تواتر الحديث في الاونة الاخيرة حول امكانية تأجيل المواعيد الانتخابية الكبرى سواء عبر التسريبات أوالتصريحات الاستشرافية أوالمخاوف التي جعلت من الفرضية تطفو على سطح الاحداث بقوة، فماحقيقة التأجيل؟ وماهي فرضيات تحوله الى واقع؟ وماهي تداعيات المضي فيه؟. تونس الشروق: والحديث عن فرضية تأجيل الانتخابات بدأ مستهل جوان الماضي في ما اوردته صحيفة «جون افريك» التي اعتبرت ان المحيطين برئيس الجمهورية يدفعونه نحو تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة سنتين نظرا لعدم الاستقرار السياسي وعدم استكمال ارساء المؤسسات الدستورية. وظلت هذه الفرضية تراوح مكانها في المنابر السياسية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث سوق لها في البدء على انها تسريبات ونوايا الى حين أن تحولت الى مخاوف وقراءات استشرافية اوردها الامين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي في اعتباره ان كل السيناريوهات واردة ومرتبطة بضرورة تنقية المناخات السياسية وعززها القيادي في حركة النهضة وعضو مجلس شوراها لطفي زيتون الذي استبعد تنظيم الانتخابات اذا ما استمر الوضع على حاله دون توافقات تقضي بانتخاب رئيس لهيئة الانتخابات واستكمال ارساء المؤسسات الدستورية. مخاوف من التأجيل وتصريحات لطفي زيتون أو نور الدين الطبوبي وان وقعت مقاربتها بالدعوة الى استشراف الخطر وليس تأكيد امر واقع كما يذهب الى ذلك مراقبو الشأن السياسي فانها تفتح على جملة من الدوافع التي تستدعي اثارة المخاوف من امكانية تأجيل الانتخابات ومنها الازمة الحاصلة في مستوى هيئة الانتخابات، وفقدان اغلبية 145 صوتا في البرلمان لتلافيها زد عليها توقع سيناريو اقالة رئيس الحكومة أو استقالته واهدار الوقت في التوافق على البديل وعدم استكمال الهيئات الدستورية و على رأسها المحكمة الدستورية. كما يضيف الناشط السياسي والنائب السابق رابح الخرايفي امكانية وجود سيناريو ترضيات متبادلة بين النهضة والنداء يلزم النهضة بقبول تأجيل الانتخابات مقابل التزام النداء بعدم صياغة مشروع القانون المتعلق بالمساواة في الارث لتكون باقي فصول هذا السيناريو اسقاط الحكومة بعد ايداعها مشروع قانون المالية للبرلمان والانخراط سلسلة تجاذبات تمنع من سد الشغور في هيئة الانتخابات، فهل من الممكن أن تتحول هذه الفرضيات الى واقع؟ غير ممكن ويؤكد خبراء القانون الدستوري ان تونس ليست بصدد مجابهة خطر داهم وبالتالي تنتفي اسباب تأجيل الانتخابات من الناحية الدستورية بما يعني أن الحديث عن ازمة سياسية أو تعطل ارساء الهيئات الدستورية لا يمكن اعتباره خطرا داهما حيث يتعين على الفاعلين السياسيين ايجاد الحلول فيها بدلا من المضي في تهديدات خطيرة للمسار الديمقراطي وتعطيل اهم ميزة فيه وهي التداول السلمي على السلطة والمحافظة على دوريتها المحددة دستوريا لان فتح الباب امام تأجيل الانتخابات لا يضمن تنظيمها في موعد محدد لاحقا طالما وقع خرق الدستور. «الكونغرس» على الخط وعلاوة على أن طرح تأجيل الانتخابات يعد خرقا دستوريا فانه مختلف كليا عن الانتخابات البلدية التي تأجلت بوصفها انتخابات داخلية خلافا للانتخابات العامة التي يمثل خرقها ضربا لصورة الديمقراطية التونسية في الخارج، ولعل في السياق تنزلت زيارة وفد الكونغرس الامريكي لتونس امس حيث نقل الناطق الرسمي باسم البرلمان محمد صوف دعوة وفد لجنة الشراكة بالكونغرس الامريكي في لقاءه بمكتب المجلس الى ضرورة تنظيم الانتخابات القادمة في موعدها ومواصلة الاعداد الجيد لها . رأي خبير بينت استاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي في تصريحها «للشروق» ان الاطر التي تحكم مسألة الانتخابات مبينة في الدستور حيث نظم الفصل 56 منه امكانية تمديد اعمال البرلمان بقانون في حالة تعذر اجراء الانتخابات التشريعية بسبب خطر داهم فحسب وذلك ينسحب ايضا على الانتخابات الرئاسية ايضا بموجب الفصل 75 من الدستور. واوضحت القليبي ان تونس لاتواجه خطرا دائما لافتة الى ان الفصل 80 من الدستور الذي يخول لرئيس الجمهورية اعلان حالة الاستثناء بسبب الخطر الداهم يطرح مشكلا كبيرا ويصعب تطبيقه نظرا لان رئيس الجمهورية في هذه الحالة يستشير رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ويُعلم رئيس المحكمة الدستورية التي لم تتشكل بعد.