رَغم «الحَماقات» التي إرتكبها العبقري نبيل معلول والتجاوزات التي وقع فيها «الأمبراطور» وديع الجريء لم تخل المُغامرة التونسية في الملاعب الروسية من بعض النقاط الإيجابية والتي يُمكن أن نختزلها في القيمة الفنية لعدد من «الكوارجية». مكسب كبير هُناك شبه إجماع على أن حارسنا الجديد والواعد معز حسّان مكسب كبير ل «النسور» بالنظر إلى صِغر سنه وأدائه الباهر. ولم يلعب معز حسّان سوى دقائق معدودة في المونديال بفعل الإصابة التي تعرّض لها في مُستهل المباراة الإفتتاحية ضدّ الأنقليز ومع ذلك فإن أصيل منطقة أولاد الشامخ كسب تعاطف الجماهير التونسية ونال ثقة كلّ المختصين في الشباك بعد أن أجمع هؤلاء على مُؤهلاته الفنية والبدنية والذهنية. وقد احتل حسّان القلوب بعد أن غادر ملعب «فولغوغراد» باكيا على سوء الطّالع الذي حكم عليه بالخروج من النهائيات العالمية. وفي ظل نهاية مسيرة «البلبولي» مع المنتخب وضَياع بن شريفية وإقصاء الجريدي سيحمل حسّان مستقبلا الآمال التونسية ومن المؤكد أنه سيشكّل مع بن مصطفى ثنائيا مُمتازا ويُمكننا أن نشعر بالأمان والإطمئنان على شباكنا في ظلّ وجودهما. «برافو» ديلان رغم بدايته السيئة مع المنتخب أثناء اللّقاءات الودية فإن ديلان برون تدارك النقائص وتمكّن من الظّهور بوجه مُشرّف في المونديال. وقد قام برون المُحترف في «لاغنتواز» البلجيكي بالمطلوب في لقاء أنقلترا ونجح في أداء مَهمّته على أحسن وجه على مستوى الجهة اليمنى وذلك على عكس زميله في الخانة اليسرى علي معلول. هذا قبل أن يتألّق برون أكثر في مباراة بلجيكا ويعاضد الهجوم وقد أثمرت مجهوداته هدف تذليل الفارق أمام «النّجوم» البلجيكية وقد عاش برون حادثا مُشابها كذلك الذي عرفه معز حسّان بما أن ظهيرنا الأيمن غادر الميدان متأثّرا بالإصابة التي تعرّض لها. رغم الأوجاع رغم أوجاعه وإجباره بقرار من المدرب على قيادة الهجوم بدل اللّعب في مركزه الأصلي في الرواق فإن مُحترفنا في «ران» الفرنسي وهبي الخزري تحامل على نفسه وأكد من جديد علو كعبه. وكان الخزري قد صنع الهدف الأوّل أمام بلجيكا وذلك بعد أن نفّذ مخالفة وصلت على إثرها الكُرة إلى ديلان ليعانق بها شباك الخصم وحفظ وهبي ماء الوجه بهدف ثان في الوقت البديل. «ضحايا» معلول عُموما كان المردود العام للاعبي المنتخب الوطني باهتا ولم يرتق إلى مستوى التطلّعات خاصّة أن بعضهم أبدع في المقابلات الودية والتصفيات المُونديالية كما هو شأن أنيس البدري ونعيم السليتي ومحمّد أمين عمر... وغيرهم. وقد يكون من حقّ المحبين أن يصبّوا جام غضبهم على اللاعبين نتيجة الشعور ب»الخذلان» بعد مَهزلة أنقلترا و»فَاجعة» بلجيكا لكن هذا لا يُخفي أبدا تورّط الإطار الفني في «تكبيل» الأقدام التونسية نتيجة خُططه الفنية الغريبة وهواجسه الدفاعية علاوة على مراهنته على عدّة أسماء دون أن تكون في أتمّ جاهزيتها البدنية كما هو شأن الخزري وبن عمر ومعلول «المسكين» الذي هاجمه الشّعب بأكلمه بعد أخطائه الفادحة والناجمة للأمانة عن إلحاح المدرب على إقحامه رغم يقينه الراسخ بأن لياقته في الحَضيض. ولن نغفل عن العديد من الأسماء التي همّشها المدرب والتي كان بوسعها أن تقدم الإضافة للفريق الوطني مثل بسام الصرارفي وأسامة الحدادي مقابل التمسّك ببعض «الكوارجية» الذين ظهروا للأمانة بوجه شاحب مثل يوهان بن علوان وسيف الدين الخاوي. الأمل في المستقبل بعد الطّرد المرتقب للمدرب معلول وغربلة الزاد البشري من خلال إنهاء مَهام بعض «الشيوخ» مثل «البلبولي» وبن علوان من المُمكن أن يكسب الجيل الحالي الرهان في التحديات المقبلة خاصة أن الفريق يضمّ في صفوفه العديد من الطاقات الشابة والعناصر التي بلغت مرحلة النّضج. ومن المؤكد أن العارفين بالكرة يدركون جيّدا بأن المنتخب دفع أولا وأخيرا ثمن الهفوات «الكارثية» لمدرّبه ولم تَخنه إمكانات «الكوارجية» كما يروّج لذلك «سي» نبيل الذي قال بأن المثلوثي ومرياح ومعلول وبن عمر والخنيسي الغائب بفعل الإصابة والمساكني المُحتجب للسبب نفسه هم الأفضل في برّ إفريقيا. هذا قبل أن ينقلب معلول ويبرّر سقوطه المُذلّ أمام بلجيكا بالفوارق الكبيرة بين لاعبينا و»نجوم» بلجيكا. شكرا للجمهور نقطة أخرى مضيئة في المونديال وهي الوفاء الدائم للجماهير التونسية التي جاءت من كلّ فجّ عميق لنصرة «النسور». ويستحق هؤلاء تحية إكبار ولاشك في أنهم يمثّلون أفضل سند للمنتخب في بقية المشوار. وحديثنا طبعا عن الجماهير الحقيقية وليست تلك الفئة التي قصدت روسيا لمآرب أخرى غير الكرة أوتلك التي أساءت إلى صُورة البلاد من خلال أفعالها المشينة وتصريحاتها المُخجلة في بعض القنوات الأجنبية.