تعاني زهرة اسم مستعارة لسيّدة تقطن في معتمديّة طبربة من مرضيْ السكري وارتفاع ضغط الدم المزمنين وهي تحتاج ادويتهما لتستمر في الحياة دون تعقيدات. مصحة خاصة تحذّر من نقص المستلزمات الطبّية وتنبه الى فرضيّة وقفها للعمليات الجراحية على القلب أزمة ميزانية أم مخطط لإضعاف الصيدلية المركزية ؟ تونس(الشروق) حصل النقص في الادوية ولم تجد بطلة قصتنا من حل سوى البحث الفردي المضني عن أدويتها ليصل بها الطريق الى صديق زوجها لتتقاسم معه ادويته. ولأنه كان يتناول جرعة قوية لتعديل مستوى السكري في دمه اضطرت زهرة الى تناول نصف جرعته بما يتماشى ومعدل السكري في دمها. امّا بالنسبة لمرض ارتفاع ضغط الدم لم تجد زهرة بعدُ حلا اذ لم تتناول أدويتها منذ شهرين الامر الذي عرض حياتها للخطر في الفترة الاخيرة. مخاطر قبل اسبوعين فقط تعرضت زهرة الى ارتفاع قياسي في ضغط الدم وحين نقلها زوجها على استعجالي المستشفى المحلي بطبربة اخبره الفريق الطبي ان عشر دقائق اضافية فقط كانت كافية لتنهي حياتها لولا نقلها الى الاستعجالي. وما تزال السيدة زهرة الى غاية اليوم دون دواء وهي معرضة لاي ازمة مفاجئة باعتبار ان مستوى ضغط الدم اصبح دون تعديل ودون مراقبة في ظل غياب الادوية. وفي ظل نقص الادوية ايضا وفقدانها تستمر معاناة فضيلة وهي سيدة تبلغ 77 سنة من العمر وتعاني من آلام البرد على مستوى الركبة . السيدة فضيلة تعودت الحصول على حقنة كل ستة اشهر لتسكين آلامها الا ان هذه الحقنة اصبحت مفقودة منذ اكثر من ثلاثة اشهر علما وان ثمنها لا يتجاوز اربعة دنانير وتتولى الحصول عليها من الصيدليات الخاصة. هكذا إذن شملت ازمة نقص الادوية في تونس مختلف الأنواع فمنها ما يتعلق بالامراض المزمنة ومنها ايضا الامراض الخفيفة وايضا الفيتامينات والمستلزمات الطبّية. وبسبب نقص هذه المستلزمات راسلت احدى المصحات الخاصة جميع المهنيين ومنها هيئة الصيادلة للاعلام بنقص حوالي 20 دواء ومستلزمات طبيّة قد تدفعها في قادم الايام الى ايقاف العمليات الجراحية على القلب. سيناريو ما بعد الأزمة بدأت ازمة نقص الادوية منذ عام 2015 ولأن السلطات لم تكترث لتحذيرات المهنيين تدحرجت الازمة ككرة الثلج لتكبر وتبلغ مستوى عجز الصيدلية المركزية عن خلاص مستحقات مزوديها وهكذا عجزت عن توفير الحاجيات الوطنية من الادوية. هذا ما يقر به اهل المهنة من صيادلة وأطباء. وقد بلغ عدد الادوية التي تشهد نقصا حوالي 176 نوعا من الادوية بينها ماهو ضروري جدا مثل الأنسولين الذي يهم المصابين بمرض السكري نوع 2. ولئن اهتم البعض بايجاد تفسير لهذا النقص وارجعوا عوامل النقص للتهريب وشبهات الفساد التي تحوم حول التصرف في الأدوية في الصيدلية المركزية وفي المستشفيات العمومية والى تسرب ازمة عجز الصناديق الاجتماعية نحو الموازنات المالية للمستشفيات العمومية والصيدلية المركزية حد بلوغ مرحلة العجز عن تغطية مصاريف اقتناء الادوية فان البعض الاخر يتساءل حول تبعات هذه الازمة وان كان المقصود بها هو مزيد اضعاف الصيدلية المركزية التي تمثل الطرف الوحيد المسؤول عن توريد الادوية. اما الرواية الرسمية فتقول في تبريرها لنقص الادوية ان عجزا ب500 مليون دينار حال دون قدرة الصيدلية المركزية على تغطية وارداتها من الادوية وهو الامر الذي دفع بالمجلس الوزاري المضيق المنعقد بتاريخ 11 جوان الماضي لاقرار مساعدات عاجلة للصيدلية المركزية تبدأ بإقراضها 250 مليون دينار من البنوك ما يعني ان ازمة النقص قد تجد طريقها الى الحل خلال الأسابيع القادمة. سوء توزيع الأدوية فسر الشاذلي الفندري رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة نقص الادوية بمختلف أنواعها بالمشاكل المالية التي تعاني منها الصيدلية المركزية الامر الذي أفقدها المصداقية لدى مزوديها بالخارج. واضاف «لقد نبهنا الى هذه الازمة منذ 2015 وقد كان النقص مطروحا آنذاك لكن الازمة اشتدت بتفاقم هذا النقص كما ان نقص الكميات يخلق مشكل التهافت سواء لدى المواطن او لدى الصيدلاني وهو امر ليس مهما مقارنة بالمشكل الاصلي والهيكلي المتمثل في نقص الادوية». كما قال «نحن كمهنيي الصحة نعتبر ان نقص الادوية محير وأمر جدّي وانه هناك قرارات لإنقاذ الصيدلية المركزية تم اتخاذها وننتظر تطبيقها وان الوضع تحت السيطرة ولا داعي للهلع بل ان ازمة نقص الادوية فيها الكثير من الحسابات السياسية وهو ما يجب الترفع عليه». من جهته قال هشام بوغانمي كاتب عام نقابة اعوان الصيدليات وعضو بجامعة الصحة إن نقص الادوية امر مطروح وجدّي وان هناك ايضا ازمة موازية وهي ازمة سوء توزيع الادوية اذ هناك صيدليات لديها مخزوناتها وتسيطر عليها عائلات باكملها وهناك صيدليات اخرى وهي الاغلبية ليس لديها مخزونات وتعاني من نقص الادوية. ومطلوب في اطار البحث عن حلول لازمة نقص الادوية العمل على التوزيع العادل والمدروس للادوية.