بعين فنية ثاقبة وجرأة عالية يتكلّم المدرب القدير والمحلّل الشّهير محمود الورتاني عبر أعمدة «الشّروق» عن «كلاسيكو» الترجي والنّجم وعن حال بطولتنا المحلية وأوضاع منتخباتنا الوطنية وإطاراتنا الفنية وصَافرتنا التحكيمية التي تُلاحقها الاتّهامات والشّبهات على طول البلاد التي جابها ضيفنا مدرّباً ومُحلّلاً ومُديرا فنيا خَبِر معادن الناس وتعرّف على ما يحدث في العلن وما أيضا «يُطبخ» في الكَواليس. الترجي عن جدارة واستحقاق الحوار لا يمكن إلا أن يبدأ من الأحداث الآنية التي تتصدّرها القمّة الكروية المكرّرة بين النجم والترجي في نطاق رابطة الأبطال الافريقية. وفي هذا السياق يؤكد محمود الورتاني أن نادي «باب سويقة» استحق التأهل إلى المربع الذهبي عن جدارة بعد أن أظهر عزيمة كبيرة في مُواجهتي رادسوسوسة علاوة على نجاعته الدفاعية والهجومية في الوقت الذي اتّسم فيه أداء النجم بالحذر أثناء لقاء الذهاب وقد حاول فريق الليلي قلب المعطيات في الشطر الثاني من «الكلاسيكو» لكن دون جدوى. النجم «خَانته» الامكانات يعتقد محمود الورتاني أن اخفاق النجم في إزاحة الترجي أعمق بكثير من الأخطاء الفنية والهفوات التكتيكية للإطار الفني للجمعية بقيادة شهاب اللّيلي. ويظنّ الورتاني أن شهاب اللّيلي «بريء» من تُهمة الفشل في تحقيق العبور بسبب توجّهاته العامّة في مواجهتي رادسوسوسة ويضيف الورتاني أن مسؤولية المدرب عن هذه العثرة القارية طفيفة أمّا الخلل الأكبر فإنه يمكن في محدودية الامكانات خاصة على المستوى الهجومي. ويواصل الورتاني شرح موقفه على النّحو التالي:» أعتقد أن النّجم الساحلي يفتقر إلى أسلحة هُجومية قوية كتلك التي بحوزة الترجي ولا اختلاف حول المؤهلات العَريضة لأمين الشرميطي لكن هذا اللاّعب لا يكون ناجعا إلاّ عندما يَتمركز خلف مهاجم من الوزن الثَقيل. ويمكن القول إن المسؤولين في «ليتوال» لم يُحسنوا التعامل مع ملف الانتدابات بدليل عدم توفير رأس حربة جيّد ومن شأنه أن يساهم في رفع طموحات النادي في هذه المسابقة القارية ومن المعلوم أن العكايشي غير مؤهل لخوض المنافسات القارية أمّا بخصوص المصري عمرو مرعي فهو كِذبة كبرى مثله مثل جزائري النادي الافريقي مختار بلخيثر». حظوظ الترجي في رابطة الأبطال في سؤال عن حظوظ الترجي في بقية المشوار القاري قال الورتاني إن الأماني مُمكنة خاصة بعد أن تحرّرت الأقدام وتخلّص سفير تونس من الضغوطات الجماهيرية الرّهيبة. ويؤكد الورتاني أن الترجي يملك جميع المُقوّمات للذهاب بعيدا في سباق رابطة الأبطال ويعتقد ضيف «الشروق» أن الفريق بحوزته «مَاكينة» هجومية لا يُستهان بها في ظل الامكانات العريضة للبلايلي والبدري والخنيسي علاوة على الدور المُؤثر للشعلالي الذي منح خط الوسط توازنا كبيرا ويعتقد الورتاني أن غيلان من اللاعبين المفاتيح في التشكيلة الترجية. ومن الناحية الدفاعية أظهر الفريق استعدادات جيّدة في مواجهتي رادسوسوسة وهو ما يدلّ على أن المنطقة الخلفية للترجي في صحّة جيّدة ويضيف الورتاني أن أداء «المنظومة» الدفاعية للفريق قابلة للتحسّن خاصة بعد أن تستعيد كل العناصر ثقتها في امكاناتها بعد أن تلقّت ضربات مُوجعة من قبل عدة جهات شكّكت في قدراتها (الذوادي والدربالي نموذجا). صورة مُخجلة بعيدا عن «التَكتيك» و»التَكنيك»، تكلّم الورتاني عن المشاهد الفَوضوية واللّوحات الهَمجية التي رافقت قمّة سوسة ويقول ضيف «الشّروق» إن تصرّفات عمّار الجمل غير لائقة وغير مُبرّرة مهما كانت الضّغوطات المسلّطة عليه والاستفزازات الصّادرة عن الخصم. ويضيف الورتاني إنّه لا اختلاف حول إدانة التصرّف السلوك المُشين للاعب النّجم الساحلي لكن من الضروري أيضا أن نتطرّق إلى الجانب «الخَفي» لهذه الحادثة بحكم أن الطّرف الثاني في العملية لا يختلف عن الجمل إلاّ في «الدّهاء». والحديث طبعا عن الشعلالي الذي «أبدع» في جَرّ مُنافسه إلى «فخّ» الاستفزاز وجعله عُرضة للعِقاب مقابل خروجه بأخفّ الأضرار (بطاقة حمراء للجمل وصفراء للشعلالي). وبناء عليه يمكن القول إنّ الجمل والشعلالي وجهان لعملة واحدة بحكم أن هذا الثنائي كَتبا نهاية مُشينة للقاء وأساء اللاعبان من حيث لا يَعلمان لصورة الكرة التونسية. احراج للصافرة التونسية عُموما نجح التحكيم الافريقي في العبور بمواجهتي الترجي والنجم إلى برّ الأمان وذلك بفضل الصافرة المُستقيمة والشخصية القوية للأثيوبي «باملاك تيسيما» والجنوب - افريقي «فيكتور غُوميز». ويذهب الورتاني أكثر من ذلك ليؤكد أن الصافرة الافريقية أحرجت نظيرتها التونسية ويتكلم الرجل كعادته دون قفازات ليقول إن الثقة مهزوزة في حكامنا خاصّة أن بعضهم مُتورّط في لعبة الحسابات والتأثير في نتائج عدة مباريات. ولا يرى الورتاني مانعا في عودة التحكيم الأجنبي لإدارة بعض المقابلات التقليدية وتلك المواجهات الحاسمة على صعيد تفادي النزول ومن المعروف أن الجامعة التونسية لكرة القدم أعلنت مؤخرا عن إبرام اتفاقية شراكة مع الشقيقة مصر وذلك بشكل يُتيح للجانبين تبادل الطّواقم التحكيمية وقد تَتّسع هذه الشراكة لتشمل دولاً أخرى من اتحاد شمال افريقيا. ويُشدّد الورتاتي في الآن ذاته على أن ظاهرة البيع والشراء لن «تَنقرض» سواء تمّ الاعتماد على صافرة تونسية أوجلب طاقم أجنبي وقديما قيل: «إلّي يسرق يغلب إلّي يحاحي». عَين على البطولة من التحكيم وهو عنصر جوهري في اللّعبة ينتقل الورتاني إلى الحديث عن منافسات البطولة بعد ثلاث جولات «مَبتورة». ويعتقد ضيفنا أن المستوى الفني لم يرتق بعد إلى المستوى المأمول حتى أنك لا تكاد تعثر على لقاء واحد يمكن الاستئناس به ك»مَرجع» تتوفّر فيه كلّ العناصر اللاّزمة من «تَكتيك» عَال وفُرجة كبيرة وحضور جماهيري مُتميّز. وفي انتظار أن تتّضح الوضعية الحقيقية ل»الرباعي الكبير» في الجولات القادمة يشير الورتاني إلى النادي البنزرتي قد يكون من الأرقام الصّعبة في النسخة الحالية من بطولتنا المحلية ويضيف الورتاني أن «قرش الشمال» أظهر استعدادات طيّبة وبوسعه أن يذهب بعيدا في السباق وربّما يكون شوكة في حلق «البيغ فور» لكن هذا لا يعني أن يتبنّى أهل الدار الرأي القائل بأن الجمعية ستلعب من أجل اللّقب بحكم أن هذا الحلم مشروع لكنه سابق لأوانه ومن المستحيل أن نحكم على فريق الوحيشي منذ البدايات حتى وإن كانت الانطلاقة مثالية. أمر خطير في موضوع مُتّصل بالبطولة المحلية والكرة التونسية عُموما يخوض الورتاني بجرأة كبيرة وليست غَريبة عنه في ملف المدربين وهو من الأمور المسكوت عنها في ساحتنا. ويؤكد الورتاني أن الساحة لم تخل من الكفاءات التي تعمل وتجتهد وتُناضل لتحقيق أحلام الجماهير الرياضية واثبات قدراتها التدريبية كما هو شأن القصري واللّيلي والغربي والمكشّر وبن يحيى لكن توجد عدة أسماء أخرى افتكّت مناصبها في دائرة الأضواء بفضل العلاقات والولاءات. ويتوغّل الورتاني أكثر في تفاصيل هذا الملف المُحرج للكثيرين ليقول بأن عدة فنيين اقتحموا الميدان بفضل المُوالاة للجامعة التي يعرف القاصي والداني أنها تتحكّم إلى حدّ ما في سوق المدربين وهذه الحقيقة بارزة للعيان ولا مجال لإنكارها لأنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. ويضيف الورتاني أن أكثر من مدرب وقع توظيفه بعد أن «طبّل» للنّظام القائم في الأستوديوهات التحليلية الإذاعية والتلفزية ويكفي أن «تمجّد» اليوم الجامعة لتظفر بمنصب والكلام للورتاني الذي يؤكد أن غالبية المدربين والمساعدين في منتخباتنا الوطنية للشبان وحتى الفريق الأول وقع تعيينهم عبر «آلية» المُحاباة لا الكفاءة وقد كانت النتيجة كما تعلمون صفعة قوية للأواسط وضربة مُوجعة للأصاغر والخوف كلّ الخوف أن يتجرّع الأولمبيون المرارة من الكأس نفسها. ويختم الورتاني كلامه عن المنتخبات بالإشارة إلى أن البنزرتي كان الأجدر بقيادة «النسور» بالنظر إلى مسيرته الثرية وأرقامه القياسية وستكون «الكَان» الامتحان الحقيقي لابن المنستير.