تونس الشروق مع اقتراب استئناف السنة السياسية الجديدة تتواصل التساؤلات حول مصير حكومة يوسف الشاهد وسط توقعات بتواصل تمسك بعض الاطراف باقالتها ابرزهما اتحاد الشغل ونداء تونس مقابل تمسك النهضة بموقفها الداعي الى الاستقرار الحكومي. وبين هذين الموقفين تجد حكومة الشاهد نفسها امام خيار وحيد وهو الدفاع عن بقائها واحاطة نفسها بموقف يدافع عنها لدى الراي العام. نجاحات الحكومة عملت طوال الفترة الماضية على إظهار بعض مؤشرات النجاح الاقتصادي والاجتماعي لا سيما من خلال الارقام الاخيرة للمعهد الوطني للاحصاء التي تحدثت عن نسبة نمو ناهزت 2 فاصل 8 بالمائة وعن تراجع طفيف في نسبة البطالة وعن استقرار نسبة التضخم ونمو طفيف في التصدير وفي نوايا الاستثمار. كما عملت الحكومة في الفترة الاخيرة على «تحريك» كامل الفريق الحكومي هنا وهناك لمتابعة المشاريع التنموية ولتدشين بعض الاستثمارات او للاعلان عن بعض الاجراءات فضلا عن الحديث باستمرار عن النجاحات الامنية في مجال مكافحة الارهاب والجريمة. وعلى الصعيد الاجتماعي حاولت الحكومة ايضا ابراز بعض التحركات مثلا في مجال السكن الاجتماعي والمساعدات الاجتماعية المناسبتية .. على أرض الواقع هذه التحركات تصطدم في كل مرة ببعض الحقائق على ارض الواقع. فاسعار المعيشة مازالت في ارتفاع متواصل نتيجة تواصل مظاهر عجز الحكومة مثل الاحتكار والمضاربة بالاسعار وتغول العصابات والشبكات الناشطة في مختلف مجالات السلع وايضا تغول المنتجين. كل ذلك الى جانب تمادي الحكومة في الضغط على المقدرة الشرائية للمواطن جراء الترفيع المتواصل في اسعار المحروقات وفي التكاليف الجبائية . كما اصطدمت جهود الحكومة ايضا بعجزها عن التصدي لازمة انهيار سعر صرف الدينار التي الهبت كل الاسعار ولازمة تراجع مخزون العملة الصعبة التي خلقت صعوبات كبرى للمالية العمومية وايضا لتواصل انتشار ظاهرة الفساد والتهرب الضريبي والتهريب وتواصل ازمة المؤسسات العمومية. ومن عوامل ارتباك الحكومة ايضا تواصل ضعف الاستثمار والتنمية في الجهات الفقيرة على ارض الواقع رغم الارقام المعلنة مؤخرا، وبلغ الامر في عديد الجهات حد تعطل مرافق عمومية حساسة على غرار الانقطاع المتكرر للماء وتردي البنية التحتية وتراجع ملحوظ في الخدمات الصحية وهو ما يتسبب باستمرار في احتقان اجتماعي بعديد جهات البلاد. احتقان اجتماعي وعلى الصعيد الاجتماعي مازالت الحكومة تواجه باستمرار ازمة المفاوضات الاجتماعية مع الطرف النقابي وعدم التوصل الى حلول تحقق التهدئة الاجتماعية ولا تعطل الانتاج. كما عجزت ايضا عن مواجهة ازمة ارتفاع نسبة البطالة ونسبة الفقر. اجتماعيا ايضا لم تحسن الحكومة في المدة الخيرة ادارة ازمة المتقاعدين من خلال عدم صرف الجرايات والزيادات المستحقة وهو ما خلق حولها غضبا من شق هام من التونسيين. كما تواجه ايضا انتقادات حول ادائها في مجال الصحة والتعليم والنقل وتراجع جودة الخدمات الادارية . امام ما تقوله الحكومة من تحسن طفيف في بعض المؤشرات وما يشعر به المواطن من صعوبات معيشية وما تمر به المالية العمومية من ضغوطات سيكون التساؤل الابرز في الفترة القادمة لدى الراي العام ولدى الملاحظين والمتابعين هو المتعلق بالحلول التي ستلجأ لها الحكومة مستقبلا لضمان حظوظ بقائها ولمواجهة المطالب الداعية لاقالتها. وسيبقى المجالان الاقتصادي والاجتماعي على راس قائمة المطلبية العامة في البلاد . فاذا تطورت التنمية والاستثمارات وهدات الاسعار وتراجع الفساد وتحققت بعض المطالب الاجتماعية لدى الفئات الفقيرة وفي الجهات المهمشة وتحسنت الخدمات العمومية ووقع سن قانون مالية جديد يقطع مع الاجراءات المؤلمة لقانون المالية 2018 يمكن للشاهد وحكومته ان يضمنا البقاء الى حين انتخابات 2019 واذا عجزت عن ذلك فان الدعوات لاقالتها ستزداد وستتدعم بموقف شعبي غاضب وهو ما قد يعجل برحيلها. اما سياسيا فسيكون الشاهد مطالبا ايضا باتقان الحوار والتشاور مع بقية الاطراف لايجاد ارضية تفاهم حول المرحلة القادمة ويبقى اهم ملف سياسي هو المتعلق بالترشح من عدمه لانتخابات 2019.