تونس الشروق: يسميه الاعلام الغربي ب»بطل المتوسط» وتتعامل معه الأجهزة الأمنية الإيطالية ك»مجرم». هو الرايس شمس الدين بوراسين البحار التونسي الذي التزم وطاقمه منذ سنوات بانقاذ المهاجرين غير النظاميين العالقين عرض سواحل جرجيس. وهو القائل «الصيد البحري بيخدم ولا املاءات عليه ونحن سننقذ الناس الى ان يرث الله الأرض وما عليها». يواجه بوراسين منذ احتجازه من قبل السلطات الإيطالية بتاريخ 30 اوت الماضي تهمة «الاتجار بالبشر» وتنتظره عقوبة بدنية قد تصل الى 15 سنة سجنا. في هذه القضية يواجه بوراسين وطاقمه قضية صعبة يبدو ان السلطات الإيطالية كانت تنتظرها وهي التي بدت وكأنها تترصد مركب بوراسين الذي تزعم عمليات انقاذ المهاجرين ونجح في التصدي لسفينة «سي ستار» ومنعها من الرسو في ميناء جرجيس وهي التي تحمل على متنها نشطاء أوروبيون من اليمين المتطرف مناهضين للهجرة. ومطلوب من السلطات التونسية ليس فقط الاستجابة لنداءات المنظمات الحقوقية والاكتفاء بتعيين محامين للطاقم التونسي المتهم وترك المجال لهذه القضية المفتعلة لتكون ملفا قضائيا بحتا بل مطلوب منها الضغط ديبلوماسيا من اجل تبرئة الطاقم والذي تظل تهمته الرئيسية انقاذ مهاجرين غير نظاميين من غرق محقق وجر مركبهم المعطب باتجاه المياه الإقليمية الإيطالية بهدف انقاذهم من الغرق وهم الذين رفضوا بشدة العودة باتجاه المياه الإقليمية التونسية. كما ان هذه القضية تأتي في إطار استمرار سياسة الغطرسة الأوروبية في ملف الهجرة غير النظامية ومطلوب من تونس التصدي لمثل هذه السياسة والتي تواجه فيها ضغطا كبيرا من اجل تحويلها الى منصة للمهاجرين غير النظاميين. وكان الجانب الاوروبي قد اقترح على تونس تركيز معتقلات دولية للمهاجرين السريين في تونس تكون تحت حماية الأممالمتحدة بالإضافة الى رفض كل من مالطا وإيطاليا القبول بعمليات الإنقاذ عرض البحر وبالتالي توجيه المراكب المنقذة باتجاه الموانئ التونسية. هي سياسة متكاملة تستهدف تونس وتستهدف الحقوق الإنسانية والكونية للمهاجرين غير النظاميين وقضية بوراسين وطاقمه هي مجرد فصل صغير في هذه الحرب الباردة المتوسطية. فهل تتخلى الديبلوماسية التونسية عن بوراسين وطاقمه خاصة وان القضية ملف ديبلوماسي بامتياز اذ هي محاكمة لناشط حقوقي (رئيس الجمعية التونسية للصيد التقليدي المستدام) مناهض للسياسات الأوروبية للهجرة؟