عادة لا يقبل التونسيون خاصة في شهر رمضان على استهلاك لحوم الدجاج بكثرة.. كان هذا في زمن الوفرة اما اليوم فان لحوم الدجاج على علاتها صارت ملاذا للمواطن يستعين بلطف اسعارها على صعوبة الحياة ولكن هذا الدجاج الابيض الاليف «استوحش» وصارت له مخالب فتكت بجيب المواطن وقفته وعانى التونسي منه الامرين في الشهر الكريم وقبله ومن المؤكد بعده ايضا نتيجة الارتفاع الكبير في اسعاره. السبب الرئيس وراء ارتفاع اسعار لحوم الدجاج هو الاحتكار ليس من الباعة بل من «المصنعين» رغم ان المنطق يفرض ان انتاج اللحوم سواء كانت حمراء او بيضاء هو من صميم العمل الفلاحي لكن في تونس احتكرت بعض الشركات انتاج البيض والدجاج وصار بيضها يعادل في «فيتاميناته» لحوم الاسماك ولان هذه الشركات احتكرت القطاع و"خنقت" المربين الصغار فانها استحوذت على المسالة من الانتاج الى التوزيع الى البيع دون ان تخضع في ذلك الى أي مراقبة. وان افتقدنا في تونس الى دراسات طبية توضح مخاطر «تصنيع» لحم الدجاج فان دراسات طبية عالمية تشير الى ان هذا اللحم يشكل خطرا على صحة الإنسان، نظرا لتغير طرق تربية الدجاج خاصة بعد ان تغير الهدف الاساسي من تربية الدواجن من إنتاج البيض، الى الحصول على لحم الدجاج ولتكثيف الانتاج يتم اعتماد المضادات الحيوية ضمن الغذاء الذي يقدمونه لحيواناتهم وتشير تلك الدراسات الى أن شركات صناعة الدواجن ارتكزت بالأساس على استخدام المضادات الحيوية، بهدف تعزيز حجم أرباحها ونشاطها على غرار زيادة حجم الدواجن ومن خلال زيارة إحدى الضيعات المنتجة للدجاج، يتبين أن هدفها الرئيسي يتمثل في إنتاج أكبر كمية ممكنة من اللحوم. ونتيجة لذلك، أصبح الدجاج يتحرك ببطء شديد بفعل جرعات الدواء التي تقدم له، في حين تحول إلى كتلة صلبة من البروتينات ويكمن الخطر الحقيقي في هذا الوضع، في أن الإكثار من هذا الدواء من شأنه أن يتسبب في تكون بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية وهو امر حذرت منه منظمة الصحة العالمية لان استخدام هذه المضادات قد يترتب عنه ظهور أمراض وآفات تخلصت منها البشرية منذ زمن وتشير احصائيات لمنظمة الصحة العالمية الى ان استخدام المضادات الحيوية في مجال الأغذية الحيوانية تسبب في وفاة 700 ألف شخص في العالم سنويا. وفي ظل تكاثر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، يعتبر هذا الرقم مرشحا للارتفاع وبلوغ 10 ملايين حالة وفاة سنويا بحلول سنة 2050 .. طبعا دون ان ننسى المخاطر الكبيرة التي تسببها مشتقات الدجاج من «الصلامي» وغيره مما يعرض في ومضات اشهارية جذابة كان يجدر التعامل معها كما تم التعامل مع اعلانات التدخين وهو المنع لان خطرهما واحد.