يحفل التاريخ التونسي بمجموعة من السير والملاحم والابطال الذين كتبوا صفحات من تاريخ تونس بدمائهم. واذا كانت بعض الانتفاضات قد نالت نصيبا وافرا من الاهتمام فإن احتجاجات اخرى ظلّت مجهولة رغم ان الشعر الشعبي خلَّدها بكل وقائعها وظلت الذاكرة الشعبية تستحضرها عبر الروايات الشفوية من جيل الى آخر. ومن هذه الملاحم التي لها حضور كبير في المدونة الشعرية ما يعرف ب» ثورة المرازيق « التي أعدمت خلالها فرنسا مجموعة من الابطال في ساحة البرج وسط مدينة دوز. وقد خلَّدها الفنان التشكيلي بمعلم فني من تمويل بلدية دوز زمن رئاسة الدكتور فوزي بن حامد وهو معلم يستمد عناصره من الحروف العربية في رمزية لدور زاويتي الغوث والمحجوب على نشر العلم والفقه والقرآن الكريم في افريقيا السوداء. ومن الكتب التي وثقت لهذه الملحمة كتاب ثورة المرازيق بالجنوب الغربي التونسي للمؤلفين محمد وعلي المرزوقي الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1979. ويقول عميد التراث الشعبي محمد المرزوقي ( 1926-1981) في تقديمه لهذا الكتاب المشترك مع المرحوم علي المرزوقي "حتى قيض الله لي الاخ السيد علي المرزوقي عضو اللجنة المركزية للحزب والنائب بمجلس الامة والذي كان موجودا بدوز بلد المرازيق ايام الثورة وكان من المتصلين بالثوار وقد سجنته السلطة العسكرية الفرنسية بسجن دوز عندما اندلعت المعارك واتصل ببعض المجاهدين في نفس السجن ووقف بنفسه على الاحداث الفظيعة التي جرت لأولئك المجاهدين ولسكان البلد وكتب مذكرات عن الوقائع بعد خروجه من السجن وإبعاده عن بلده كما استطاع ان يسجل بعد الاستقلال كثيرا من التفاصيل عن ابطال الثورة الاحياء فضممت ما عندي من المعلومات الى ما عنده من تفاصيل لننجز هذا الكتاب" . ولولا هذا الجهد الذي قام به المرحوم علي المرزوقي في جمع وتدوين سير المعارك المنسية في صحراء دوز لضاعت هذه الذاكرة الى الأبد. يتبع