الأميرة عطف : هي الأميرة الحفصية عطف، أم الخلفاء، زوجة أبى زكرياء الأول ووالدة المستنصر بالله وللسلالة التي حكمت افريقية لثلاثة قرون وهي من أصل إسباني. ساهمت في مسار الإزدهار العمراني خلال الحكم الحفصي بتأسيسها لجامع « الهوا» يعرف أيضا بجامع « التوفيق» ولمدرسته سنة 1252 م، ويعدّ هذا الجامع من أجمل نماذج العمارة التونسية . ولم تحْظَ الأميرة عطف باهتمام المصادر التاريخيّة، ورغم هذا، فإنّ هذه الأميرة الحفصيّة ذات الأصل الإسباني، تركت بعض البصمات في تاريخ تونس من خلال مشاريعها الخيريّة التي حافظت عليها المدينة . الأميرة عطف كانت أسيرة مسيحيّة، أصيلة «غاليسيا» الواقعة بالشمال الغربي لشبه الجزيرة الأيبيرية، وهبها أحد الأقرباء إلى أبي زكرياء مؤسس الدّولة الحفصيّة وحاكم إفريقيّة من سنة 1228 م الى سنة 1249م. و تزوجها أبو زكرياء وأثمرت العلاقة عددا من الأبناء منهم ابنه وخليفته المستنصر الذي اعتلى العرش من سنة 1249 م. إلى سنة 1277 م. و هكذا أصبحت الأميرة عطف المرأة الأولى لهذه السلالة التي حكمت إفريقيّة على امتداد ثلاثة قرون التأثيرات الاندلسية وقد تشبّع البلاط الحفصي بالإرث الثقافي المحلّي إلى جانب استيعابه للتأثيرات الأندلسيّة والإسلاميّة المشرقيّة منها والمغربيّة، حيث اختلط الشعراء بالفنّانين والمهندسين وأصحاب الحرف إلى جانب الفقهاء ورجال العلم وأثروا الحياة الثقافيّة بتونس. وعرف العمران ازدهارا لافتا خلال الحكم الحفصي. وساهمت الأميرة عطف في هذا المسار بتأسيسها لجامع «الهوا» (الذي يعرف أيضا باسم جامع التوفيق) ومدرسته وذلك حوالي سنة 1252م. ويُعدّ هذا الجامع من أجمل نماذج العمارة التونسيّة. وُيشرف هذا المعلم الفريد على بحيرة السيجومي، غربي العاصمة. يختصّ هذا الجامع بصومعة مربعة الشكل متكوّنة من طابق واحد وبدعائمه القويّة التي تشدّ الجدران الخارجيّة؛ كما يمتاز بصورة خاصّة بقبيبة مضلّعة تغطي قبة المحراب. أمّا المدرسة، فلم تحتفظ بطابعها الأصلي بعد تحويلها إلى مدرسة ثانويّة. وتجدر الإشارة إلى محافظة جامع «الهوا» على طابعه الإفريقي البحت رغم التأثيرات الأندلسيّة التي طبعت العمارة التونسيّة آنذاك.