تفتتح السنة السياسية على وقع تحالفات برلمانية جديدة قيد التشكل طارحة التساؤل حول الاطراف المستفيدة منها ومدى قدرتها على الإسهام في انقاذ الوضع. تونس الشروق: وقُبيل افتتاح السنة السياسية الجديدة والتي ستتوج خاتمتها بخوض الاستحقاقات الانتخابية الكبرى افتك البرلمان زمام الفعل السياسي وبادر نوابه بخط أسس تحالفات جديدة في انتظار مزيد بلورتها في قادم الايام. هذا الحراك البرلماني افرز اتفاق كتلتي نداء تونس ومشروع تونس منتصف اوت الجاري على العمل على تكوين كتلة نيابية موحدة في حدود 74 نائبا لتكون ضامنة للاستقرار السياسي والمحكمة في جل الخلافات التي من شأنها تعطيل تسيير الشأن العام حسب بيان الاتفاق، وذلك قبل اعلان تأسيس كتلة الائتلاف الوطني التي ضمت نواب الوطني الحر والكتلة الوطنية ومستقلين ومنسحبين من مشروع تونس ومن كتلة الولاء للوطن حيث اعلنت بدورها العمل على تجاوز الصعوبات التي تعرقل مسار الاصلاحات على المستويين التشريعي والتنفيذي ومشاريع القوانين المعطلة. فهل ستنجح هذه التكتلات الجديدة في حلحلة الازمة السياسية وبلورة خطة الانقاذ ؟ حراك محمود ولكن ؟ هذه التكتلات البرلمانية لم ترس بعد على ارضية واضحة وتمسكت الاطراف فيها بتوضيح ارضيتها وتوجهاتها الجلية في المرحلة القادمة استعدادا لثلاث مسائل كبرى هي مجابهة الازمة السياسية وعلى رأسها مسألة بقاء الشاهد على راس الحكومة من عدمه، والشروع في الاصلاحات على المستويين التنفيذي والتشريعي لحلحلة الازمة الاقتصادية والاجتماعية و الاستعداد للمواعيد الانتخابية الكبرى. ويرى مراقبون أن بوادر التكتلات البرلمانية تعبر عن حراك سياسي محمود يأذن بافتكاك البرلمان للفعل السياسي الذي من شأنه بلورة التوازنات السياسية في المرحلة القادمة على أساس المنافسة الديمقراطية ورفع عراقيل تمرير مشاريع قوانين تحتاجها البلاد و مواصلة استكمال ارساء المؤسسات الدستورية، غير أن هذه المساعي تصطدم بمخاوف جدية من انخراطها في الاصطفاف الايديولوجي مثلما يعبر عن ذلك المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي. وقال الحناشي ل«الشروق» إن هذه التكتلات البرلمانية التي لم تتبلور معالمها الواضحة بشكل رسمي بعد هي مخاض طبيعي لفترة ماقبل السنة السياسية الجديدة المليئة بالتحديات مضيفا بأن تزامن تشكلها مع اقتراب المواعيد الانتخابية الكبرى يثير مخاوف الاصطفافات الايديولوجية والشخصية التي من شأنها تقوية الصراعات التي لا تخدم التجربة الديمقراطية وذلك في محطات حاسمة منها حسم مسألة بقاء الشاهد على راس الحكومة من عدمه ومناقشة مبادرة المساواة في الارث. تقوية الصراع السياسي من جهته يرى المحلل السياسي والباحث الاكاديمي مصطفى القلعي في تصريحه «للشروق» أن نشأة الكتل البرلمانية الجديدة وليدة افلاس سياسي وتزيييف للمشهد السياسي وفشل منظومة الحكم القائمة وتنامي لظاهرة السمسرة السياسيّة لان النوّاب الذين شكّلوا كتلة برلمانيّة جديدة لم يتحمّلوا مبدأ الانضباط لحزب أنشأهم وأوصلهم إلى البرلمان حسب رأيه معتبرا ان من لم ينضبط لحزبه لن ينضبط لكتلة هجينة بلا مرجعيّات. وتساءل القلعي في هذا الصدد إلى من ستحتكم هذه التكتلات في اتخاذ قراراتها و أيّ أجندا ستتبع؟ في الوقت الذي يقر فيه المشهد الديمقراطي بضرورة وجود أحزاب وكيانات سياسيّة تدير الديناميكية السياسية دافعا الى الاقرار بأن هذه التكتلات البرلمانية ستحاول اللعب على التناقضات وتقوية طرف على آخر في معركة الحكم بين حافظ السبسي ويوسف الشاهد وستساهم في تشظّي المشهد البرلماني والسياسي. في المحصلة يعد نجاح هذه التكتلات النيابية وتجاوزها لمنطق الصراعات الشخصية شوطا مهما في اضفاء النجاعة على اعمال البرلمان اولا وفي انهاء الازمة السياسية واسترجاع التوازن السياسي ثانيا بينما يعني فشلها المزيد من تأزيم الاوضاع وتعكير المناخ الانتخابي ومواصلة حركة النهضة الهيمنة على المشهدين السياسي والبرلماني وهي التي تحافظ على استقرار كتلتها النيابية ب69 نائبا.