التاريخ يَكتبه الأبطال والمُكافحون ولا يصنعه «الإنهزاميون» وهذا ما نجح في تحقيقه جيل 1978 الذي أذهل العالم ب»ملحمته» الكروية الخالدة في الأرجنتين بفضل «عبقرية» عبد المجيد الشتالي والروح العالية للاعبين وفيهم علي الكعبي صاحب الهدف التونسي الأوّل في المونديال وذلك في شباك المكسيك التي سقطت آنذاك بالثلاثة أمام «الثّورة» الهجومية ل «النّسور». «الشروق» تفسح اليوم المجال للنّجم الدولي السابق وخرّيج مدرسة الملاسين علي الكعبي ليخوض بصراحته المعهودة ومعرفته المشهودة في ملف المنتخب بعد أن خَيّب الآمال وعاد من ملاعب روسيا بحزن كبير وإنتصار «صَغير» على «بَنما» «المغمورة» والمشهورة ب»جنانها الضريبية»... وما أكثر المُتهربين في رياضتنا من «الحساب والعقاب». المقارنة لا تجوز يُلحّ علي الكعبي على أنّ المقارنة لا تجوز بين مشاركتنا المُونديالية الأولى في 1978 وبقية المُغامرات الأربع اللاّحقة في 1998 و2002 و2006 و2018. ويؤكد الكعبي أن تونس الشتالي حقّقت أوّل فوز للعرب والأفارقة وكانت السّفير الوحيد للقارة السمراء في المُونديال الذي لا يشارك فيه آنذاك سوى 16 منتخبا ولن نُذكّر طبعا بثقل الخصوم الذين أزاحهم منتخب 78 لبلوغ النهائيات في الأراضي الأرجنتينية (تونس واجهت في التصفيات المغرب والجزائر وغينيا ومصر ونيجيريا). ويعتقد الكعبي أن ذلك المكسب الرائع غير قابل للتكرار ويرفض رفضا قطعيا «التّطاول» عليه كما فعل البعض ممّن يريد إحداث القطيعة بين الأجيال المُتعاقبة ضربا للتاريخ. ويشير الكعبي في هذا السياق إلى ان المشرفين الحاليين على المنتخب أقاموا «جدارا عَازلا» بين المنتخب و»نُجومه» السابقين بحكم أن الجامعة تُعاني من عقدة «الكَوارجية» خاصّة أن «رئيسها» لم يلعب تحت الأضواء وفي المستوى العالي على رأي معلول في تبريره الغريب للسقوط المُدوي أمام بلجيكا. مشاركة مخيّبة يؤكد النجم السابق للمنتخب الوطني بأن مُغامرتنا الأخيرة في الملاعب الروسية كانت مخيّبة للآمال وذلك عكس ما يروّجه القائمون على حظوظ الفريق و»المطبّلون» ل «النّظام القائم» وفيهم للأسف الشديد عدّة وجوه إعلامية دأبت على «تلميع» صورة رئيس الجامعة بدل الإصداع بالحقائق وكشف الثغرات لأنّه السبيل الوحيد للإصلاح والبناء. على قدر العمل يكون الجزاء يعتقد علي الكعبي أن الحصيلة الهزيلة للمنتخب الوطني في المونديال الروسي تعكس حجم الخراب في الكرة التونسية التي تتحكّم فيها أربعة جمعيات كبيرة بمنطق القوّة أمّا البقية فإنّهم مجرّد «ديكور» وأرقام هامشية. ويضيف الكعبي أن الصّورة الرديئة التي ظهر بها فريقنا أمام أنقلترا وبلجيكا هي نتيجة حتمية ل «الشّوك» الذي زرعته «المنظومة القائمة» في ملاعبنا التي إجتاحها العنف والشغب والتي غابت فيها الفواصل المَهارية والعروض الفُرجوية مُقابل حضور المهازل التحكيمية والإنفلاتات في صفوف المسؤولين و»الكوارجية». أخطاء فنية فادحة يرفض الكعبي مسح الإخفاق المُونديالي في قميص جهة بعينها ويعتقد أن المسؤولية جَماعية وتَتحمّلها كلّ الجهات المَعنية وعلى رأسها المدرب الذي وقع في أخطاء فنية وإتّصالية لا تُغتفر بعد أن وعد الجماهير الرياضية ببلوغ الدّور ربع النهائي دون أن تكون لنا القدرات الضرورية لتحقيق هذا الحلم الذي سيطر على أذهان المحبين قبل أن يتلقوا صدمة شديدة بعد الهزيمتين المُؤلمتين على يد الأنقليز وبلجيكا. وقد أساء المدرّب التعامل مع مقابلتي أنقلترا وبلجيكا وحكم على المنتخب بالخروج من المونديال بطريقة غير مشرّفة خاصة بعد الخسارة التاريخية في الجولة الثانية ضدّ البلجيكيين الذين يملكون مؤهلات عريضة. لكن هذا لا يعني أنهم «عملاق» يَصعب هزمه كما أكد مدربنا الوطني الذي نحسب أنه تراجع عن رأيه بعد «الغَصرة» الكَبيرة التي عاشها الفريق البلجيكي أمام اليابان في الدّور ثمن النهائي. وبالتوازي مع الهفوات الصّادرة عن نبيل معلول يرمي ابن الملاسين الكرة في مرمى رئيس الجامعة وديع الجريء الذي فشل في أداء الأمانة بعد أن أفرزت سياساته الإرتجالية بطولة عَنيفة و»فاسدة» ومنتخبا ضَعيفا. ويعتقد الكعبي أن الوزارة تتحمل بدورها جانبا من الفشل لأنها لم تقم بالإصلاحات المطلوبة للنّهوض بالرياضة التونسية. لعبة المصالح لم يتردّد علي الكعبي لحظة واحدة ليؤكد بأن منتخبنا الوطني راح «ضحية» الأخطاء الكَارثية لمدرّبه وشطحات رئيس الجامعة علاوة على «تورّط» الفريق في لعبة المصالح ويؤكد الكعبي بأعلى صوت بأن «النسور» يشكّلون في نظر الكثيرين مطيّة لخدمة أهدافهم الذاتية. والأخطر من ذلك أن محيط المنتخب غير نقي ويسيطر عليه «السماسرة» والدخلاء كما أن منتخبنا في عُزلة تامّة عن جمهوره (المتواجد في تونس) بدليل حرمان المحبين من الإلتحام بالفريق عشية إقلاع الطائرة إلى روسيا بمناسبة النهائيات المُونديالية. ويؤكد الكعبي بحسرة كبيرة أنّه يشعر بأن المنتخب في نسخته الحالية أصبح في قبضة الجامعة والمدرب وأضحى «بعيدا» عن مَالكه الحقيقي وهو الجمهور التونسي الذي كان يستحق فرحة التأهل إلى الدور الثاني. كذبة أخرى يُفنّد مدافعنا الدولي السّابق «كذبة» محدودية إمكانات «الكوارجية» التونسيين وهي نظرية تَبنّاها المدرب والجامعة لإيهام الناس بأن تونس لا تملك القدرات اللاّزمة للإطاحة بمنتخبات عتيدة مثل أنقلترا وبلجيكا. ويظن علي الكعبي أن منتخبنا الوطني قد لا يملك «فلتات» كروية لكنّه يضمّ في صفوفه عدة أسماء لا يُستهان بإمكاناتها مثل وهبي الخزري وعلي معلول وحمدي النقاز وياسين مرياح وبسام الصرارفي ومعز حسان وأنيس البدري... وغيرهم. ويعتقد الكعبي أن لاعبينا «ضحيّة» مدربهم الذي لم يُحسن تجهيزهم على كل المستويات الذهنية والبدنية والتكتيكية. حديث الكواليس يؤكد علي الكعبي أن عدة لاعبين دفعوا غاليا ثمن حسابات وخيارات مدربهم نبيل معلول كما هو شأن بسام الصرارفي الذي كان يستحق الحصول على فرصة كاملة في التشكيلة التونسية بفضل إمكاناته الفنية الجيّدة و دون «مزية» من المدرّب كما يروّج البعض في الكواليس. ويضيف الكعبي أن «تهميش» هذا اللاعب أمر غريب وينطبق الكلام نفسه على عدة حالات أخرى مثل العكايشي والحرباوي (وقع إبعادهما من القائمة المونديالية). إصلاحات عميقة يؤكد الكعبي أن المنطق يفرض إحداث تغييرات كبيرة بعد الفشل الأخير في المونديال الروسي ويعتقد بأنه ينتظر إقدام رئيس الجامعة ومدرب المنتخب الوطني وكلّ «المتورطين» في هذه المهزلة على رمي المنديل حفظا لماء الوجه وخدمة لمصلحة الفريق الوطني والكرة التونسية عُموما. ويُشدّد الكعبي على أن لائحة «المتهمين» تضمّ المدرب والجامعة علاوة على مساعدي معلول والطبيب المثير للجدل سهيل الشملي وكذلك الإدارة الفنية التي كان من المفروض أن تكون قوية وفاعلة ولا تكتفي بتسجيل الحضور. وبغضّ النّظر عن «مصير» معلول والجريء يؤكد الكعبي على ضرورة القيام بالإصلاحات العميقة والتي تشمل البنية التحتية والتشريعات والتمويل ويدعو الكعبي الجمعيات إلى تحمّل مسؤولياتها والتخلي عن سياسة الخضوع و»شق عصا الطاعة» ل «النظام القائم» إنقاذا للكرة التونسية التي تسير نحو الهاوية. ويعتقد الكعبي أن قلب الأوضاع مسؤولية جميع الأطراف في مقدّمتها الجمعيات و»الكَوارجية» والصّحافة الرياضية الحرّة طبعا وليست تلك تورّطت في هذه «اللّعبة» السخيفة.