بعد 5 أشهر فقط من انتخابه، اعلن رئيس هيئة الانتخابات أمس استقالته. استقالة قد تُحدث لخبطة على عمل الهيئة وقد تتسبب في تداعيات خطيرة على المسار السياسي ما لم يقع تفادي انعكاساتها في اسرع وقت.. تونس الشروق: أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري في بيان أمس عن استقالته من رئاسة الهيئة رغم انه لم يمر على توليه المهمة سوى 5 أشهر تقريبا. قبل ذلك سبق للهيئة أن مرّت بفترة فراغ على مستوى رئاستها دامت حوالي 9 أشهر اثر استقالة الرئيس السابق شفيق صرصار في ماي 2017. استقالة المنصري جاءت بعد سويعات من لقاء المنصري برئيس الجمهورية في قصر قرطاج وأيضا بعد حوالي شهر من قرار إقالته من قبل مجلس هيئة الانتخابات لكنها شملت فقط منصب رئاسة الهيئة باعتبار انه سيحافظ على عضويته داخل الهيئة. فترة حساسة تاتي الاستقالة ايضا في فترة يصفها المتابعون بالحسّاسة والدقيقة على الصعيد السياسي. حيث ستنضاف هذه الأزمة إلى أزمات سياسية أخرى متراكمة ابرزها ازمة الحوار السياسي الدائر منذ أشهر حول حكومة يوسف الشاهد والتي أصبحت تهدد بشلل لدواليب الدولة وبتعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما دفع بالملاحظين إلى القول انها ستفاقم الأزمة خاصة ان البلاد ستدخل بعد أشهر قليلة فترة الاعداد لتشريعية ورئاسية 2019. تأجيل تحيل استقالة التليلي المنصري الى ما حصل اثر استقالة شفيق صرصار في ماي 2017. فقد كانت البلاد تستعد آنذاك للانتخابات البلدية وتم وضع رزنامة أولية للعملية الانتخابية على ان يجرى التصويت في خريف 2017 غير ان استقالة صرصار حكمت عليها بالتاجيل مرة اولى الى شهر ديسمبر 2017 ومرة ثانية الى مارس 2018 ولم يقع التوافق على موعد رسمي ونهائي ( ماي 2018) إلا بعد انتخاب رئيس جديد في فيفري الماضي. وهو ما يؤكد مدى تأثير الفراغ على مستوى رئاسة هيئة الانتخابات على الاعداد للاستحقاقات الانتخابية ويدفع الى التساؤل ان كان الامر سيتكرر مع رئاسية وتشريعية 2019 بعد استقالة رئيس الهيئة الحالي التليلي المنصري. حيث يخشى المتابعون من ان يكون ذلك سببا وخاصة ذريعة يستند اليها البعض لتاجيل هذه الانتخابات خاصة بعد ان راجت مؤخرا اخبار تتحدث عن امكانية التاجيل.. رئيس جديد تتاكد هذه المخاوف خاصة لأسباب عملية ولوجيستية. فمسار انتخاب رئيس جديد قد يطول لان القانون يشترط ان يقدم مجلس الهيئة الحالي مرشحين ليقع التصويت على احدهما في مجلس النواب. ويبدو ان اختيار هذين المرشحين لن يكون بالامر الهين في ظل التجاذبات والخلافات السياسية القائمة اليوم، وبالتالي قد تطول العملية لأشهر في انتظار حصول توافق حول ذلك. كما ان عملية التصويت داخل البرلمان قد تطول بدورها، اولا بسبب بسبب اقتراب موعد العطلة البرلمانية التي ستمتد الى شهر سبتمبر وثانيا بسبب الخلافات السياسية التي يعيشها المجلس منذ مدة بين مختلف كتله خاصة بين كتلتي النداء والنهضة والتي قد تحول دون اتمام العملية. ومن جهة ثالثة فان البرلمان سيكون منشغلا بعد العطلة البرلمانية مباشرة بقانون المالية 2019 وبعدة قوانين اخرى مؤجلة وتطالب الحكومة بتعجيل المصادقة عليها. ارباك كبير للمسار السياسي والانتخابي في الفترة القادمة ستسببه حتما استقالة رئيس هيئة الانتخابات وهو ما دفع بالملاحظين الى التحذير منه وخاصة من امكانية تسببه في تاجيل انتخابات 2019 ما لم يحصل التوافق بين الفاعلين السياسيين في اسرع وقت حتى لا يتكرر ما حصل مع الانتخابات البلدية. أسباب الاستقالة حسب المنصري صعوبة العمل صلب مجلس الهيئة بسبب تعطل انعقاد جلساته حجم العمل الكبير الذى يتطلب المصادقة صلب مجلس الهيئة ومنه تقرير النشاط وإعداد ميزانية الهيئة لسنة 2019 واعداد مخطط عملياتي للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 فضلا عن الانتدابات في الخطط القارة للإدارة وتسوية وضعية جميع الموظفين مركزيا وجهويا عدم وجود بوادر حلول في الأفق خاصة بعد تأجيل البرلمان لجلسة طلب اعفائه والتي قال انها جلسة « لن تسفر عن حل مهما كانت نتيجة القرار». لا يريد أن يكون عنصر ارباك او توتر صلب مجلس هيئة الانتخابات وهو ما تقتضيه على حد قوله مصلحة البلاد والاعداد الجيّد للمحطات الانتخابية القادمة. فترة انتقالية تم الاتفاق بين اعضاء مجلس الهيئة على أن يواصل التليلي المنصري مهامه رئيسا للهيئة الى حين سد الشغور في هذا المنصب من قبل البرلمان. ودعا المنصري مجلس الهيئة الى ترشيح عضو أو عضوين على أقصى تقدير من بين أعضاء مجلس الهيئة لهذا المنصب وذلك تفاديا لتعطيل أعمال هيئة الانتخابات على حد قوله، كما دعا مجلس نواب الشعب الى البدء في اجراءات سد شغور خطة رئيس الهيئة.. محلل سياسي: «استقالة تبعث على الريبة» استغرب المحلل السياسي والديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي الاستقالة المُفاجئة لرئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري. وقال العبيدي في تصريح أمس الخميس «إنّ استقالة التليلي تبعث على الريبة خاصّة وأنه أعلن في أكثر من منبر عن تمسكه بمنصبه وموقفه، كما أنه أبدى تفاؤله بعد أن قابل رئيس الجمهورية يوم أمس، ما يجعل الأمور تبدو غريبة، على حدّ قوله. ولم يستبعد العبيدي أن يكون التليلي قد اختار الاستقالة ليُجنّب الهيئة التجاذبات السياسية والمشاكل الداخلية التي من الممكن أن تؤثر على مسار انتخابات 2019، على حد قوله.