انتخابات المجالس البلدية لم تنته بعد. بل توشك على الانتهاء. والأطراف المشاركة فيها بصدد التنازع على رئاساتها. وفي انتظار الانتهاء منها تواصل حركة النهضة تسجيل النجاح تلو الآخر. فما مرده وما الذي يميزه؟ تونس الشروق: حركة النهضة الأولى بين الأحزاب في الانتخابات البلدية. لكن المرتبة الأولى في دائرة انتخابية مّا لا تعني الحصول آليا على الرئاسة. بل قد يتحالف البقية أو أغلبهم ليتوجوا رئيسا منهم على حساب أصحاب المرتبة الأولى. لهذا سعى حزب نداء تونس مثلا إلى تعويض فشله النسبي في الانتخابات بالاستحواذ على رئاسات المجالس البلدية اعتمادا على لعبة التحالفات مع المستقلين وبقية الأحزاب ضد النهضة. وما يهمنا أن الحركة لم تتأثر بالتحالفات. وإن تأثرت فإن تأثرها يبقى محدودا وبسيطا. بل إنها استفادت من التحالف مع بعض خصومها على حساب خصوم آخرين (مثال الكرم وبوعرادة...). النهضة فازت برئاسة أهم بلدية تونسية. وهي بلدية تونس بعد منافسة شرسة بين ممثلتها سعاد عبد الرحيم وممثل نداء تونس كمال ايدير. كما أنها فازت برئاسة بلديات كبرى مثل صفاقسوالقيروانوبنزرت. وحصدت في ولاية مدنين جميع رئاسات المجالس. والأهم أنها حضرت في أغلب جهات الجمهورية من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. في كل الجهات خلال الاستحقاق الرئاسي الماضي كان هناك ما يشبه التقسيم الجهوي بين شمال صوّت في معظمه للرئيس الحالي الباجي قايد السبسي وجنوب اختارت أغلبيته الرئيس السابق منصف المرزوقي. لكن الانتخابات البلدية قضت على هذا التقسيم المسيء الى الوحدة الوطنية في مناسبتين الأولى خلال انتخاب أعضاء المجالس (انتخابات 6 ماي الماضي) والثانية خلال انتخابات رؤسائها. والدليل أن النهضة لم تكتف بجهة دون أخرى . بل عاشت منافسة شرسة في أغلب الجهات. وفازت في الشمال (بنزرت مثلا) مثلما تقدمت في الوسط (القيروان مثلا) والجنوب (مدنين مثلا). لكن النتائج لا توحي بسيطرة مطلقة في جميع الجهات. ففي الوسط لم تفز برئاسة أي مجلس في زغوان وفي الشمال الغربي اكتفت بربع مجالس سليانة (3 من 12) وخمسة مجالس الكاف (3 من 15) وفي الجنوب الغربي اكتفت في توزر برئاسة مجلس واحد من جملة 6. وفي الجنوب لم تحقق في تطاوين ما حققته في مدنين. بل اكتفت بأربعة مجالس من مجموع 7. بين الجنوب والساحل بسطت النهضة سيطرة نسبية في الجنوب والجنوب الشرقي (مثال قابس ومدنين). وهذا قد يفسر بانتماءات أغلب القياديين الفاعلين في الحركة. وبالمقابل لم تكن سيطرتها كبيرة في الجهات الساحلية. وهذا معقول بالنظر إلى معطيين. فالساحل معقل تاريخي للدساترة الذين يخاصمون النهضة حاليا. وهو أيضا يميل إلى النداء. لكن علينا أن نكون حذرين في إطلاق هذه الأحكام لأن النهضة استطاعت أن تفتك عديد المجالس في سوسة (رئاسة 4 مجالس) والمنستير (5) والمهدية (5). كما أنها لم تسيطر كليا على جهات الشمال الغربي والوسط الغربي. حيث الولاء التاريخي لليسار (عدو الإسلام السياسي مهما اختلفت تسميته) وحيث بقايا الدساترة (خاصة في الكاف). والملاحظة الجديرة بالانتباه إلى الآن هي أن هناك جهات توالي النهضة أكثر من غيرها (خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي وبنزرت). وهناك جهات لا تواليها بنفس الدرجة (الساحل مثلا وزغوان). لكن الأمر يبقى نسبيا لأن النهضة حاضرة في كل الجهات مثلما حضر معها خصومها في كل الجهات حتى المحسوبة عليها سلفا). ومع هذا هناك ملاحظة ثانية لا تقل أهمية: سيطرة على المناطق الشعبية النهضة تمسك بالبلديات الكبرى حيث مقر الولاية. هذا ما لاحظناه جميعا في بلدية تونس وصفاقسوالقيروان ومدنين...). لكنها لم تفز برئاسة جميع البلديات الكبرى (سوسة والمنستيروالكاف وسليانة ونابل...). لكن المثير للانتباه أنها سيطرت في أغلب الولايات على المناطق الشعبية أكثر من "المتمدنة". ونستدل على هذا بمثال ولاية تونس. حيث ترأست مجالس سيدي حسين وباردو فيما آلت قرطاج وسيدي بوسعيد وحلق الوادي الى نداء تونس (نستثني بلديتي تونس والكرم لأنهما شهدتا نوعا من الخصوصية في التحالفات والتصويت). والملاحظة ذاتها تنطبق على ولاية صفاقس (مع استثناء بلدية المدينة) وولايات نابلوالكافوالمنستير وغيرها (انظر المؤطر المرافق). للانتخابات البلدية خصوصياتها في ما يهم الناخبين. ولانتخابات المجالس البلدية خصوصياتها التي تهم أصحاب المقاعد الفائزة. ففي النوعين يخفت الانضباط الحزبي. لكن النهضة نجحت في بسط نفوذها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا مكسرة قاعدة الولاء الجهوي. حصاد حركة النهضة ولاية تونس: 4 مجالس من مجموع 8 وهي مشيخة مدينة تونس وباردو وسيدي حسين والكرم. بن عروس: 7 مجالس من جملة 13 وهي المروج ومرناق والمحمدية وبن عروس وفوشانة ونعسان والخليدية. سليانة: 3 مجالس من جملة 12 وهي سيدي مرشد وبوعرادة وكسرى. القصرين: 3 مجالس من مجموع 19 وهي خمودة وسبيطلة والنور. سيدي بوزيد: 5 مجالس من مجموع 16 وهي جلمة والمكناسي وفايض بنور والمنصورة وسيدي علي بن عون. قابس: 11 مجلسا من مجموع 16 وهي: قابسالمدينة ومارث والحامة وبوعطوش وتبلبو وكتانة وتوجان وغنوش وبوشمة ومنزل الحبيب وشنني والنحال. جندوبة: 5 مجالس من جملة 14 وهي جندوبة وغار الدماء وبوسالم وفرنانة والجواودة. سوسة: 4 مجالس من مجموع 18 وهي مساكن والقلعة الكبرى والقلعة الصغرى والمسعدين. القيروان: 7 مجالس من مجموع 19 وهي القيروانالمدينة والشبيكة وبوحجلة والشراردة وعين جلولة والشواشي والعلا. المهدية: 5 مجالس من جملة 18 وهي: السواسي وشربان وهبيرة وسيدي علوان وملولش. قفصة: 4 مجالس من مجموع 13 وهي القصر ولالة والمتلوي وبلخير. بنزرت: 9 مجالس من مجموع 17 وهي: بنزرت ورفراف والعالية ومنزل بورقيبة وسجنان وغار الملح وتينجة والماتلين ومنزل جميل. صفاقس: 14 مجلسا من ضمن 23 وهي: صفاقس الكبرى والعين وقرمدة والشيحية وساقية الدائر وساقية الزيت وطينة والعامرة وحزق - اللوزة ومنزل شاكر والحنشة وبئر علي بن خليفة والعوابد - الخزانات والناظور - سيدي علي بلعابد. الكاف: 3 مجالس من مجموع 15 وهي: ساقية سيدي يوسف وبهرة ومنزل سالم. نابل: 7 مجالس من مجموع 27 وهي: بوكريم تازغران - زاوية المقايس وفندق الجديد - سلتان وسليمان وبني خيار وحمام الغزاز والميدة والصمعة. زغوان: لم تفز برئاسة أي مجلس من المجالس الثمانية في انتظار ما ستؤول إليه رئاسة بلدية جبل الوسط. باجة: 3 مجالس من جملة 12 مجلسا وهي المعقولة ومجاز الباب ووشتاتة. المنستير: 5 مجالس من مجموع 31 مجلسا وهي طبلبة ومنزل نور وخنيس ومنزل كامل وعميرة التوازرة. مدنين: فازت برئاسة كل المجالس البلدية العشرة (100 %) وهي جرجيس وجرجيس الشمالية وبن قردان وأجيم وميدون وحومة السوق وبوغرارة ومدنين وبني خداش وسيدي مخلوف. تطاوين: 4 مجالس من جملة 7 وهي تطاوين المدينة والصمار وذهيبة وغمراسن. أريانة: 5 مجالس من جملة 7 وهي سكرة ورواد وقلعة الاندلس والمنيهلة والتضامن. منوبة: 6 مجالس من جملة 10 وهي الجديّدة ودوار هيشر ووادي الليل وطبربة والدندان والمرناقية. توزر: مجلس واحد من جملة 6 وهو مجلس تمغزة. قبلي: 5 مجالس من جملة 9 وهي دوزوقبلي والقلعة ورجيم معتوق وبشلي البليدات الجرسين.