة والفَرحة يُتابع الشعب التونسي اللّيلة المُصافحة الأولى ل "النّسور" مع المُونديال الروسي الذي نَفتتحه بمواجهة صَعبة أمام إنقلترا وهي من صَفوة القوم في كرة القدم التي تحصّلت على شهادة ميلادها في أحياء بريطانيا قبل أن "تَغزو" العالم من شَرقه إلى غَربه. تاريخنا في الميزان مُواجهة اللّيلة ثقيلة وأمام دولة عَتيدة ومع ذلك فإنّ المَهمّة التونسية غير مستحيلة لتحقيق بداية مثالية وتأكيد الجاهزية لإجتياز عَقبة الدور الأوّل وتذوّق حَلاوة التأهل كما حصل مع الكثير من الأشقاء العرب والأصدقاء الأفارقة بعد أن كنّا قد فتحنا لهم أبواب المجد العالمي من خلال إهدائهم أوّل إنتصار في تاريخهم عام 78 بفضل جيل الذهب مع الشتالي والنايلي وذويب والكعبي وطارق وتميم والعقربي... وغيرهم من الأبطال الخالدين في وجدان التونسيين. إنجاز فَريد تقشعرّ له الأبدان وتُسرّ لسماعه الآذان بصوت الرّاحل نجيب الخطّاب الذي مازالت صيحاته في تلك "المَلحمة" التاريخية تُلهب الحماس مثلها مثل إبداعات ذلك الجيل الاستثنائي الذي يُشكّل مصدر إلهام للجيل الحالي ليطارد المجد في الملاعب الروسية. "كذبة النجومية" الأقدام التونسية لن تدخل المواجهة الإنقليزية ب"أقدميتها" المُونديالية بما فيها من أفراح وأتراح بل أنّها تراهن أيضا على قدراتها الفنية والبدنية التي بَرهنت عليها في التصفيات المؤهلة للكأس العالمية وأثناء الاختبارات الودية ضدّ "عَمالقة" اللّعبة وفيهم البرتغال وإسبانيا. وتبقى الأماني مُمكنة في ظل ثقتنا العالية في امكاناتنا وقياسا بالعزيمة الفولاذية للرجال الذين أكدوا في المقابلات الودية أنّهم تخلصّوا للأبد من الإنهزامية التي كانت تُكبّل الأقدام وتَغتال الأحلام بفعل المَخاوف الوهمية من "النجومية" وهي من "الأسلحة" التي بوسعنا أن نُحبط مفعولها بفضل الروح الجماعية مع الإستفادة من المهارة الفنية لعدد من "الكوارجية" الموهبين أمثال البدري والسليتي والخزري العَارف بالكرة الإنقليزية بعد تَجربته مع "سندرلاند". لا للدّفاع وتظلّ الآمال قائمة في تفجير "ثورة" تونسية في الكأس العالمية وإحداث "مُعجزة" كروية في "فولغوغراد" الروسية إذا نجح نبيل معلول ومن معه من مُساعدين ومُعاونين في إعداد "طَبخة" فنية جيّدة وتَتلاءم مع مؤهلات لاعبيه وإمكانات خَصمه الذي "سنطمع" في هزمه أوعلى الأقل جَرّه على التعادل شرط أن تَتحلّى عناصرنا باليقظة المُستمرّة ويَتخلّى ربّان سفينتنا عن "الهَلوسة" الدفاعية خاصّة بعد أن وعد بِصُنع اللّعب وتعهّد بالذّهاب إلى الدور ربع النهائي. وهو خطاب يُنعش القلوب ويرفع المعنويات لكن نرفض أن يكون هذا الكلام مجرّد فَرقعة إعلامية وأضغاث أحلام وهو ما لن يَتحمّله الشّعب الذي يترقّب خبرا سارا يُنسيه ولوإلى حين هُمومه التي لا تَنتهي. حقّ الجمهور على "النّسور" من حَقّنا على "النسور" أن يلعبوا مع خَصمهم بندية وأن يُقدّموا عروضا كروية ترفع الرأس وتُسعد النّاس وفيهم من شَقّ البحر والبرّ لنصرة الفريق في أرض الرّوس وفيهم من قطع إفطاره الرمضاني ومن تناول السّحور في الملعب ليتابع مسيرة الفريق لحظة بلحظة في الرّسميات والوديات. ومن الناس أيضا من مات فرحا بنهاية "الغَفوة" الطّويلة والعبور إلى المونديال كما حصل مع المحب ضياء الدين الذي فارق الحياة ولسان حاله يقول إنّ عشق النّجمة والهلال مكتوب على جبين كلّ التونسيين من سجنان إلى بن قردان ومن رادس إلى "الدّوحة" و"نيس" و"براغا" و"جنيف" و"كراسنودار" وهي المدن الأجنبية التي رفرف فيها العلم التونسي وإكتسحتها جاليتنا العَزيزة مُساندةً للمنتخب أثناء تحضيراته للمونديال. ومن حقّ تونس إلى أبناء معلول أن "يُبيّضوا" وجهها ويُشرّفوا رايتها بعد أن وَهبتهم الأمن ومنحت المحليين منهم و"المُحترفين" شرف الإنتماء وبعد أن تَعلّموا في مدارسها وتَمتّعوا بخيراتها ونالوا نَصيبا من ثرواتها. وهذا الحسّ الوطني مَزروع حتما في قلوب لاعبينا وقد يكون أقوى "الأسلحة" التونسية في المواجهات النارية التي تنتظرنا أمام إنقلترا وبلجيكا و"بَنما". كما أن الروح العالية كانت العَتاد الأهمّ بيد منتخب 78 عندما هَزم المكسيك وأذهل الألمان. والواضح أن منافسنا الإنقليزي أصبح بدوره على يقين بأن كرة القدم أعمق بكثير من "التّكتيك" و"التّكنيك" حتى أن اللّاعب السابق للفريق ومُدرّبه الحالي "ساوثغيت" بادر بإجراء حصص تدريبية شاقة مع قوّات "المَارينز" ليعلّم زملاء "هاري كين" معنى الاستبسال في الميدان دفاعا عن الوطن في كلّ المَجالات ومن مُختلف المواقع. نعم الفَجوة شاسعة بين "العقليات" العربية والغربية والهُوّة واسعة بين كرة الجريء والكرة الحَقيقية التي تُمارسُ في الملاعب الإنقليزية. لكن أملنا كبير في اللاعبين لقهر الصّعاب وإسعاد التونسيين المُتعصّبين ل"حزب" واحد وهو المنتخب الذي فيه وِحدتهم وفَرحتهم. البرنامج منافسات المجموعة (7) في "فولغوغراد" (س19): تونس - إنقلترا (الحكم الكولمبي ويلمار ألكسندر) في "سوتشي" (س16): بلجيكا - بَنما (الحكم الزمبي جاني سيكازوي) منافسات المجموعة (6) في "نوفغورود" (س13) : السويد - كوريا الجنوبية (الحكم السلفادوري جول أنتونيو)