مرة أخرى تقرر وزارة التربية العودة الى النظام القديم للعطل المدرسية والامتحانات معلنة بذلك عن فشل كل الإجراءات التي جربت قبل سنتين وكانت محل تشاور مع كل الأطراف. ارتجال جديد واستخفاف بالمنظومة التربوية في تونس التي تؤكد كل المؤشرات انها فاشلة ولم تتطور بالشكل المطلوب. كل التونسيين وقفوا على حقيقة النتائج الكارثية في المناظرات الوطنية وتدني مستوى التلاميذ بسبب تدني وانهيار المنظومة التربوية في تونس. حكاية الإصلاح التربوي في تونس حكاية طويلة ومقرفة ومقلقة ولم تعد تثير اهتمام وفضول الناس... كل سنة قرارات جديدة تلغي القديمة والتعليم في انهيار متواصل ومستمر. ماذا يمكن ان ننتظر من منظومة تربوية تنتج كل عام اكثر من مائة الف تلميذ يطرد وينقطع عن التعليم ، وماذا ننتظر من منظومة تربوية في بلد ترتفع فيه سنويا نسبة الأمية. الإصلاح التربوي لا يحتاج الى قرارات واجتماعات لا تنتهي وجلسات تتواصل الى ساعات متأخرة من الليل بل يحتاج الى إرادة حقيقية والى أفكار بسيطة قادرة على ان تحدث الفرق. البلدان التي سبقتنا بنت نظاما تعليميا يتماشى مع أهدافها وواقعها ومع متطلبات مستقبلها وحرصت على ان توفر وتمنح فرصة النجاح الى الجميع كانت قاعدة الإصلاح النجاح هو القاعدة والفشل هو الاستثناء. اليوم العالم يتغير حولنا، أنظمة التعليم والتدريس والتكوين تغيرت، قواعد التقييم تطورت وصارت اكثر مرونة في حين نظامنا التعليمي في تونس يتعقد ويتأخر ويفقد مصداقيته ونجاعته ويدفع بالآلاف من التونسيين الى الأمية. العودة الى العمل بالإجراءات القديمة في تعليمنا اقرار صريح بالفشل وبالعجز عن تقديم التصورات والحلول. تعليمنا اليوم يحتاج الى إنقاذ وليس فقط الى مجرد إصلاح وقرارات مرتجلة تطبق هذا العام ثم تلغى في العام الذي يليه. أجيال كثيرة في تونس كانت ضحية لفشل نظام التعليم ولفشل الإصلاح التربوي وحان الوقت للاعتراف بالحقيقة واقرار اصلاح حقيقي.