بغضّ النّظر عن مآلات «الغَصرة» التي عاشتها الوزيرة في حضرة النّواب نعتقد أن جلسة الإستماع لماجدولين الشارني بشأن مُغامرتنا المُونديالية الفاشلة وما رافقها من تجاوزات تنظيمية فادحة حقّقت فائدتين مُهمتين. المَنفعة الأولى تَتمثّل في إطفاء جزء من نيران الغضب التي إجتاحت البيوت التونسية منذ الصّدمة الكُروية ضدّ «النجوم» البلجيكية وسط خطابات إستفزازية لرئيس الجامعة والمدرّب. أمّا المَنفعة الثانية فإنها تكمن في توجيه دلالات رمزية ورسائل قوية مَفادها أنه لا أحد فوق الحِساب والعِقاب سواء كان وزيرا أومسؤولا عن جمعية أوجامعة رياضية كما هو شأن المُشرف الحالي على كُرتنا وديع الجريء الذي نحسب أنّه يملك الفطنة الضرورية ليدرك بأن «مُساءلة» الوزيرة تحت قبّة البرلمان هي في الحقيقة «مُحاسبة» لمكتبه ومدرّبه نبيل معلول بعد الإخفاق في الكأس العالمية و»إغراق» الشّعب في الأوهام بدل التألق في هذه التظاهرة الكَونية وإسعاد المواطنين الذين «يَقتلهم» العطش للماء والفرح الذي كثيرا ما صنعته الأقدام والسواعد التونسية في المحافل الرياضية. خطوة إيجابية لإطفاء «الحَريق» إنّ «الإمتحان» العَسير لماجدولين في البرلمان سَيخفّف ولو إلى حين أوجاع المحبين خاصّة أنهم كانوا ينتظرون بفارغ الصّبر تحرّك الفاعلين في السياسة والرياضة من أجل «تَتبّع» كلّ «المُذنبين» في حقّ الفريق الوطني وجمهوره الغالي الذي إستحق الشّكر والتقدير لمساندته لعناصرنا الوطنية في الملاعب الروسية ونجاحه في ترويج صورة إيجابية عن الخضراء رغم تعرّض فئة كبيرة من الأنصار لعملية «تحيّل» مُمنهجة على يد وكالات الأسفار ومؤسسات الخدمات. ورغم أنّ «مُساءلة» الوزيرة عملية رُوتينية فإنّها جاءت في توقيت دقيق وحسّاس في الكرة التونسية ما جعلها تُشكّل «إنتصارا صغيرا» للجماهير الرياضية الغَاضبة على ضياع الحلم المونديالي والنّاقمة على المَنظومة القائمة بقيادة الوزيرة ماجدولين الشارني ورئيس اللّجنة الأولمبية محرز بوصيان ورئيس جامعة الكرة وديع الجريء الذي سيلتقط هذه المرّة بإنتباه شديد كلّ الإتّهامات الخَطيرة الموجّهة لجامعته ومدرّبه معلول وسيدرك حتما أن الطّوق بدأ يَضيق و»جبهة المُعارضة» تَتّسع ولا مفر من طَرد «الكوتش» بصفة فورية في إنتظار الحسم في «مستقبل» الجامعة المنضوية تحت حكم الوزارة التي تُخوّل لها الأعراف والقوانين متابعة ومراقبة ومحاسبة التصرّف الفني والإداري والمالي لكلّ المصالح الراجعة لها بالنّظر والتي تتمتّع بنصيب من التمويلات العمومية كما هو شأن جامعة الكرة التي ضخّت الدولة في حساباتها أكثر من نصف مليار للتحضير للمونديال علاوة على الإسهام في تأمين جرايات الإطارات الفنية للجامعة التي أنفقت حوالي أربعة مليارات لتخرج من كأس العالم بفوز «صَغير» على «بَنما» المَغمورة. الفشل يُساوي الرحيل في خِضمّ «الأزمة» الكَارثية للكرة التونسية سيراهن رئيس الجامعة كعادته على «الحَصانة الدُولية» من قبل «الفيفا» و»المَناعة» التي تُوفّرها له الجمعيات «المُناشدة» خدمة لمنافعها الذاتية لا من باب مُراعاة المصلحة الوطنية وسيوظّف «النظام القائم» أيضا «مَاكينته» الدعائية لتستبسل في الدّفاع عن إستمرارية «أمبراطوريته» الكُروية «المُنحرفة». وقد تملك الجامعة «فزّاعة» «الفيفا» و»سلاح» الأندية والمال والقانون والتحكيم والإعلام لكنّها تفتقر إلى العنصر الأهم على الإطلاق والذي لا يمكنها أن تشتريه حتى وإن توفّرت بين يديها ثروات «قارون» والكلام عن الشرعية الشعبية. ذلك أن صورة المنظومة الحالية في الحضيض وثقة الناس في مسؤوليها وبرامجها معدومة. وقد يكون الخلاص الوحيد في رمي المنديل وهو من السلوكات الحَضارية التي تقوم بها كل الجهات السياسية والشخصيات الرياضية عند الفشل في أداء الأمانات وفقدان ثقة الناس علاوة على تفادي السيناريوهات السوداء التي عادة ما يواجهها المتشّبثون بالمناصب واللاّصقون في الكراسي كما حصل بالأمس مع الزعيمين التاريخيين للكنفدرالية الإفريقية و»الفيفا» «عيسى حياتو» و»جوزاف بلاتر» الذي تمّ رشقه بالنقود المزيّفة على الملأ وهو موقف مُخجل لا نتمنّاه لمسؤولينا ومدربينا رغم كلّ «الكوارث» المرتكبة في ساحتنا الرياضية. فهل يجد وديع «الجرأة» لينسحب من منصبه مثله مثل مدرّب المنتخب نبيل معلول وبقية «القادة الكبار» لرياضتنا وفيهم الوزيرة ورئيس اللّجنة الأولمبية؟