بعدما مزقتنا الأحزاب إربا إربا ووضعت كلاّ منا في عنق زجاجة الحبر الانتخابي الأزرق الأغمق من زرقة الهم الأزرق والأقرب إلى سواد الليالي السود في جانفي الأسود. وبعدما تحررنا من قيود الحرية ومن الحرية ذاتها وركبنا على هتك أعراضنا «حمارا وطنيا» وجعلنا من تربيتنا وقيمنا وأخلاقنا بردعة تقي أردافنا من الزلع عند الركض والهرولة بعدما تخلصنا من عبء عقولنا بإفراغها من رؤوسنا تحت عجلة «البرويطة». وبعدما شتتنا المصالح وركبنا الفساد صاروخا عابرا للقارات الخمس والحواس الخمس والصلوات الخمس وأطلقنا من أيادينا أصابعها الخمس للنهش والنهب والتدمير والتخريب. وبعدما جفى الأخ أخاه والابن أباه والصديق صديقه والجار جاره وشبّ كل إلى غايته زورا وروغانا وبهتانا ونفاقا وتحزّبا مع الشياطين وتكتّلا مع الأبالسة. وبعدما حملتنا رياح الربيع العربي القح والعبري الأصيل كما لو كنا بذور نبتة «الحرّيقة» وزرعتنا في «بر الأمان» المفقود حتى إذا نبتنا أحرقنا جلود الناشئة حرقا. وبعدما «أخذت كل يد أختها» وانكمشت على ما نهبت وأخذت وسلبت حتى لا تعطي شيئا ولا تعمل شيئا. وبعدما انتهى الأمر إلى زمن كله عطلة على نخب الضياع والافلاس و«الزطلة» و«اعتصم انها تونس». نبت سؤال حنظل في حلقي. أين نحن من بعضنا؟ أين نحن من التآخي؟ ربما سنصبح يوما اخوة من رضاعة حليب «بقر الخارج» سائلا كان أم جامدا أم «غبرة» بعدما «مشينا غبرة». قلها وأنت على حق: مووووه.