الشروق مكتب الساحل : عبد القادر الجلالي، عبد السلام لسمر وعامر المزوغي ثلاثة أسماء برتبة مدارس خلفوا ثلاثة أنماط صوفية القادرية جعلت منهم أسيادا في عرض عنوانه "ننده الأسياد"، وهو نداء شوق لهؤلاء الأولياء الصالحين لاستشعار مسيرتهم الروحية واستحضار الفترات التي عاشوها من خلال توظيف مدارسهم الثلاث ،القادرية،السلامية والعوامرية والتي جسدها في عرض فريد من نوعه الدكتور محمد البسكري باقتدار فنيا ومسرحها رضا عزيز ركحيا في عرض متكامل توجته هيئة مهرجان المنستيرالدولي بأن يكون إفتتاحا لدورته 47. الإفتتاح كان إحتفاليا بكل المقاييس بدءا بتكريم وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين من طرف مدير المهرجان يافت بن حميدة والذي كان مصاحبا بوالي المنستير وعضو مجلس نواب الشعب علي بنور ورئيس بلدية المدينة،مرورا بحضور المترشحتين لمسابقة ملكة جمال تونس الممثلتين لولايتي سوسةوالمنستير واللتان أوكلت لهما مهمة توزيع باقات الفل والياسمين على الضيوف وصولا بالتنظيم المحكم لهذا الحفل الإفتتاحي والذي انطلق بنغمات من آلة الساكسوفان تمايلت عليها فتاة متوجهة إلى خلفية الركح تحت شعاع ضوء أحمر تفاعل معها الجمهور الحاضر بالآهات في بداية جعلت المتفرج يظن أن العرض بعيد كل البعد على أن يكون من النوعية الصوفية مشهد بدا مسقطا أنقذه دخول الراوي أو ما يعبر عنه ب"القوّال" رضا عزيز والذي إعتمد طرافة في تقديم العرض وفي ربط مفاصله بنص تضمنه تثمينا للأبعاد الروحية ودعوة إلى القيم الإسلامية الأصيلة من خلال إرساليات تدعو إلى تضامن والتحابب تعادي النعرات الجهويات وتجعل من تونس وحدة لا تتجزأ في تاريخها وفي حاضرها بنص سلس إعتمد السجع وفي رؤية إخراجية قسمت الركح إلى خمسة فضاءات ركح تنبعث منه نغمات الآلات الموسيقية الوترية والغربية وركح لآلات الإيقاع التقليدية بينما البقية خصصت لثلاثة مجموعات من المنشدين جسموا بالإنشاد المدارس الصوفية الثلاث القادرية والعوامرية والسلامية كل ركح منهم هو نافذة تتجاوز المكان لتوحي بالزمان يجمعهم لأول مرة رحكا واحدا تعبيرا على الواقع كما يجب أن يكون يربط الشمال بالوسط وبالجنوب ،رؤية أعطت عمقا للعرض والذي لم يتخذ من الإيقاع هدفا لتحريك الأحزمة بل كان الوجه الآخر لأبعاد النصوص المنشدة عكست بحثا واجتهاد معمقا كان ثمرة رسالة الدكتوراه حول "الأعجمي والمعرب والدخيل في اللهجة التونسية من خلال سفن البحور" بالإشتغال على مخطوطات التي أنجزها الدكتور محمد البسكري حسب تأكيده في حرص على تجسيم هذه المدارس باصحاب هذه اللهجات في القادرية فحضرمنشدون من قفصة ، وفي العوامرية منشدين من سوسةوالمنستير و في السلامية منشدين من بنزرت، راس الجبل ،نابل والعاصمة ،باعتماد أناشيد نادرة بدءا ب"عبد القادر يا مغيث الحيراني"،أهلا وسهلا"، ليلتنا زينة"، مرورا ب"يا محمد يا لعربي"،"باسم الكريم ربي"، وصولا بالقفلة "من عند شيخنا جيناكم زيار" و"سالم ها يا تباسي" ، نصوص دون تحريفها مع الحفاظ على اللهجة النغمية التي تغنت بها حسب قول البسكري وحول أوجه الخلاف بين عرضه والعروض الأخرى قال "هذه العروض تشتغل على المنحى الصوفي ولكن طريقة التناول هي التي تختلف بغاية مجاراة الجمهور من خلال توظيف الإيقاع للرقص فيبتعدون عن الروحانيات والطربيات بتعلة أنها تنفّر الجمهور لذلك يحاولون اعتماد طرف لجلب الجمهور قد تنحرف بجوهر مضمون العرض".