تعيش الحكومة أصعب فتراتها بعد تآكل حزامها السياسي وتلقيها انتقادات حادة، جعلت تقارير دولية تتنبأ بامكانية الاطاحة بها، ويشهد المشهد السياسي حالة تأزّم قصوى امتدت تبعاتها اقتصاديا واجتماعيا.. وفي ظل كل هذه المعطيات قرّر البرلمان التمتّع بالعطلة. تونس – الشروق –سرحان الشيخاوي دخل مجلس نواب الشعب في عطلة برلمانية منذ نهاية الاسبوع الماضي، ومن المنتظر ان تستمر الى غاية شهر أكتوبر. عطلة يكفلها الدستور ويجعلها فاصلا بين كل دورة برلمانية وأخرى، لكن تتزامن هذه العطلة مع ازمة حادة وغير مسبوقة تعيشها تونس وتحتاج فيها الى كل مؤسساتها. هيئة الانتخابات خرج النواب في عطلة مطوّلة بالرغم من أن عددا كبيرا من الملفات الحارقة بقيت مفتوحة دون حلول تُذكر، وأولى هذه الملفات، الأزمة التي تعيشها هيئة الانتخابات بعد أن قدّم أعضاؤها طلبا باعفاء رئيسها محمد التليلي المنصري، وتضمن هذا الطلب تاكيدا على أن التليلي المنصري أخل بواجبه وبالتالي على البرلمان اقالته. هذه التُهم أجاب عنها التليلي المنصري برسالة وجهها الى البرلمان تضمّنت تُهما خطيرة وجهها الى الاعضاء، مثل شبهات الفساد وتضارب المصالح..ثم قدّم التليلي المنصري استقالته سويعات بعد لقاء مطوّل مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. البرلمان الغى الجلسة التي كان من المنتظر ان يعقدها لسماع الطرفين، و فتح باب الترشحات لرئاسة الهيئة ثم فشل في انتخاب رئيس جديد يحل محل التليلي المنصري، وبقي هذا الملف مفتوحا بالرغم من ان تونس مقبلة على انتخابات رئاسية وتشريعية السنة القادمة. المحكمة الدستورية ملف المحكمة الدستورية أيضا بقي مفتوحا فبالرغم من مُضي أشهر على تقديم أسماء من رشحتهم الكتل النيابية الا ان الامر لم يُحسم بعد، وبقي هذا الهيكل مجرّد حبر على ورق منذ المصادقة على الدستور الى الان. المحكمة الدستورية بقيت عالقة في تفاصيل التصويت وفقدان الاغلبية المطلوبة (145 صوتا) وتعطّل التوافقات حول بعض الاسماء بالرغم من الساعات الطويلة التي امتدت عليها اجتماعات لجنة التوافقات، إلاّ ان الامر بقي عالقا الى الان وبقيت تونس دون محكمة دستورية بالرغم من مضي اربع سنوات بعد المصادقة على الدستور. أزمة الدواء ملفات أخرى لا يقودها البرلمان بشكل مباشر لكن كان يمكن أن يُمثل قوة ضغط فيها لتقوم الحكومة بحلها في اجل قصير، وأهم هذه الملفات، أزمة الدواء التي تعيشها تونس منذ فترة، وهي أزمة غير مسبوقة اثارت الراي العام التونسي وتداخلت فيها المقاربات بين من يدفع في سياق اقالة الوزير متهما اياه بالتقصير، ومن يوجه إصبع الاتهام لما سُمي «لوبيات الدواء « ويعتبرها مسؤولة عن تهريب الدواء والمتاجرة فيه. لئن كانت أزمة الدواء في تونس في علاقة مباشرة بالحكومة وبوزارة الصحة، الا ان البرلمان كان بامكانه لعب ادوار شديدة الاهمية، مثل تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لكشف حقيقة الامر وتقديم صورة واضحة للراي العام. مشكل انقطاع المياه إشكال اخر طفى على السطح مؤخرا، ويتمثل في انقطاع المياه على عدد من مناطق الجمهورية التونسية، وتسبّب هذا الاشكال حتى في غلق عدد من الطرقات وتنفيذ عدد من المواطنين لوقفات احتجاجية مطالبين بالاسراع في تدارك الامر واعادة تزويدهم بالمياه. مشكل انقطاع المياه أحرج الحكومة في الفترة الأخيرة، وكان على البرلمان التدخّل في هذا الملف، خاصة وان الوظيفة « التمثيلية « للنواب تقتضي تدخلهم لدى السلطة التنفيذية لحل المشاكل التي تتعرض لها جهاتهم ودوائرهم الانتخابية. أزمة سياسية خارج كل هذه الاشكالات التي تتقاطع فيها السلطة التنفيذية بالتشريعية، يبقى المشهد السياسي في أزمة مفتوحة على كل السيناريوات، خاصة بعد التوتر الحاصل بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه نداء تونس، وتصدّع علاقة الشاهد برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، اضافة الى ما تشهده المالية العمومية في تونس من تعثّر وتراجع لمؤشراتها.. ملفات عدّة تستوجب تدخل كل مؤسسات السلطة ومساهمة كل طرف ولو بقسط صغير في ايجاد حلول لها ومخارج منها.