في محطة البساج، وفي وضح النهار، منحرف يقوم بمباغتة ضحيته (امرأة) من الخلف، لينشل هاتفها الجوال، ثم يدفعها أرضا، ليلتحق به شخص ثان على متن دراجة نارية ليتحصنا معا بالفرار... تونس (الشروق) الجناة غابوا بين الانهج، وغاب معهم هاتف جوال الضحية، التي عاشت حالة من الرعب والصدمة، حيث انهمرت دموعها من الارتباك والفجع الشديد، الذي لم يستطع الحاضرون تخفيفه، والذين بدورهم قالوا: «حياتنا اليومية أصبحت تنغصها آفة البراكاجات والنشل». هذا المشهد، يتكرر تقريبا مع العشرات من التونسيين في اغلب مناطق العاصمة، وبصفة يومية، فجريمة النشل و»البراكاجات»، لم تعد تقتصر على مكان او زمان معين، فحديقة البساج تحولت الى وكر للصوص الذين يكون ضحاياهم مستعملي الحافلات والمترو الخفيف، وقد أفاد احد حراس الحديقة ان هذا الفضاء العمومي اصبح يشهد جرائم بشعة من ذلك مقتل احد المواطنين في الفترة الاخيرة بعد تعرضه الى عمليات سطو. رعب...في قلب العاصمة في قلب العاصمة، وتحديدا بشارع قرطاج، تفاقمت ظاهرة النشل و»البراكاجات»، فحسب متساكني المنطقة، فإنهم يتعرضون باستمرار، الى عمليات سطو تستهدف منازلهم وسياراتهم، وفي بعض الاحيان يتم تحويل وجهتهم بعد ان يقع الاعتداء عليهم، بالكلاب والغاز المسيل للدموع او الاسلحة البيضاء، وقد افادنا احد اعوان الحراسة التقته «الشروق» ان المنطقة تعيش على وقع الرعب اذ انه كان شاهد عيان على عدد من الجرائم التي استهدفت فتيات و شبان يتم الاستيلاء على هواتفهم الجوالة وحواسيبهم المحمولة وأموالهم ومصوغهم. وتابع قوله: «ان جميع المحلات التجارية بشارع قرطاج، استعانت بأجهزة كاميرا المراقبة، بعد تكرر عمليات السطو»، مضيفا انه تم استهداف عدد من المنازل خلال شهر رمضان يتم خلعها والاستيلاء من داخلها على الاموال والمصوغ وان الكثير من العائلات تضررت من هذه الآفة. لصوص يروعون المارة كما أفادنا عدد من المواطنين الذين التقتهم «الشروق» ان عدد من اللصوص القادمين من المناطق الشعبية المجاورة، يهاجمون المارة مستعملين السيوف، والأسلحة البيضاء، ثم يلوذون بالفرار او يتحصنون ببعض البنايات المهجورة بحي ابن خلدون أين يتقاسمون المسروق ويعقدون جلسات خمرية. وقالوا انهم يعيشون الرعب، خاصة في الساعات المتأخرة من الليل حيث يصعب الدخول الى الشارع، لان مصيرهم سيكون «البراكاج» وربما الموت، مضيفين ان منفذي هذه الجرائم لم يعودوا يتسترون بالليل بل انهم يقومون بنفس الجرائم في وضح النهار ويصطادون ضحاياهم في الصباح الباكر. من جهة اخرى، افاد عدد من أصحاب سيارات النقل الجماعي ل»الشروق» انهم بدورهم يتعرضون الى عمليات نشل من قبل بعض المنحرفين، وان عددا منهم سلبت اموالهم عند مباشرتهم لعملهم في الساعات المتأخرة، من قبل عصابة وقعت مؤخرا في قبضة الامن، وكانت تتحصن باحد البنايات المهجورة وقد حجز لديها اموال ومصوغ واسلحة وكلاب يتم استعمالها في عمليات الترهيب. عصابات...ترتع وفي منطقة سيدي حسين، يعيش الأهالي على وقع عمليات النشل لحقائبهم اليدوية وهواتفهم الجوالة ، وخلع سياراتهم، بشكل يومي، لتقوم الفرق الامنية في الفترة الاخيرة، بتفكيك شبكة خطيرة يقودها شخص يحمل كنية «ولد عنتر» ومهمة هذه العصابة نشل الهواتف الجوالة والحقائب والمصوغ وخلع السيارات بواسطة العصي والأسلحة البيضاء، وقد وصل عدد المتضررين من هذه العصابة إلى حوالي 12 شخصا، تعرفوا على الجناة الذين تم ايقافهم واحالة ملفاتهم على السلطات القضائية. تطور نوعي في الجريمة وأفاد ايمن سوسية رئيس الجمعية التونسية للوقاية من الاجرام في تصريح ل»الشروق» ان منفذ البراكاجات اصبح يتميز بخصائص فيزيولوجية ونفسية واجتماعية، اذ ان القانون والسجن لم يعد عاملا لردعه، كما انه اصبح يتمتع بشخصية قادرة على استنباط افكار تخدمه في مخططاته الاجرامية، فهو على علم بان الوحدات الامنية متفرغة لمقاومة الارهاب والجرائم المنظمة، كما ان بعض هذه العصابات لها معطيات حول تحركات الدوريات الامنية. وأشار محدثنا ان اللصوص مرتبطون بعصابات مكلفة بترويج المسروق، من ذلك المصوغ يتم بيعه لبعض تجار المصوغ الذين يشترون الذهب توفر فواتير الشراء، والذي يكون في بعض الأحيان مصدره مجهولا ، مؤكدا انه يجب تركيز وحدة امنية قارة بالسوق، مهمتها التحري في مصدر المصوغ للحد من ظاهرة البراكاجات التي تطال النسوة والفتيات.