صادق مجلس نوّاب الشعب أوٌل أمس الثلاثاء على قانون يلزم كبار مسؤولي الدولة من وزراء وولاة ورؤساء بلديات وقضاة واعلاميين ورؤساء الهيئات والعمد والمعتمدين الأول وكل من يمكن أن يستفيد من موقعه للإثراء عن طريق الرشوة أو المغانم بما في ذلك رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نوٌاب الشعب ورئيس الحكومة وغير ذلك من الأسلاك التنفيذية والتشريعية وتعتبر المصادقة على هذا القانون خطوة إيجابية تشريعية من أجل مكافحة الفساد والإثراء عن طريق الرشوة والفساد الذي ينخر مجتمعات العالم الثالث ومن بينها تونس التي تحوّلت للأسف الى نموذج للفساد. لقد كان الفساد قبل 14 جانفي مقتصرا على بعض العائلات القريبة من قصر قرطاج وبعض النافذين في السلطة التنفيذية أو التشريعية وبعض كبار الأمنيين والديوانة وبعض المقاولين الذين يتعاملون مع الدولة في صفقات كبرى تتعلٌق بالأشغال العامة خاصة والبنية التحتية تحديدا إذ كانت الكثير من مشاريع التهيئة تتم دون احترام المواصفات ومع ذلك يتم قبلوها ولا تمضي إلا أشهر فقط حتى تفضح الأمطار عيوب الطرقات وشبكات التطهير وغير ذلك من المشاريع منها تعشيب الملاعب البلدية. ولكن الذي حدث بعد 14 جانفي ورغم كل الهيئات التي تم تأسيسها لمقاومة الفساد أصبح الفساد منظومة بل ثقافة تنخر المالية العمومية وتسيء الى مصداقية المؤسسات العمومية التي تعاني من الصفقات المشبوهة وتسيء لأجهزة الأمن والديوانة والجباية وغيرها من القطاعات الحساسة التي أثرى الكثير من العاملين فيها بطرق مشبوهة . إن الفساد ليس ظاهرة تونسية ففي كل بلدان العالم هناك فساد وفاسدون لكن تونس قطعت خطوة تشريعية مهمة للحد منه ومحاصرة الفاسدين عبر إجبارهم على التصريح بممتلكاتهم حتى إذا ظهرت عليهم علامات الثراء المفاجىء الذي لا يتطابق مع مداخيلهم المعلنة يكونون عرضة للمحاسبة والعقاب. لكن هذا القانون على أهميته لن تكون له أي أهمية ما لم يتم تطبيقه بصرامة وجديٌة وعلى الجميع ومن يرفض التصريح بأملاكه سيضع نفسه آليا محل شبهة مهما كان موقعه. فهل تنجح تونس في بناء تجربة جديٌة في مقاومة الفساد بعيدا عن الشعارات والتباهي الاعلامي ؟ أرجو ذلك...