بعد أن إتّفق العرب على الإخفاق ومُغادرة سباق المونديال منذ الدّور الأوّل وبعد أن تساقط «الكبار» الواحد تلو الآخر لم يبق في ساحة المَعركة سوى أربعة فرق أوروبية وهي فرنساوبلجيكاوكرواتيا وأنقلترا. وسيكون الموعد اليوم مع الصّراع الأوّل للدّور نصف النهائي ومن المنتظر أن تبلغ الإثارة أعلى مستوياتها قياسا بأهمية الرّهان وبالمؤهلات الفنية العالية ل «الدّيوك» الفرنسية و»الشياطين» البلجيكية بقيادة «ديشامب» و»مارتيناز». الخبرة الفرنسية في الميزان تدخل التشكيلة الفرنسية هذه المواجهة النارية وعينها على المحطّة النهائية خاصّة بعد أن إنهارت جلّ «القُوى التقليدية» في منتصف الطّريق الشيء الذي يُضاعف آمال الفريق الأزرق للتتويج بالكأس الغالية كما فعل جيل التسعينيات المُتكوّن من «بارتاز» و»بُوتي» و «كارامبو» و»زيدان» و»ديشماب» الحالم بالحصول على الزّعامة العالمية كمدرب بعد أن تذوّق حلاوة الفوز باللّقب الأضخم والأهمّ كلاعب. فرنسا تراهن على تقاليدها التاريخية في «المُونديالات» علاوة على حِنكة مدرّبها «ديشامب» الذي تعامل مع المقابلات بواقعية كبيرة وقاد الفريق إلى المربّع الذهبي بأعصاب من حديد. وقد جاء الفوز المُثير إلى الأرجنتين في الدّور ثمن النهائي ليمنح «الديوك» الفرنسية أجنحة إضافية مكّنتها من إجتياز عَقبة الأوروغواي بسلام ليضرب أبطال العالم في 98 موعدا مع جارتهم الأوروبية وهي بلجيكا. علاوة على تَجاربهم الواسعة في الكؤوس العالمة يُعوّل الفرنسيون أيضا على المهارات الفردية لعدد من «نجومهم المتوهّجة في النهائيات الروسية كما هو شأن «مبابي» الذي ملأ الدنيا وشغل «باريس» بعد «مَلحمته» الكروية الرائعة أمام الأرجنتين. وتملك فرنسا كذلك «كوارجية» آخرين بوسعهم أن يصنعوا الفارق دفاعا وهجوما مثل الحارس الخبير والمتألق «لوريس» والمدافع الصّلب «فاران» ولاعب الوسط «بوغبا» وهداف «أورو» 2016 «غريزمان» وكذلك «غيرو» الذي يريد القضاء على الشك وإثبات قدراته الهجومية. هل تتواصل «الثورة» البلجيكية؟ في الطّرف المقابل من ميدان «كريستوفسكي» نجد الفريق البلجيكي الذي أثبت إلى حدّ الآن على الأقل بأنه جدير بالترشيحات التي أكد أصحابها جدارة أبناء المدرب الإسباني «مارتيناز» بالذّهاب بعيدا في النهائيات المونديالية. وقد أظهرت «النجوم» البلجيكية أنها تملك «مَاكينة» هجومية فعّالة حيث سحق رفاق المُهاجم «الظّاهرة» «لوكاكو» «بَنما» بثلاثية وأمطروا الشباك التونسية بخماسية كاملة قبل أن يتّفوقوا كذلك على الأنقليز ويُعطّلوا بعد ذلك «الحَواسيب» اليابانية ويقهروا في الدّور ربع النهائي «الصّامبا» البرازيلية. ومن الواضح أن الإطاحة ب»العملاق» البرازيلي وهو صاحب الباع والذراع في الكرة العَالمية والفريق الأكثر تَتويجا ب»الأميرة» المُونديالية من شأنها أن تجعل «الشياطين» البلجيكية تحلم بكتابة التاريخ وتدوين اسمها في سجلاّت الأبطال للمرّة الأولى في تاريخ «المَملكة» البلجيكية التي ينطق مواطنوها بعدّة لغات منها الفرنسية والتي لا يتجاوز عدد سكانها ال 11 مليون (الشيء الذي يُكذّب نظرية الثّقل الديمغرافي للتميّز في التّظاهرات الرياضية «العِملاقة» مثل المُونديال). ومن المعروف أنّ بلوغ المربّع الذهبي يُعتبر «الإنجاز الأعظم» للكرة البلجيكية التي كانت قد حَقّقت هذا المكسب في مونديال 1986 في الملاعب المكسيكية وسيظهر اللّيلة «الشَياطين الحمر» للمرّة الثانية في هذه المحطّة المُتقدّمة من الكأس العالمية. ولا ندري هل أنّ التاريخ سَيرجّح كفة «الديوك» الفرنسية المُتعوّدة على «الفينالات» أم أن «الثّورة» البلجيكية ستعصف بأحلام الفريق الأزرق ورئيسه «ماكرون» الذي من المفروض أن يواكب هذا «الدربي» السّاخن على طريقة أكثر من «زعيم» سياسي إستفاد من المُونديال لدعم رصيده الشّعبي كما فعلت قائدة كرواتيا التي أضحت حديث النّاس في المجالس.