تَوجّهت «البَعثة» الترجية يوم أمس إلى سوسة وفي الأذهان تَقديم مباراة بطولية تضع الجمعية في المُربّع الذهبي لرابطة الأبطال الافريقية وهو مكسب كبير ومن شأنه أن يساهم في القضاء على حالة الاحتقان بالكامل. كما أنّ العبور إلى المحطة قبل الأخيرة من «الفِينال» سيمنح شيخ الأندية أجنحة اضافية للمراهنة بقوّة على التاج الغائب عن ساحة «باب سويقة» منذ سبع سنوات. جلسة حاسمة رَغم أن الانسحاب من سباق البطولة العربية كان صادما ومُؤلما فإن الأوجاع الترجية من هذه الخيبة القارية لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تُضاهي الأحزان التي قد تُسيطر على الحديقة «ب» في صورة فشل الجمعية في مواصلة الزحف نحو «الأميرة» الافريقية التي تبقى الحلم الأكبر والهدف الأسمى للجماهير الصّفراء والحمراء. وفي ظلّ الأهمية البالغة للمسابقة القارية عقد رئيس الجمعية حمدي المدب يوم أمس جلسة «طارئة» و»سَاخنة» مع الإطار الفني بقيادة خالد بن يحيى. هذا الاجتماع «الثقيل» يأتي قبل ساعات معدودة من المواجهة الحاسمة أمام «ليتوال» ولم تُخصّص الجلسة طبعا لمناقشة التحضيرات التَنظيمية والخيارات الفنية وإنّما كان الهدف منها اشعار بن يحيى وبقية مُعاونيه بحجم الانتظارات في «باب سويقة» وتَذكيرهم بأنّ المرحلة دقيقة ولا تَحتمل خسائر جديدة. ومن المفترض أن تصل فحوى هذه الجلسة «المُصغّرة» إلى «الكوارجية» عبر الفنيين الذين سيطالبون رفاق «الكابتن» خليل شمّام ب»القتال» في الميدان من أجل الرّجوع بوثيقة التأهل. التمارين في سوسة من المُنتظر أن يَختتم الترجي الرياضي اليوم تحضيراته للقاء «الكلاسيكو» بحصّة تدريبية سيحتضنها أولمبي سوسة وهو امتياز تَضمنه الكنفدرالية الافريقية للفريق «الضّيف» ولو أنّ نادي «باب سويقة» سيلعب في أرض بلاده وأمّا شقيقه ومن يقول العكس فإنه «مريض» عَفانا وعافاكم الله بداء التَعصّب ولم يستوعب بعد القيم الحَقيقية للّعبة. الرؤية واضحة في المُطلق يحافظ المدرب على التشكيلة الرابحة لكن هذه القاعدة ليست ثابتة بما أن قائد السفينة الترجية خالد بن يحيى قد يقوم ببعض التعديلات الطفيفة على التركيبة التي كانت قد حَقّقت الفوز على حساب النّجم في الشّطر الأوّل من «الكلاسيكو» التونسي - الافريقي. بن يحيى لم يَحسم بعد خياراته النهائية لقمّة الغد لكن المعلومات القادمة من مُحيط الجمعية تفيد بأن «الخَلطة» الفنية شبه جاهزة. وتبدو حظوظ الحارس رامي الجريدي والعناصر الدفاعية الأربعة وافرة للمُحافظة على أماكنهم في التشكيلة الرسمية خاصّة في ظل مردوديتهم الكبيرة في مباراة رادس. ولئن كانت النيّة تتّجه نحو تكريس الاستقرار في المِنطقة الخَلفية من خلال ترسيم الذوادي وشمّام والدربالي وبن محمّد فإن منطقة الوسط قد تشهد بعض «التّنقيحات» ومن غير المُستبعد أن يضع بن يحيى ثقته في الشعلالي الذي منح الفريق تَوازنا واضحا عندما أقحمه مدرّبه أثناء اللّعب في مباراة الذّهاب الشاهدة على تألق «كُوم» الذي من المفروض أن يحافظ على مقعده مِثله مثل «كُوليبالي» المُطالب بمراجعة نفسه. ومن المُحتمل أن يكون بقير خارج الحِسابات بفعل الاصابة التي تعرّض لها خلال مباراة رادس وهو ما يدعم أكثر حظوظ «الجُوكار» غيلان الشعلالي للظهور منذ البداية ليكون همزة الوصل بين الوسط والهجوم الذي من المرجّح أن يقوده الثلاثي المتكوّن من البدري والبلايلي والخنيسي. وهذه التوجّهات الفنية «مَبدئية» ولا يمكن أبدا الجَزم بأنّ التشكيلة الترجية محسومة بالنظر إلى التغييرات التي قد تطرأ على حسابات بن يحيى بين اللّحظة والأخرى. التوازن .. كلمة السرّ قد يَتوقّع البعض أن الترجي سينكمش في مناطقه الخلفية ويدافع بشراسة عن الأسبقية الطّفيفة التي حقّقها بفضل الفوز في لقاء الذهاب ( 2 مقابل 1). وقد يَتصوّر البعض الآخر أن نادي «باب سويقة» سيهاجم النّجم في عقر داره لأنه «أذكى» بكثير من التَورّط في فخّ «الدفاعات الاسمنتية» والتي عادة ما تعود على صاحبها بالوبال حتى وإن صَمد إلى الدقيقة التّسعين. كلّ القراءات مُمكنة والثابت أن ترجي بن يحيى سيحاول اللّعب بشكل مُتوازن: أي أنه سيدافع بقوّة و»سيطمع» في الوقت نفسه في التهديف خاصّة أن بلوغ شباك النّجم ولوفي مناسبة يَتيمة يَعني منطقيا أن التأشيرة ستكون ترجية بحكم أن الهدف خارج الميدان يُساوي وَزنه ذهبا. عوامل ايجابية تُوجد العديد من المُؤشرات الايجابية التي من شأنها أن تُرجّح (على الورق) كفّة الترجي للمرور إلى المربّع الذهبي. فالفريق يدخل مباراة الغد بأفضلية في النتيجة كما أنه حصل على جُرعة معنوية كبيرة بعد فوزه في النّصف الأوّل من «الكلاسيكو» وهو ما سيجعله يخوض لقاء سوسة بروح عالية. وقد استعاد الدفاع بدوره جانبا مُهمّا من الثقة المفقودة بعد أن أظهر أداءً مُحترماً أمام النّجم علاوة على مساهمة ثلاثة من عناصره في تحقيق الانتصار (الذوادي والدربالي سجّلا هدفي الترجي وشمّام صَنع الهدف الأوّل). ويعتقد أهل الدار أنّ الأسماء التي كانت مردوديتها مُتدنية نسبيا مثل «كوليبالي» والبلايلي والبدري والخنيسي ستردّ الفعل في مُواجهة الغد وهو ما من شأنه أن يساهم في الارتقاء بالأداء في كلّ الخطوط. هذا وكان الفريق قد أظهر في مباراة الذهاب قدرته الفائقة على ضبط النفس وتفادي «المَعارك» الاستفزازية وما يَنجم عنها من عقوبات تأديبية ولاشك في أن هذا المُعطى سيكون من العوامل المساهمة في النجاح إذا لم تتغيّر طبعا «الطِّباع» بين رادسوسوسة. عنصر آخر يصبّ في مصلحة الترجي وهو التقاليد العريقة للفريق في الخروج بنتائج ايجابية من سوسة بالذات كما حدث في عدّة مقابلات تَهمّ البطولة والكأس وحتى المسابقة القارية (نسخة 2012 مثلا).