في أجواء تونسية بحتة احتفلت عناصرنا الدولية بعيد الفطر قبل أن تُغادر «موسكو» نحو «فولغوغراد» إستعدادا للموعد الكروي الكبير أمام الإنقليز. ويُدرك أبناء معلول أن طلب المجد يَحتاج إلى مجهودات كبيرة وتضحيات جسيمة ولاشكّ أيضا في أنّهم على علم بأن هذه اللّحظة التاريخية تفرض عليهم التحلي بالتركيز العالي ليكونوا في مستوى الإنتظارات ويُحقّقوا حلم الشعب التونسي وهو العُبور إلى الدّور الثاني. رحلات مكوكية بَعد رحلة أولى من «كراسنودار» إلى «موسكو» سافر «النسور» من العاصمة الروسية إلى «فولغوغراد» ليقطع بذلك فريقنا الوطني مسافة قَدرها 2000 كيلومتر أويزيد بما أن «كراسنودار» تَبعد عن «موسكو» حوالي 1196 كيلومترا في حين تبلغ المسافة الفاصلة بين «موسكو» و»فُولغوغراد» حوالي 900 كيلومتر. الجمهور في الموعد رَغم «الميزيريا» وطول المسافات بين المدن الروسية التي تحتضن فعاليات كأس العالم فإن الجماهير التونسية تغلّبت على الأوجاع والأوضاع وزحفت نحو أرض «بوتين» لتكون أفضل سند ل «النسور» في مُغامرتهم العالمية الخامسة. السّفارة الروسية في تونس قَدّرت عدد الوافدين من الخضراء بحوالي أربعة آلاف مشجّع وأكدت في الوقت نفسه أن العدد مرشح للإرتفاع خاصّة في ظل توقّع قدوم جَحافل أخرى من أبنائنا المُقيمين بالخارج والذين يدفعهم حبّهم للبلاد إلى إلغاء الحدود وإجتياز الحواجز نُصرة للفريق الوطني. ومن المؤكد أن إطاراتنا الديبلوماسية في الأراضي الروسية ستتّخذ كل الإجراءات الضرورية لتتمكن الجماهير التونسية من أداء واجبها إزاء المنتخب في ظروف طيّبة وبعيدا عن المَتاعب التي قد يُواجهها الوافدون خاصة في ظل عائق اللّغة والتعقيدات التي تتعلّق بالتنقل بين المدن التي تحتضن لقاءات «النّسور». أطماع الجامعة بعد أن فاجأ نبيل معلول الجميع ووعد ببلوغ الدور ربع النهائي في المونديال الروسي تضاعفت أطماع الجامعة خاصة أن تحقيق حلم التونسيين والعبور إلى المحطات المُتقدّمة سيدرّ على الخزينة التونسية المليارات علاوة على الفرحة الشعبية والمكاسب الرياضية والمنافع الترويجية لهذا المكسب الذي نتمنّى أن يتحوّل إلى حقيقة لا أن يَبقى مجرّد كلام ينطق به «الكوتش» لصناعة «البوز» وهي عادته المعروفة في كلّ محطّاته التدريبية وتجاربه التحليلية. وكانت الجامعة قد رصدت أكثر من 100 مليون لكلّ لاعب بعد فرحة العبور إلى المونديال ويبدو أنها على إستعداد تامّ للترفيع في المنح إذا تحقّقت «منامة» معلول الذي يريد الدور ربع النهائي: أي أن أحلامه تتجاوز ما يطالب به الشعب الذي يُمنّي النفس بفك «عُقدة» الدور الأول وبلوغ المحطّة الثانية (الدّور السّادس عشر). القرار بيد المدرّب إسترجع وهبي الخزري كامل مؤهلاته بعد فترة طويلة من العلاج على خلفية الإصابة التي جاء بها من «ران» والتي فرضت على الإطار الفني ل «النسور» وضعه خارج الحسابات في الوديات تفاديا لمضاعفات سلبية قد تُحطّم آماله في النهائيات المُونديالية وهو ما لن تَتحمّله التشكيلة التونسية بعد أن كانت قد خسرت مجهودات عنصرين مُهمين في المنطقة الأمامية وهما المساكني والخنيسي. مشاركة الخزري في لقاء الإنقليز ستكون رهن المدرب وينسحب الأمر نفسه على علي معلول الذي تخلّص من الأوجاع وأصبح تحت تصرّف الإطار الفني المحتاج حتما إلى اللمسة الفنية للخزري وإلى مهارة معلول من الجهة اليسرى للدفاع. لكن ذلك لا يَعني أبدا المُجازفة بهما أوبأحدهما ما لم يقع التأكد من جاهزيتهما التامّة لهذا اللقاء الذي يتطلّب «فورمة» كبيرة خاصة في ظل الإندفاع البدني الكبير للخصم والنّسق المُرتفع الذي من المُتوقّع أن يفرضه فريق «ساوثغيت» الحالم بتذوّق طعم الفوز على تونس كمدرب بعد أن كان شاهدا كلاعب على إنتصار منتخب بلاده على «النّسور» في مُونديال 1998. في إنتظار الحسم يَسعى نبيل معلول في لقاء اللّيلة إلى إيجاد التوازن المنشود بين الدفاع والهجوم: أي أن فريقنا سَيقاتل في منطقته الخلفية مع العمل على مُباغتة خَصمه بهدف غال وقد يُعبّد لنا الطّريق نحو الدّور الثاني. معلول يحاول إخفاء أوراقه قدر المُستطاع ل»مفاجأة» المنافس والغالب للظن أن تشكيلتنا ستضمّ الأسماء التالية ما لم تَتغيّر المُعطيات والحسابات في اللّحظات الأخيرة من التحضيرات: معز حسان (أوأيمن المثلوثي) – ديلان برون – ياسين مرياح – صيام بن يوسف – علي معلول – إلياس السخيري – الفرجاني ساسي – وهبي الخزري – نعيم السليتي – أنيس البدري – فخرالدين بن يوسف. هذا وتَبقى فرضية تشريك بن عمر قائمة ليشغل مكان سيف الدين الخَاوي في سط الميدان مع إعادة الخزري إلى «المَاكينة» الهجومية مُقابل سحب أحد أضلاع «المُثلّث» الذي ضغطنا به على دفاع إسبانيا: أي بن يوسف والبدري والسليتي. المساكني في الموعد أكدنا في السابق أن يوسف المساكني يُخطّط للسّفر إلى روسيا لمساندة زملائه بعد أن تَعذّر عليه خوض المونديال بسبب الإصابة وقد إلتحق يوسف فعلا بمعسكر «النسور» ولاشك في أن تواجده على عين المكان من شأنه أن يُحفّز اللاعبين للذّهاب بعيدا في النهائيات. المقابلات على الوطنية بعد إنتظار طويل وتفاوض عَسير تأكد خبر نقل مقابلات «النّسور» في المونديال على الشبكة الأرضية للقناة الوطنية ومن المعلوم أن المنتخب سيواجه في الدور الأوّل إنقلترا وبلجيكا وبَنما أيام 18 و23 و28 جوان. بين الكعبي وحسّان لام النّجم السابق للمنتخب علي الكعبي على الجامعة تجاهلها التامّ ل «الكوارجية» الذين دافعوا عن الراية الوطنية في الكؤوس العالمية بين 1978 و2006. وقال الكعبي وهو صاحب الهدف التونسي الأوّل في المونديال (ضدّ المكسيك) بأنه كان ينتظر من الجامعة دعوة البعض من اللاعبين القدامى ليكونوا بجانب المنتخب في روسيا إعترافا لما قدّمه هؤلاء من خدمات جليلة ل «النسور» ومن باب توفير الدّعم المعنوي لعناصرنا الدولية. والحقيقة أن موقف الكعبي صائب وكان من واجب الجامعة الإلتفات إلى بعض «نجومنا» المُوندياليين ولو كان الأمر عبر بعض الدعوات الخاصة والمحدودة (من خلال عملية قرعة مثلا تشمل كافة الأجيال التي شاركت في المونديال). ولا جدال في أن لاعبينا السابقين كانوا الأوْلَى بالتواجد في الرحلة الروسية التي شملت العديد من الأشخاص في نطاق المُجاملات بل نذهب أكثر من ذلك لنؤكد أن العالم يَعرف الشتالي والعقربي وطارق وتميم ومن بعدهم الواعر وبيّة وبوزيان والجزيري والطرابلسي والجعايدي لكنّه «يَجهل» تماما الجريء ومن معه من مُسيّرين. وفي سياق مُرتبط بموقف الكعبي سُئل حارسنا الواعد معز حسّان عن مدى معرفته ب»ملحمة» الأرجنتين عام 78 فقال بكل تلقائية بأنّه «يجهلها» والذنب طبعا ليس ذنب ابننا الوافد من بلد الأنوار وإنّما العيب في المشرفين على المنتخب بعد أن أقاموا الحواجز بين الفريق و»نُجومه» القدامى بسبب «عُقدة الكُرة» التي تُلاحق جلّ أعضاء الجامعة. فولغوغراد في سطور كانت مسرحا لمعركة «ستالينغراد» الشهيرة والفاصلة بين الإتحاد السوفياتي وألمانيا في الحرب العالمية الثانية يعدّ تمثال «الوطن الأم» من أبرز المعالم التاريخية في المدينة يقطنها حوالي مليون نسمة يوجد بها ملعب «فولغوغراد أرينا» الذي سيحتضن لقاء تونس وإنقلترا (يتّسع لحوالي 45 ألف متفرّج ويستخدمه فريق روتور فولغوغراد)