تونس (الشروق) كان خطاب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في مؤتمر الاتحاد القومي للمرأة التونسية بمثابة المرجع لمختلف التفاعلات التي مرت بها عملية تمرير مجلة الأحوال الشخصية أشهرا بعد الاستقلال ب والذي تطرق فيه الى الهدف من تحرير المرأة والى سن قوانين جديدة في هذا المجال وكذلك الى اسباب رفضه هو شخصيا في وقت ما لتحرير المرأة من قبل المستعمر الفرنسي وفي ما يلي مقتطف من ذلك الخطاب: بناتي الفضليات ضيوفنا الكرام أيها الشعب التونسي الذي يسمعني الآن في هذه اللحظة بواسطة أجهزة الإذاعة التونسية إن هذا اليوم يوم المرأة التونسية لهو يوم عظيم، لأنه يذكرنا في يوم آخر مضت عليه 4 سنوات 1956 برز فيه للوجود أعظم إصلاح سوف يشهد التاريخ انه من أعظم الانجازات التي قامت بها هذه الدولة وهذه الحكومة وهذا الشعب منذ أن تسلم التصرف في حضه والتحكم في مستقبله أي بعد الاستقلال. لهذا ترونني جئت بنفسي لأشرف على هذا المؤتمر أردت أن اعبر لهذا العمل عن اهتمامي بهذه المؤسسة الاتحاد القومي النسائي التونسي واهتمامي بالأمانة التي وضعناها في عنق المؤسسة وعنق المسيرات لها وأهمية تلك الرسالة بالنسبة لمستقبل هذه الأمة على ان أهمية هذه الرسالة وأهمية النهضة النسائية بصفة عامة ظهرت منذ أربع سنوات عندما حققنا هذا الإصلاح. بعد اقل من أربع أشهر من تسملنا مقاليد الحكم في ذلك الوقت كانت فرنسا مازالت تحتل البلاد وكنا حديثي العهد بالحكم ولم نكن مهيئين ولم يتم تدريبنا في ذلك الوقت كان أول ما انطلقنا به وقبل أن نتحرر تماما من السلطة الاستعمارية هو النهوض بنصف الأمة التونسية الذي كان يعيش على الهامش ومهملا ورأينا في ذلك العمل الحجر الأساسي لبناء دولة وأمة وحياة للمجتمع لان الأمر صدر يوم 13 أوت لكن الأعمال التحضيرية انطلقت قبلها بكثير وكنا نعرف انه ستقوم زوابع في وجوهنا وقد أمضيت الأمر في 11 أوت وهذا العمل العظيم بعد 100 او 200 او الف سنة التاريخ سيحكم بأنه كان أساس نجاح الدولة وبناء امة وبناء مجتمع فاضل. كانت هذه المسالة شغلنا الشاغل منذ زمن ودون المرأة لا يمكن أن ينجح شيء ونواصل تكوين الرجال، وأبناؤه تربيهم امرأة مازالت تعيش في العصور البدائية. لكن بما انه لم تكن مقاليد الحكم بيدنا ولم نكن نسير دواليب الحكم كنا نخاف من الحركات التحريرية للمرأة لم نكن نطمئن للاتجاهات التي كان يرمي من ورائها الاستعمار إلى تفكيك العائلة وإخراج المرأة من ذلك المناخ وكانت سياسة المستعمر ترمي إلى تكريس الشخصية الفرنسية وكنا في بعض الأحيان نعارض التطور حتى بعض الإصلاحات التي لا باس بها كنا نعارضها وهذا ما نجده الآن في الأمة الجزائرية المجاورة نجد انه في الحركة التحريرية في الجبال المرأة تشارك ونزعت الحجاب وتكافح وتتزوج بإرادتها وبكل الضمانات أي أن الجزء الأوفر من الإصلاح الذي انجزناه تجده في رجال الثورة والجهات التي يسيطرون عليها. لأنهم مطمئنون للاتجاه ولرجال الثورة وعندما يخرجون من تلك القشرة والتقاليد ليس هناك حرج في حين انه في المناطق التي يسيطر عليها الحكم الاستعماري يحاولون تقليدنا بنزع الحجاب في حين انه في ذلك الحجاب في تلك المناطق جزء من شخصية الشعب الجزائري الذي هو مضطر لينكمش عليها ويحافظ عليها على ما فيها من عيوب لكي لا يفرط في شخصيته حتى تعود إليه مقاليد الحكم عندها يتصرف بشكل مسؤول في تلك العادات والتقاليد الموروثة. هذا كان موجودا في تونس أيضا وفي بعض الأحيان يذكرونني أنني سنة 1929 في محاضرة عارضت رفع الحجاب لكن كانت الأمور مغايرة وكانت العملية برعاية جمعية فرنسية وتحت نوع من الاحتقار وتذمر وتشك وكيف يعامل المسلمون نساءهم وأناسا يضحكون. على كل هناك دستوريون قاوموا لكن بلغة لا أستسيغها ولا يفهمها الفرنسيون فأخذت الكلمة ووقعت رجة في جماعتي وقلت لهم إن الحجاب سيزول ويجب أن يزول وسنة التطور والعدل والإنصاف تقول هذا لكن ليس بهذه الطريقة فالظروف التي نعيشها تجعله جزءا من شخصيتنا وإذا دفعنا نساءنا إلى رفعه نجعلها تفرنست وتصبح تستهزئ بأمها وبالتالي صلة القطع في هذا الوقت نحن مهددون بالمحق والابتلاع والفرنسة في الوقت الذي يجب ان نتمسك فيه بشخصيتنا بكلها وحتى ما لا نقبله فيها فان ذلك الشيء السيئ الذي يعرقل تطورنا إذا تكفلت فرنسا بنزعه ليست لنا السلطة لنعرف ما سيوضع مكانه وبالتالي دعنا نحافظ على ما نراه سيئا لكي لا يأتينا ما هو أسوأ. ذلك ما جعلنا بمجرد تسلم مقاليد الحكم وامسكنا «الدمان» انطلقنا في ذلك لأننا نعرف ان تأثيره سيظهر بعد عشرة او عشرين سنة وحتى مائة سنة ليس الجميع قابلين بالتطور والعادات لها سلطان على البشر والإنسان يحن الى التقاليد ثم ما هو اخطر ان تلك العادات التي يشعر الإنسان بطبعه حنينا لها أخذت معاني دينية مثل الحرمة والعورة قلنا أولا ان ما نراه هو ركن لا مناص منه لتقدم المجتمع التونسي طالما ان اجتهادنا وفكرنا أرانا المصلحة نقوم بها بما أننا نعتقد ان الدين وكل الأديان جعلت لمصلحة البشر وبالخصوص الدين الإسلامي الذي نعتبره صالحا لكل زمان ومكان لا يمكن ان يعطل او يعرقل عملا فيه تقدم ورفع مستوى ومدنية لذا قلنا لنتوكل على الله. على كل الإنسان يجب ان يقوم بواجبه لكن يجب ان يهيئ أكثر ما يمكن من أسباب النجاح هناك أناس سنتصادم معهم هذا لا مناص منه وخاصة المشايخ المتزمتين ونفوذهم وتزلفهم لفرنسا زمن الحماية هذا لا نخاف منه ونعرف الفتاوى التي يصدرونها لكي يذهب المسلمون للحرب مع فرنسا. هؤلاء سيهجمون علينا وسيكفروننا لكن نعلم انه «ما عندهم وين يوصلوا» لنا سمعة وماض وتفكير ومجد لكن الخوف من الناس البسطاء الذين يتغلب عليهم اعتقاد قديم هم أناس وطنيون يحترمون الدين ويعتبرون ان هذا جزء منه ونحن ملزمون بان نحسب حسابهم وملزمون ان نساعدهم ونخدمهم ونقنعهم حتى تطمئن قلوبهم وهذا ما فكرت فيه الحكومة عندما ساهمت وساعدت في تكوين الاتحاد القومي النسائي التونسي.فبحيث الزوبعة التي حصلت وما كتب في جريدة الاستقلال هذا كله تعرفونه وانتهى وعادوا وندموا لكن يجب ان تتم تهيئة الناس الذين سيباشرون هذا الإصلاح زيادة على الفصول التي كتبها احمد المستيري والمحاضرات هناك مسالة الحكام الذين سينفذونه أي يستمر العمل بالقوانين القديمة حتى نعد القضاة ويفهموا كيف سيتم تطبيق القوانين.