مراقبة عمل الحكومة من المهام الاصلية للبرلمان، وهي تقنية تُمكّن النواب من متابعة دقيقة للعمل الحكومي وتفادي أي انحراف متوقّع . لكن بالرغم من تعدّد الاليات التي تُكرّس الوظيفة الرقابية للمؤسسة التشريعية إلاّ ان علاقة البرلمان بالحكومة لا تخلو من الخروقات. تونس الشروق: إعادة توزيع السلطة في تونس واعتماد «النظام البرلماني المعدّل «، نظاما سياسيا يُكرّسه الدستور، جعل من البرلمان يكون في مقدّمة السّلط ويتمتع بنفوذ وصلاحيات واسعة طالت حتى السلطة التنفيذية، وخاصة الحكومة التي تم ربطها بشكل جذري بالبرلمان في مستوى منح الثقة وسحبها، إضافة الى تمكين البرلمان من «سلطة رقابية « على الحكومة . السلطة الرقابية تم تفصيلها في النظام الداخلي بشكل دقيق وتم تحديدها بعدد من الفصول مكّنت المؤسسة التشريعية من جلسة حوار شهرية مع الحكومة نص عليها الفصل 147 بالتاكيد على ان «يخصّص المجلس جلسة للحوار مع أعضاء الحكومة حول التوجهات العامّة والسياسات القطاعية مرّة كلّ شهر وكلّما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو بأغلبية أعضاء المجلس.تفتتح جلسات الحوار بعرض يقدّمه عضو الحكومة، ثمّ يتولّى الإجابة عن أسئلة الأعضاء تباعا وله حقّ طلب إمهاله لإعداد الردود.» أسئلة كتابية إضافة الى تمكين البرلمان كمؤسسة من مراقبة عمل الحكومة مكّن النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، النّواب من مراقبة الحكومة عبر اليات أخرى، حيث نص الفصل 145 من النظام الداخلي على انه «لكل عضو أو أكثر التقدم إلى أعضاء من الحكومة بأسئلة كتابية في صيغة موجزة عن طريق رئيس مجلس نواب الشعب. ويحيل مكتب المجلس السؤال الكتابي على الحكومة في أجل أقصاه ثمانية أيام من تلقيه. وللمكتب أن يكلف أحد أعضائه بمتابعة هذه المهمة و.يتعين على الحكومة موافاة رئيس المجلس بجواب في أجل أقصاه عشرة أيام من تلقيها السؤال..». كما تم تمكين النواب من طرح أسئلة شفاهية في الجلسة العامة، حيث نص الفصل 146 من النظام الداخلي على انه يمكن «لكل عضو أن يتقدم خلال جلسة عامّة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجّه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يبيّن فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة. ويتم إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه خمسة عشر يوما..». هذا الاطار النظري لممارسة الدور الرقابي للبرلمان على الحكومة، يبدو في ظاهره كافيا إلاّ أنه يفتقر الى النجاعة، فجلسات الحوار مع الحكومة لا تترتب عنها اي نتائج، وهذا ينسحب ايضا على الجلسات التي يتم فيها طرح الاسئلة الشفاهية، وهو ما جعلها تتحوّل الى جلسات سجال ينتهي بانتهائها . هذه الجلسات أصبح يُصطلح على تسميتها في كواليس البرلمان ب»جلسات فرّغ قلبك « فهي خاوية من اي نتائج، وتقتصر على أسئلة يقدّمها النواب واجابات يقدّمها رئيس الحكومة في جلسات الحوار الشهرية، والوزراء في جلسات الاجابة عن الاسئلة الشفاهية. اشكالات الدور الرقابي الدور الرقابي للبرلمان على العمل الحكومي، ولئن كان في جانبه النظري شديد الاهمية ويمنع انحراف السلطة التنفيذية في جانبها الحكومي، إلاّ ان تطبيقه لم يخل من اشكالات كبرى وتجاوزات أفرغته من محتواه . ومن الخروقات التي أثثت علاقة البرلمان بالحكومة مؤخرا، عدم تخصيص جلسات حوار شهرية ومخالفة ما نص عليه النظام الداخلي للبرلمان، واقتصرت جلسات الحوار على الطابع المناسباتي فرئيس الحكومة يحضر في جلسات التحوير او مناقشة الميزانية ويقدّم بياناته الحكومية ويجيب عن اسئلة النواب ويتم التسويق لهذه الجلسات على انها جلسات حوار . تجاوزه الزمن اما في ما يتعلّق بجلسات الاجابة عن الاسئلة الشفاهية فتشهد عادة خروقات من الجانبين، فمن الجانب الحكومي، يتعمّد عدد من الوزراء احيانا عدم الحضور الى البرلمان او التاخر في الاجابة عن السؤال وعند عقد الجلسة العامة للاجابة عن السؤال يظهر للراي العام وأن النائب الذي القى السؤال والوزير الذي يجيب عنه، قد تجاوزهما الزمن . يُضاف هذا الى أن الاسئلة الشفاهية اصبحت في كثير من الاحيان مساحة لتصفية الحسابات الشخصية فبعض النواب اصبحوا يستعملون تقنية السؤال الشفاهي الذي يُلقى في جلسة عامة تُنقل على المباشر، لإحراج وزير أو لاسقاط اخر، وهو ما افرغ هذه التقنية من محتواها وجعلها مجرّد اداة لتصفية الحسابات . يعتزم نواب البرلمان اعادة النظر في النظام الداخلي الذي يسيّر المؤسسة التشريعية ومن المنتظر ان تشمل التنقيحات بعض الفصول المتعلقة بمراقبة عمل الحكومة وسيتم تحديد الزمن الذي يمتد عليه القاء سؤال النائب والتضييق فيه قدر الامكان اضافة الى تحديد زمن تعقيب النائب واجابة الوزير . كما سينظر النواب في ضرورة جعل جلسات الحوار اكثر فاعلية وتعقبها نتائج ملموسة.