تونس الشروق: مثّل الاعلان عن تأسيس كتلة برلمانية جديدة «كتلة الائتلاف الوطني» منعرجا هاما على الساحة السياسية خاصة في ظل ما تردد عن أنها ستكون مساندا لرئيس الحكومة يوسف الشاهد حاضرا ومستقبلا، بل هي على الأرجح الخطوة الأولى في المشروع السياسي للشاهد. منذ الاعلان أوّل أمس عن تأسيس الكتلة البرلمانية الجديدة «الائتلاف الوطني»، فُسح المجال أمام جدل واسع على الساحة السياسية حول الأسباب الحقيقية لتأسيس هذه الكتلة في هذه الفترة بالذات وكذلك حول تموقعها السياسي المنتظر. المتحدثون باسم الكتلة الجديدة نفوا في أولى تصريحاتهم أية علاقة لها بأي طرف سياسي او حزبي بينما اعتبر عديد المحللين والمتابعين أن هدف الكتلة الأساسي سيكون مساندة يوسف الشاهد حاضرا ومستقبلا. مع الجميع قال أعضاء الكتلة الجديدة أن الهدف من تأسيسها هو « تجاوز الصعوبات التي تعرقل مسار الإصلاحات على المستويين التشريعي والتنفيذي ومشاريع القوانين المعطلة ومواصلة الحرب ضد الفساد واستكمال بناء المؤسسات الدستورية (المحكمة الدستورية- الهيأة العليا المستقلة للانتخابات)» في ظل ما وصفوه بالأزمة الخطيرة صلب مجلس نواب الشعب بعد عجز عن انهاء أزمة المؤسستين المذكورتين.. وأشاروا من جهة أخرى الى ان من اهداف الكتلة دفع التعاون والتنسيق مع جميع الكتل لإنجاز كل المهام المنوطة بعهدة المجلس وتعزيز استقرار كل مؤسسات الدولة والتعاون مع الجميع دون استثناء على قاعدة النقد والمساندة. انتخابات 2019 بعيدا عن هذه الاسباب المعلنة، تحدث ملاحظون عن الأسباب الخفية لتأسيس الكتلة الجديدة وهي أساسا مساندة يوسف الشاهد. ويستند اصحاب هذا الراي الى ما أصبح طاغيا على الساحة السياسية في الآونة الاخيرة من مناورات وتحركات هدف كل الاطراف من ورائها – بما في ذلك يوسف الشاهد - هو التحضير لانتخابات 2019. ويرى هؤلاء ان أهم محطة يمر عبرها التحضير ل2019 هي «المحطة البرلمانية». فالنهضة أحد ابرز المعنيين باستحقاقات 2019 ناجحة الى حد الآن في المحافظة على كتلتها البرلمانية التي استمدت منها سابقا كل قوتها السياسية وستواصل وقد تسعى لكسب دعم نواب مستقلين او من كتل اخرى. ونداء تونس المعني الرئيسي الآخر بتشريعية ورئاسية 2019 يحاول بدوره الحفاظ على ما بقي من كتلته البرلمانية التي مازالت - رغم ما مرت به من تقلبات - محافظة على المرتبة الثانية في البرلمان وهناك مساع لتقويتها عبر ضم بعض نواب كتلة الحرة لحركة مشروع تونس ونواب آخرين استعدادا للاستحقاق نفسه .. وبما ان يوسف الشاهد يبدو بدوره معنيا بارزا بانتخابات 2019 فانه من الطبيعي ان يسعى هو الآخر للاستعداد عبر تقوية حضوره البرلماني عبر هذه الكتلة الجديدة خاصة في ظل تقلب علاقته بحزبه الأصلي نداء تونس، وفي ظل ما يتردد عن استعداده لتأسيس مشروع سياسي جديد وخاصة في ظل التقليد السياسي الجديد على الساحة والذي يتمثل في تكوين كتلة برلمانية ثم في ما بعد تاسيس حزب يستند اليها ( وهي التجربة التي حصلت مع حزب مشروع تونس عندما تكونت كتلة الحرة ثم تاسس الحزب ونجحت نسبيا الى حد الآن). دعم الحكومة بعيدا عن انتخابات 2019، فان فرضية قرب هذه الكتلة الجديدة من يوسف الشاهد تبدو في راي اصحاب هذا الراي أيضا مطروحة بقوة بالنسبة للفترة الحالية على المستوى البرلماني. فالحكومة تستعد لفترة حاسمة في الفترة القادمة على المستوى التشريعي ( قانون المالية – التحوير الوزاري المنتظر – بعض الاصلاحات ..) والسياسي ( للمحافظة على حظوظ بقائها في ظل دعوات اقالتها) وستحتاج الى سند قوي داخل البرلمان وإلى اغلبيات مريحة ، وهو ما قد توفره الكتلة الجديدة خاصة في صورة مزيد ارتفاع عدد اعضائها وهو ما ذكره مؤسسوها او عند توافقها مع كتل أو نواب آخرين يدعمون الشاهد..