سأتكلّم كما لم أتكلّم من قبل، وسأقرع الطّبل كما لم أقرع الطبل من قبل وسأقطع الحبل كما لم أقطع الحبل من قبل، وسأقول جهرا ما يقوله البعض سرّا. و سأتخطّى المحظور وأكشف المستور وأبيّن حقائق الأمور، وسأفضح كيف تحاك الدسائس في هذا الزمن العربي البائس، لقد فاض الكأس يا قادة اليأس فقد تسلّمتم مقاليد أمورنا غصبا لا عن طواعية وطيب خاطر بداعي تجنيب الأمّة الرزايا والمخاطر ورفع رؤوسنا بين الأمم وجعلنا قمّة بين القمم.لكنّكم أخلفتم الوعد ونكثتم العهد وقلبتم ظهر المجن وخذلتم الشعب والوطن بإيعاز من الوسواس الخنّاس الذي فرض عيكم أن تكون الأمّة العربية أتعس أمّة أخرجت للناس. فهلاّ تساءلتم في أية بُقعة في الأرض تقع الكوارث والحروب يا قادة الخطوب والكروب؟ هلاّ تساءلتم لماذا لا تقع الا على الأرض العربية يا قادة البليّة والرزيّة؟ هلاّ تساءلتم أين تنزل المصائب والنوائب وفي أية بقعة في الأرض يموت العربي على يد «أخيه» العربي ويلطّخ المسلم يديه بدم أخيه المسلم وا أسفاه ويأخذه في الأسر ويرفع علامة النصر مع إطلاق صيحات التكبير والتهليل والتزمير والتطبيل وترفع الرايات وتنطلق المسيرات لتجوب الشوارع والساحات وتعلن الأفراح والمسرّات وتطلق الشماريخ ابتهاجا بالنصر الذي سيسجّله «التاريخ»، نعم، الى هذا الحد وصلنا يا قادة الافلاس، يا من حوّلتم الأمّة الى أسوإ أمّة أخرجت للناس. هلا تساءلتم يا قادة العار والخراب والدمار لماذا لا يستعمل السلاح العربي بكل وحشية إلا للاعتداء على دولة عربية؟ والعدو الحقيقي على مرمى حجر يا عميان البصيرة والبصر. هلا أجبتمونا يا قادة الهوان والخذلان لماذا يقضي رؤساؤهم مدّتهم المحدّدة ويرحلون في حين يبقى رؤساؤنا الى يوم يُبعثون أو تقوم ضدهم ثورات أو تحدث انقلابات فيكون مصيرهم إمّا التهجير والتسفير وإمّا القتل والسّحل.هل رأيتم قائدا عربيا غادر الحكم بعد انتهاء مدّته أو تنازل عن السلطة بكامل إرادته. هذه هي مصيبتنا ونكبتنا وسبب كبوتنا يا قادة الهزائم وإحباط العزائم يا من قتلتم في الأمة كل المشاعر والحواس وجعلتم منها أرذل أمّة أخرجت للناس. هلا تساءلتم لماذا أصبحنا في نظر العالم رمزا للتخلف والجهل ولا نستحق سوى الابادة والقتل والسحل الى درجة أن العربي أصبح يخجل من انتمائه الى العروبة المعطوبة المكروبة المخروبة. الغرب أصبح يؤمن بأن الأرض تكون أكثر أمانا واطمئنانا بدون المسلمين والعرب. فمن وضعنا في هذا المطب والعطب رغم أنه كان لنا في الحروب تاريخ مجيد وفي العلم كان لنا عظماء طوّعوا الحديد ونشروا المعارف والعلوم وسبقوا في ذلك العجم والرّوم. وعلّموا البشرية ما لم تكن تعلم وأفهموها ما لم تكن تفهم. استنزفتم ثروات الأمة واستقويتم بأعداء الأمّة على إخوانكم في الوطن والدّين. فلعنة الله على هذا الزمن اللعين الهجين زمن القحط والخطب والجدب والمصائب النازلة من كل صوب وحدب فلماذا نعاني من دون بقية الأجناس وصرنا أسفل أمّة أخرجت للناس. هلاّ تساءلتم لماذا أصبحت بلداننا موطنا للفقر والفاقة يخيّم عليها البؤس وتعمّ فيها التعاسة يا من بعتم شرف الأمة في سوق النخاسة. أين ثروات الأمة والمواطن العربي الضعيف أصبح همّه مطاردة الرغيف في هذا الزمن السخيف فمن يوقف النزيف يا قادة الأباطيل والأراجيف؟ لقد تجاوزتم خطوط التماس وجعلتم من الأمة أذلّ أمة أخرجت للناس. الغرب وأمريكا يتفاوضون حول مصير الأمة التي أصبحت بفضلكم عديمة الذمّة فهذا يقترح التقسيم والآخر يطالب بتجزئة البلاد الى أقاليم وكيف يجب أن يكون الحكم هنا ومن يجب أن يحكم هناك والعرب غائبون تائهون وكأنهم عُمْي لا يبصرون وصمّ لا يسمعون أو أصابهم مسّ من البلاهة وبلغوا درجة قصوى من التفاهة. نعم أعداء الأمّة ينامون على حصيرنا ويتحكّمون في مصيرنا ويحدّدون خط مسيرنا والشعوب العربية تتفرّج على مسلسل التشرذم والضياع. وبعد أن كنّا أسودا أصبحنا أقل مرتبة من الضباع. هكذا كتب على هذه الأمّة أن تُداس وتكون أرخص أمّة أخرجت للناس. أما أنت أيتها الجامعة العربية يا سبب الانكسار والبلية... يا جامعة الحرقة والفرقة، تاريخك حافل بالهزائم والولائم والانكسارات والخيبات والصراعات. ولك في العراق وليبيا وسوريا واليمن والسودان ولبنان خير مثال. يا جامعة الخذلان والهوان وبيع الأوطان يا بناية بلا أساس جعلت من هذه الأمّة أحطّ وأتفه أمّة أخرجت للناس. في عهدك يا جامعة القمم وبيع الذمم عمّ الخراب والاحتراب والاحتطاب واستبيحت الأرض وهُتك العرض وجفّ الضرع وأتلف ا لزرع. تنامين في العسل يا جامعة الكسل والملل والشلل والمصاب الجلل ثم تلملمين بعضك على بعضك وتقرّرين بين ضحى وعشية جمع قادة الرعيّة لعقد قمّة عربية تتخلّلها النقاشات البيزنطية والحوارات الهامشية واللقاءات الجانبية والمجاملات الفاقدة لكل صدقية لتنتهي بنتائج كارثية ثم يتفرّق الشمل بمزيد من الانشقاقات والاختلافات وتباعد الرّؤى والتوجهات وتنافر القناعات نظرا الى اختلاف المشارب وتعدّد المآرب لتترسّخ بذلك مقولة اتفق العرب على أن يتفقوا على عدم الاتفاق يا جامعة الشقاق والنفاق والانزلاق والاحتراق، الى أن أصبح مجرّد الإعلان عن انعقاد قمّة عربية محل تندّر وسخرية. وبالتالي أصبحنا أضحوكة وأمّة منهوكة مهتوكة مدكوكة معروكة، أمة ضحكت من بلاهتها وسذاجتها وتفاهتها وغباوتها الأمم. فيا للوجيعة والألم والكَلَم والسّقم والإذلال والابتذال والانحلال وسوء المآل.فكفى يا جامعة الإفلاس يا من صرنا بفضلك أسقط أمّة أخرجت للناس ونسينا أو جعلتمونا ننسى أننا كنا في الحقيقة خير أمّة أخرجت للنّاس.