أعرب أزيد من 2500 من مسدي الخدمات الطبية والصحية الخاصة خلال منتداهم الثالث الذي انتظم مساء السبت الفارط بالعاصمة عن مخاوفهم من التمشي الاجرائي لاعداد المرحلة الأخيرة قبل الشروع في تطبيق القانون الجديد للتأمين على المرض الذي يتخذ أهمية خاصة بالنظر إلى الهامش الكبير الذي سيفتحه في إطار علاقة القطاع الصحي العمومي بالقطاع الخاص وبالنظر كذلك إلى صلة الملف (التأمين على المرض) بحياة كل المواطنين في كل الجهات. واتجهت جل المداخلات حول قراءة مضامين بعض الفصول من قانون اصلاح التأمين على المرض الذي تمت المصادقة عليه في مجلس النواب في أواخر شهر جويلية الفارط وتم اصداره في الرائد الرسمي بتاريخ 2 أوت 2004، ويجمع مسدو الخدمات الصحية والطبية الخاصة من أطباء وأطباء أسنان وصيادلة وصيادلة موزعين وأصحاب مصحات خاصة وبيولوجيين على وجود جوانب مهمة في النص القانوني لا تعكس الروح الوفاقية للمفاوضات وتترك الباب مفتوحا أمام عدة تأويلات خاصة في ظل الاحتياطات المبالغ فيها من قبل الإدارة التي تحصنت بكل الضمانات القانونية على حساب كل الأطراف وخاصة على حساب مسدي الخدمات الطرف الأهم في المعادلة الصحية الجديدة. تعارض ورأى عدد من المتدخلين في المنتدى أن الفصل 13 يتعارض مع مبدإ التعاقد الذي ينصّ عليه الفصل 11 والذي يمس من الحق النقابي الذي جاء في الدستور واستغرب المشاركون ما أتى في الفصل المشار إليه (13) من تسبيق عدم الاتفاق على الاتفاق الذي هو الأصل وهو مبتغى الجميع واقرار امكانية احداث كراس شروط إذا ما تعطل لفترة التفاوض حول العقود والاتفاقيات. ويعتقد مسدو الخدمات الصحية ان الفصول 6 و11 و17 و18 و22 الواردة في القانون الجديد لاصلاح نظام التأمين على المرض تجعل من الادارة في شخص الصندوق في نفس الوقت الجهاز المموّل والمشغل وجهاز التعاقد وفسخ العقود وجهاز المراقبة وجهاز التظلم والردع. وتساءل «المعنيون» عن المحتوى والدور الذي بقي للمجلس الوطني للتأمين على المرض الذي سيحدث في الفترة القادمة وقالوا ان القانون الجديد لم يتضمن أية إشارة ولم يلمح على مستوى النصوص أنه سيقع بعث لجان قطاعية محايدة لفض النزاعات بل ترك كل شيء في أيدي «الصندوق الوطني للتأمين على المرض (CNAM) الذي جعله القانون (في فصله 22) يتجاوز كل الحدود ويضعه مكان المرضى في التشكي وهو ما يعتبره مسدو الخدمات غير طبيعي نظرا لأنه يفتح الباب من جهة أمام مزايدات المرضى ومن جهة أخرى لوجود محاكم وقضاء مؤهل لحل كل الخلافات والاشكاليات التي قد تحدث بين المرضى والأطباء أو أصحاب المصحات أو الصيادلة أو أصحاب المخابر والتحاليل الطبية الخاصة. خلاص مباشر وقد تضمّنت مداخلات النقابات جملة من الخصوصيات القطاعية على غرار ما أوردته نقابة أطباء الأسنان من مطالبة باقرار طريقة الخلاص المباشر لما يوجد في المهنة من خصوصيات وضبط تعريفات لأتعاب المداواة تكون مدروسة وقادرة على المحافظة على ديمومة المهنة واستمرارية العلاج الراقي الذي يتمتع به المريض بالعيادات مع ضمان مراجعة التعاقد مراجعة دورية وتتخوّف نقابة أطباء الأسنان من التعاقد الفردي الذي يمكن أن تنجر عنه اثار سلبية. ورأت نقابة الصيادلة ضرورة توضيح الفصل 27 نحو تأكيد تركيز توزيع الأدوية بيد الصيادلة الخواص والصيدليات الاستشفائية بالمؤسسات الصحية العمومية دون غيرها بما يمنع من ترك الباب مفتوحا أمام المؤسسات والمراكز الصحية الأخرى في المصانع والوزارات لانجاز مثل تلك المهمة ويرى «الصيادلة» ان اسناد الحق لهذه الأطراف لتوزيع الأدوية قد يحدث منافسة غير شريفة وفوضى في القطاع والاضرار بعمل أهل المهنة الذين تكاثر عددهم. طبيب العائلة وبرغم اقرارهم بوجود طبيب العائلة كمعطى واقعي في حياة التونسيين موجود بصفة طبيعية فإن أطباء الممارسة الحرة أكدوا أنهم ليسوا مع الطبيب المرجع الذي وضعه القانون الجديد تحت «سيطرة ونفوذ الصندوق الجديد بما يجعل مهامه تتحوّل عن الخدمة الصحية والطبية إلى أشبه ما يكون بالخدمة أو الوظيفة الادارية. وألح عدد من المتدخلين على أهمية أن تكون التعريفات مطابقة للحقيقة الواقعة في العيادات أو الزيارات مع النظر دوما إلى التعريفات التي يقع تحديدها بصفة دورية من قبل مجلس العمادة بالاتفاق مع النقابات. وفي ما يخص الحالات الاستشفائية في المصحات الخاصة (العمليات الجراحية) فإن «أهل المهنة» يرون ضرورة الأخذ بالاعتبار لحقيقة الكلفة في القطاع الخاص من حيث الأجور والبنية الأساسية والتجهيزات التي هي من مشمولات القطاع الخاص وعلى عاتقه في حين أنها في القطاع العمومي على كاهل الدولة ومن ثم فإن التعريفات العمومية لا يمكن ان تكون مرجعا حقيقيا. ويقترح مسدو الخدمات في هذا الباب الابقاء على قائمات الأمراض مفتوحة دون تقييد لأن التحديد والموافقة المسبقة من شأنها أن تحدّ من استمرارية العلاج كما أنه لابد من ضمان التفريق في الخلاص بين أجرة الطبيب وبين مصاريف المصحة من أجل ضمان حقوق كل الأطراف. هيكل محايد وفي باب المراقبة الصحية والطبية ومراقبة الجودة حسب القانون الجديد هي موكلة للأطباء المستشارين للصندوق في حين أن تلك «المهمة» في كل بلدان العالم هي من اهتمام العمادة ووزارة الصحة وممثلي النقابة بالاضافة إلى الأطباء المستشارين ومن ثم جاء المقترح المقدم بضرورة احداث هيكل محايد للنظر في الاشكاليات المتعلقة بالمراقبة الصحية والجودة.