مازالت «خيبة» المونديال تسيطر على كل التونسيين خاصة بعد «الفضيحة» امام بلجيكا والانتصار المتواضع على اضعف منتخب في الدورة «بنما» والذي نصّبه أهل القرار في الجامعة «انجازا تاريخيا» ترقبه التونسيون منذ اربعون سنة دون ان يعوا ان بنما هو المنتخب الاضعف في المونديال وان الانتصار عليه لا يمكن ان يقارن بأي حال من الاحوال بملحمة جيل 78 بعد الانتصار على المكسيك بثلاثية كاملة. الضحك على ذقون التونسيين مثلت تصرفات نبيل معلول مع المنتخب في روسيا و»دموع» التأثر بالنشيد الوطني وحديثه عن «الاستخارة» التي ستحدد مستقبله مع المنتخب... القطرة التي أفاضت الكأس وقلبت الموازين بين صفوف الجماهير التي طالبت بضرورة محاسبة كل الفاشلين والمتسببين في نكسة المنتخب في المونديال. ورغم الضغط الجماهيري الرهيب والمطالبة برحيل معلول، تشبث الاخير بالتعاون مع رئيس الجامعة بالشرعية ودافعوا بشراسة عن كراسييهم واوهموا التونسيين بعظمة انجازاتهم في روسيا و»شحذوا» سيوفهم وجندوا «ابواق دعاياتهم» لإطفاء رغبة التونسيين في رحيلهم. مناورة جديدة اعلنت الامعة التونسية في بلاغ لها قامت بنشره في ساعة متأخرة من ليلة اول امس، قرار يقع الاعلان عنه في منتصف الليل تحت جنح الظلام وفي سكون الليل، وهو أمر يدعوا بدوره الى الريبة. اعلنت ان مدرب المنتخب نبيل معلول طلب فسخ عقده بالتراضي بعد ان تلقى عرضا مغريا من فريق الدحيل القطري، واكدت ان مسؤولي الدحيل «التمسوا» الجريء حتى لا يقف حجر عثرة امام طلبهم. فهل يغادر معلول حقا؟ وهل ان هذا القرار كان مدروسا وجاهزا من قبل خاصة ان الجميع يعلم ان علاقة معلول بالقطريين لا تشوبها شائبة وهو الذي لا يفوّت فرصة على العلن ليمجّد فيها قطر ومنشئاتها الرياضية بعد التربص الذي اجراه المنتخب هناك وكان مدفوع الاجر مسبقا...؟ حرب استباقية يدرك الجميع ان الجزائري جمال بالماضي مدرب الدحيل القطري تمكن من قيادة فريقه لتثبيت هيمنته على كرة القدم القطرية بعد تتويجه بكأس الامير على حساب الريان وأحرز «الدحيل» الذي أسس العام الماضي بدمج ناديي الجيش ولخويا، لقب الدوري المحلي وكأس قطر. كما يقدم أداء لافتا في دوري أبطال آسيا إذ بلغ الدور ربع النهائي بتفوقه 8-3 في مجموع مباراتي الذهاب والإياب ضمن دور ال16 على حساب العين الإماراتي. وكان الفريق القطري الوحيد في منطقتي غرب وشرق آسيا الذي تمكن من إنهاء دوري المجموعات بالعلامة الكاملة بفوزه في مبارياته الست، ولم يتلق الدحيل في الأشهر الماضية سوى هزيمة واحدة وذلك في مباراة كأس السوبر أمام السد في مطلع الموسم. انجازات تؤكد ان النادي القطري لا يمكن ان يرتكب خطأ فادحا ويفرّط في مدربه او ربما يكون الاتحاد القطري يفكّر في بالماضي لقيادة منتخب 2022...ولئن تبقى كل هذه التصورات مجرّد تخمينات، فإن المتعارف عليه ان نبيل معلول لا يمكن ان يكون افضل من بالماضي وقد يكون حديثه عن تلقي عرض من الدحيل في مثل هذا الوقت بالذات ضربا من ضروب «الحرب الاستباقية» حتى يضفي مزيدا من الشرعية على عقده مع الجامعة التونسية لكرة القدم.... الدور على المدير الفني ورئيس الجامعة مثلت جلسة المساءلة لوزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني تحت قبة البرلمان، طوق النجاة، بالنسبة للجماهير وكل الشعب التونسي الذي طالب برحيل كل رموز الفشل بعد الفضيحة المونديالية، ولئن عرفت الوزيرة كيف تفلت من شراك أسئلة النواب بعد ان وعدتهم بردّ شاف بعد اطلاعها على التقرير المفصل الذي طلبته من الجامعة، فإن اصرار التونسيين على رحيل كل رموز الفشل لن يتوقف مع رحيل معلول لأن اعادة بناء منتخب عتيد يكون قادرا على مقارعة المنتخبات الاخرى افريقيا وعالميا يتطلب هيكلة جديدة للادارة الفنية التي لم تفلح منذ عقود في خدمة كرة القدم التونسية. ضرورة تغيير الادارة الفنية يتطلب حتما رحيل رئيس الجامعة ايضا بعد ان دخلت الكرة التونسية في نفق مظلم في السنوت الاخيرة وكرست الجهويات والعنف ولا نظن ان ذاكرة التونسيين ضعيفة لتنسى تلك المشاهد التي انتهى عليها الموسم الرياضي المنقضي... فهل يتجرأ باقي المسؤولين ويرفعوا راية الاستسلام خدمة لمصلحة كرة القدم التونسية ام ان حب الكراسي والمناصب وشماعة «الفيفا» والقوانين والحصانة ستمنعهم من ذلك؟