يتواصل نقص الأدوية خاصة الحياتية منها في المستشفيات والصيدليات مما جعل المرضى يلتجئون الى المسافرين وعمالنا بالخارج حتى يجلبوا لهم الأدوية المفقودة من خارج حدود الوطن بدل الشكولاطة والهدايا. تونس(الشروق): يبحث المرضى وأهاليهم بشق الأنفس عن أدوية ضرورية مفقودة بين الصيدليات. وكثيرا ما ينتهي بهم المطاف في المطار يبحثون دون كلل بين المسافرين عن متطوّع يجلب لهم الأدوية المفقودة من البلدان التي يسافرون اليها. وقد عوّض الدواء الشكولاطة وسائر الهدايا بالنسبة الى العائدين من بلدان المهجر. معاناة وتضامن تتابعت الدعوات عبر صفحات التواصل الاجتماعي الى المقيمين بالخارج الذين يتطوّع الكثير منهم لإرسال حاجيات المرضى من الدواء. وبما أنه -كما يقول المثل «ما يحس بالجمرة كان الي عافس عليها». فإن نسق حركات التضامن تصاعدت بين التونسيين ذلك أن العديد من المرضى ممن يحصلون على أدوية فوق حاجتهم كثيرا ما يوجهون رسائل بدورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى بقية المرضى قصد تمكينهم من الدواء المفقود. والجانب المشرق في هذه الأزمة هو البعد التضامني الذي برز بين التونسيين. ذلك أن الدواء كثيرا ما يهدى مجانا من المقيمين بالخارج الى مستحقيه في تونس. كما يتبادله المحتاجون في ما بينهم بالمجان. وهو تماما ما عاشته أم فضلت عدم ذكر إسمها. إذ ذكرت في شهادتها ل»الشروق» أن الدواء الذي وصفه الطبيب لابنها لا يمكن التوقف عن تناوله دفعة واحدة. بل يكون تدريجيا لأن ذلك قد يسبب له تعكّرا في صحته. لكن انقطاعه جعلها تدخل في دوامة من القلق والمعاناة. وبعد أن فقدت الأمل في وجوده محليا اضطرت الى شرائه من الخارج عبر أقاربها. وخلال رحلة بحثها استمعت الى شهادات محزنة لمرضى دفعهم فقدان الدواء الى الاتصال بمجهولين خارج أرض الوطن عبر الفايسبوك للحصول عليه. وكلهم خوف من عدم وصول الدواء ونكث الوعد أو وصوله بعد فوات الأوان. تطمينات ولكن.. مازال التونسي يواجه أزمة حادة في قطاع الدواء لا سيما بعد نفاد مخزون بعض الأدوية الحياتية، بشكل وضع حياة عديد المرضى التونسيين في خطر . وبينما يشتكي عديد المرضى والمختصين من نقص الأدوية الضرورية لحياتهم كالأنسولين بالنسبة الى مرضى السكري ونيورال لمرضى الكلى، فإن وزير الصحة عماد الحمامي يقلل في تصريحاته المتعاقبة من أهمية الأزمة. ويشير باستمرار الى أن أزمة الدواء في طريقها الى الانفراج منذ انفجارها. وفي الواقع تشير الشهادات التي استقيناها من عدد من الاطارات الصحية في المستشفيات الى أنهم يعملون في ظروف صعبة وأن قائمة طويلة من الأدوية الضرورية مفقودة. كما أن عديد المرضى يذوقون يوميا الويلات في رحلة بحثهم عن دواء ومسكنات وجب الحصول عليها بشكل استعجالي. وحول أسباب أزمة نقص الأدوية الموردة تشير المعطيات الى عدم قدرة الصيدلية المركزية. وهي الجهة الوحيدة التي تمتلك حق توريد الأدوية على التزود بها بسبب تراكم ديونها لدى مزوديها التي تناهز 500 مليون دينار. وللإشارة فإن هذه الأزمة ليست جديدة. إذ بدأت تبرز في 2016 لكن حدّتها بلغت مداها في الفترة الأخيرة. إذ طالت أدوية حياتية منها الأنسولين وأدوية أخرى لمرضى الكلى والالتهابات، لا سيما مع عجز الصيدلية المركزية بدورها عن الحصول على مستحقاتها المالية من مسديي الخدمات الصحية في القطاع العمومي على غرار المستشفيات والصندوق الوطني للتأمين على المرض...ويشتكي عديد المرضى الذين يعانون من نقص الأدوية أنهم ينفقون أضعاف ثمن الدواء عبر رحلة بحثهم عنه بين الصيدليات في تونس وأحيانا خارج ولايات إقاماتهم. كما أنهم كثيرا ما يلجؤون بعد التأكد من فقدان الدواء في تونس الى شرائه من خارج الحدود. وهي محاولات مكلفة وتزيد في معاناة المرضى وأهاليهم. وعاب العديد ممن تحدّثنا اليهم على سلطة الإشراف بوزارة الصحة محاولة إخفاء حقيقة أزمة الأدوية على الرأي العام والتعامل معها على أنها أزمة عابرة في حين أنه مشكل يومي يتعامل معه المرضى والأطباء بالكثير من الصبر والقلق. ويشار الى أنه تم مؤخرا خلال مجلس وزاري مضيق اتخاذ جملة من القرارات لتجاوز هذه الأزمة. لعلّ أبرزها ضخ سيولة بنحو 500 مليون دينار لفائدة الصيدلية المركزية، إلى جانب قرارات تهم الحوكمة وإعادة الثقة مع المزودين الى الصيدلية. لكن هذه القرارات مازالت لم تترجم على أرض الواقع. ولم تخفف بعد من معاناة المرضى . قائمة الأدوية المفقودة ليست نهائية أشارت مصادر صيدلية وطبية متطابقة الى أنه لا يمكن تحديد قائمة نهائية في الأدوية المفقودة. وهي أساسا مستوردة لأنها تحين دوريا. ويختلف المخزون من جهة الى أخرى ومن صيدلية الى أخرى لكنها أساسا تتمثل في المضادات الحيوية وأدوية السكر والكلى وضغط الدم.. كما أن النقص في المستشفيات كبير ويختلف من مؤسسة الى أخرى. وتبقى مهمة تحديد النقص من مشمولات الصيدلية المركزية التي اتصلنا بها في أكثر من مناسبة دون تلقي إجابة.